إلى روح الشهيد القائد: ظلمناك يا حسين

 

العلامة موسى المعافى*

كم ظلمناك!!

وكم بكل المساوئ رميناك..

وكم بالتحجر والتخلف أتهمناك!

وبصمتِنا حين استهدفتك السلطةُ الظالمة قتلناك..

ما كنتُ والله وبالله وتالله أعلمُ أنني سأكتشفُ بعد رحيلك أن حياتَنا يومها لم تكن إلا موتاً..

وأن موتَك الذي تقدمت إليه بخُطَىً ثابتة وشجاعة قلّ نظيرُها كان حياة..

لقد كنتُ هنا ثمّ رحلت..

غبتَ يا ابن بدر الدين ولك أسبابُك في الغياب!!

كنت أجهلُ تلك الأسباب!!

زهدتَ في عروض السلطة كلها.

زهدتَ في المناصب والجاه وَجميع الصفات والألقاب.

وفضَّلتَ أن ترتقيَ بنيران قاتليك شهيداً إلى الكريم الوهَّـاب..

كي لا تنحني ومن معك من المؤمنين إلا لمن ذلت له الرقابُ!

رحلت واحتفلت ويا -للخجل- احتفلت محطاتُ تلفزيوننا!!

وإذاعاتُنا وصحفنا الرسمية -آنذاك- احتفاء برحيلك أيها البطل في زمن يكاد ينضح بالجبناء!

واستمرت عجلة الحياة!!

فالشمس ما زالت تشرقُ والأيّام ما زالت تتوالى!!

والزمن لم يتوقف لحظة مذ رحلت!!.

ونحن مع قاتليك وظالميك ظللنا هنا.

نعم.. ظلَّ في الجسد دم!!

وفي القلب نبضٌ!!

وفي العمر بقية!!

أوَّاهُ.. من حياة بلا حياة وموت بلا موت!!

آهٍ لحياة عشناها بعدك بلا حياة!!

وموت اقتحمته أنت -عليك السلام- بلا موت!

فما رحلت أيها الباقي، بمشروعِك المجيد ستظلُّ بيننا ولا ولن تموت.

رحلتَ ولم ينل ذكرَك صمتٌ أَو خفوت.

رحلتَ لتجعل من رحيلك ثمناً لرحيل عهد الظلم والاستكبار المقيت الممقوت.

وَربِّ الخلق إنك لَعاشقٌ يا ابنَ بدر الدين!!.

فلا يجرؤ ابنُ أُنثى على اقتحام ما اقتحمت طائعاً راضياً مختاراً إلا عاشق لمالك يوم الدين.!!

ولرسوله الصادق المصدوق الأمين.!!

ولأئمة الهدى الأعلام من عترته -عليه وعليهم أفضل صلوات القوي المتين-.

كنتَ عاشقاً يا -حسين- المرؤةَ والوفاء.

ولو لم تكن كذلك لما أرخصت الروح والدماء.

كنت عاشقاً، وفي قانون العشق ‏لا يُقبل تيمُّمٌ ولا وضوء..

فمبلغ التقوى الغرَق.

لقد لوح قاتلوك لقامتك الشاهقة ببهرج الدنيا وسلطانها.

وبأبهة المناصب وَصَجِّها وصولجانِها.

ببريق أموالها وسحر مفاتنها وفاتنها وفتناها.

فكنت مجنوناً شأنَ العاشقين.

وغريباً شأنَ أولياء الله والصالحين.

وأبيتَ إلا الغرقَ شأنَ المتقين العارفين.

وطال بحثُنا عن سر قوتك ورباطة جأشك!!

وفرط شوقك إلى ما يراه الغافلون -أمثالي- مجهولاً.!!

ولعل أصوات جهلهم كانت تؤلمك كَثيراً كَثيراً كَثيراً..

فإلى الخير تدعوهم وإلى الشر لشخصك يدعون.

ولهم تريد السيادةَ ولكل المؤمنين، والعبودية والتبعية لك يريدون.

وقفتَ شامخاً وتَمْتَمَ حالُك وإن لم تتكلم:

ربِّ إني مسني الحب فاشهد وأنت على كُـلّ شيء شهيد أن لا شريك لحبك في ربوع قلبي..

وأن لا نورَ إلا نور هداك يعم عرض وطول دربي..

وأن لا دافعَ لما أدعوهم إليه إلا صدق اعتزازي بهم وعظيم حبي..

اللهم إن صوتي ضعيفٌ فبلِّغ عني..

اللهم إن هؤلاءِ يضعونني بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة.

اللهم هاك روحي ودمي فتقبل مني وَأكمل ما بدأت عني.

وقتلوك.

وَبلا رحمة اغتالوك.

وظن الأغبياء أنهم بما أجرموا غيَّبوك.

وَسمع الله لمن أحبه يا حسين البدر..

وكتب اللهُ أن نشهدَ يوماً يغيبُ فيه قاتلوك ويندحر بمشروعك المجيد الأشرارُ والشر..

رأيناهم زبداً يذهبُ جُفاءً ورأيناك حقاً فكراً نيراً ثميناً مكث في الأرض وبفضل الله قر.

لقد تحولت بعد رحيلك إلى قوة مهولة يستحيل معها الضعف والانكسار.

وثقافة نور غير وارد في قاموسها الاندثار.

وتحولت صرختك التي أطلقتها قدراً عتياً عاتياً يلاحق قوى الكفر والطغيان فلا مفر لأنظمتها من الزوال والاندحار.

فسلام الله عليك يوم ولدت..

وسلام الله عليك يوم إلى ربك ارتقيت..

وسلام الله عليك يوم تبعث حياً..

* عضو رابطة علماء اليمن

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com