نتائجُ الحربِ على غزّةَ ومسارُ الأحداثِ القادمة
د. عبدالله صالح صقرة
“إسرائيلُ” موعودةٌ بالزوال المحتوم والقريب جِـدًّا، وتشكيلةُ الحرب الدائرة مؤشرٌ على ذلك؛ فمجاهدو غزّة وفلسطين ليسوا وحدَهم؛ بل محورُ المقاومة والأحرار في العالم إلى جانبهم. وقد سبقت اليمنُ الجميعَ في إظهار موقفِها الصريح والقوي والشُّجَاع بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة على كيان العدوّ، ومنع السفن الإسرائيلية أَو المتجهة إلى “إسرائيل” من العبور من باب المندب في البحر الأحمر، أَو البحر العربي وخليج عدن، وتقديم الشهداء في سبيل ذلك.
وليس خافيًا إعلانُ اليمنيين المُستمرّ الاستعدادَ والجهوزية التامّة لكافّة الخيارات المحتملة في مواجهة العدوّ، بما في ذلك خيار الدخول في حربٍ مباشرةٍ ومفتوحةٍ مع التحالف الصهيو أمريكي. وما نشاهده اليوم من العمليات المتتابعة في البحرَينِ الأحمر والعربي وكذلك خليج عدن، ضد السفن الأمريكية وَالإسرائيلية أَو المتجهة إلى “إسرائيل”، يعتبر البداية فقط.
كما نرى بقيّةَ حركات محور المقاومة كُـلًّا منهم قائمٌ بدوره، وإن كان دخولُ بعضهم في الحرب دخولًا تدريجيًّا، إلا أنه سيكتمل مع الأيّام القادمة.
كما إنّ الكيانَ الصهيونيَّ ليس وحدَه؛ فأمريكا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها إلى جانبهم، ومعهم المطبِّعون من العرب ظاهرًا أَو باطنًا. لذا بات حتمًا خروجُ الحرب عن النطاق الجغرافي لغزة وفلسطين، وستشمل اليمن وإيران وَلبنان وسوريا والعراق وَالأردن وسيناء مصر وَالبحرَين الأحمر والعربي على امتدادهما؛ سعيًا من كيان العدوّ للسيطرة على ما يزعُمُ أنها حدودُ “إسرائيل” الكبرى، ومحاولة من محور الشر إخضاع القوى المناوئة له، وفي حال فشل يكون قد أخذ بسياسة “عليَّ وعلى أعدائي”، بمحاولته قلب الطاولة على الجميع.
وبالنسبة لليمن، فلقوةُ وصلابةُ وصدقُ مواقفها تجاه غزة، سواء بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة على أماكنَ حسَّاسة لدى الكيان الصهيوني، أَو ما يقومون به في البحرَينِ الأحمر والعربي وَخليج عدن، من منع السفن الإسرائيليَّة وَالأمريكيَّة والبريطانيَّة، أَو المتجهة إلى “إسرائيل” من العبور من باب المندب في البحر الأحمر أَو البحر العربي وخليج عدن، واستهدافها إذَا لم تستجب.
والذي نتج عن ذلك أن سعت قوى الاستكبار -على رأسها أمريكا وبريطانيا ومن معهم- إلى تشكيل تحالف دولي لشن حربٍ على اليمن؛ بذريعةٍ ظاهرُها حمايةُ الملاحة الدولية، وباطنُها محاولةُ حماية كيان العدوِّ؛ دعمًا له في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في غزة، إلا أنَّهم سيفشلون في ذلك فشلًا ذريعًا، وسيكون تأثير حربهم على اليمن ضعيفًا لأسباب عدّة، منها: البُعْدُ المكاني والجغرافي لليمن عن كيان العدوّ والقواعد العسكريّة الأمريكيّة في المنطقة، وبوارجها في البحر الأحمر ومياه الخليج.
ومنها: أنَّ اليمنيين ليس لديهم ما يخسرونه؛ فقد دمّـرت الحرب التي شنّتها السعوديّة وتحالفها لمدّة تسع سنوات ما لديهم من البِنَى التحتيَّة؛ فلا مطارات ولا كهربا ولا ميناء أَو نفط يستخرج.
ومنها: حساب الربح والخسارة للتحالف الذي شُكِّلَ بقيادة الولايات المتحدة الأمريكيّة؛ إذ تقدّر خسارتهم في منع تلك السفن من العبور بستة مليارات دولار لليوم الواحد فقط!! أضف إلى ذلك أنَّ ما يملكه اليمنيون من الترسانة العسكرية (الصواريخ والطائرات المسيَّرة) ذات الصنع المحلي، تكاليفها قليلة جِـدًّا؛ حَيثُ تُقدَّر تكلفة الطائرة المسيَّرة الواحدة بألف دولار، وعشرات الآلاف للصاروخ الواحد. وفي المقابل نجدُ تكلفة الصاروخ في بارجات ذلك التحالف مكلفًا جِـدًّا وبمئات الأضعَاف؛ فعملية اعتراض بوارج ما يسمى بـ “تحالف الازدهار” للصواريخ والطائرات المسيَّرة التي تُطْلَقُ من اليمن مكلف جِـدًّا، وفيه خسارةٌ باهظة.
ومنها: أنَّ شدَّةَ بأس اليمنيين وصدقَ إيمانهم وشغفَهم في محاربة التحالف الصهيو أمريكي ومن معهم؛ للدفاع عن مقدسات الأُمَّــة وقضاياها الرئيسيَّة، واستعدادهم للتضحية في الحرب بالغالي والنفيس، سيجعل العدوَّ يتراجعُ عن الإيغال في حربهم.
كُـلُّ ما أسلفناه من أحداث سينتج عنه تصعيدٌ للحرب وستُصبح حربًا إقليميَّة، تشمل محور المقاومة ومن معهم، والعدوّ الصهيو أمريكي ومن تحالف معهم.
إيران – أَيْـضاً – سيُجبرها كيان العدوّ وتحالفه على الدخول في الحرب المباشرة؛ لأَنَّهم ينظرون إليها كقائد لمحور المقاومة، وهي فعلًا كذلك. وقد قامت بدور إيجابي تُشكر عليه في دعمها غير المحدود لحركات المقاومة.
لذا فإيران لقرب موقعها الجغرافي من كيان العدوّ الصهيوني والبوارج الأمريكيّة وقواعدها العسكريّة في العراق ودول الخليج، من المتوقّع أن تتلقّى حربًا كبيرةً ومفتوحةً على كُـلّ الأصعدة، والحالُ نفسُه مع حركات المقاومة القريبة من موقع المعركة.
وفي المقابل كيان العدوّ الإسرائيلي والقواعد والبوارج الأمريكيّة وأذرعهم في المنطقة، هم الآخرون سيتلقّون حربًا موجعةً جِـدًّا ومنهكةً لهم، ستوصلهم إلى مرحلة كبيرة من الضعف.
ونظرًا لقوَّة وعظمة الموقف الذي قامت به اليمن، واحتفاظها بقوتها العسكريّة، وتزايد الزخم الشعبي للشعب اليمني المجاهد، سَيُجْمِع محور المقاومة بما في ذلك إيران على أن تَتَسلّم اليمن قيادة محور المقاومة، وسيستمر الجهاد ضد كيان العدوّ ومن تحالف معه حتى إجلاء آخر غاصب.
في خضمِّ تلك الأحداث ستكون اليمن أكثر أمنًا وتعافيًا من بقيَّة دول محور المقاومة، لما أسلفناه سابقًا؛ ولأنَّ الحرب التي شنَّها عليهم التحالف بقيادة المملكة السعوديّة، قد علَّمت اليمنيين الصبرَ والتجلُّدَ والاكتفاءَ الذاتي اقتصاديًّا وعسكريًّا، (زراعة الاحتياجات الغذائية، وصناعة الأسلحة وتأهيل المجاهدين)، وستتحوَّل اليمن إلى دار هِجرة، ووِجهةٍ لكل من ضاقت به معايشه. حينها سيُترجم فعليًّا قول النبي -صلى الله عليه وآله سلم-: ((إذا اشتدَّت الفتنُ فعليكم باليمن)).
كُـلُّ هذا وغيرُه من المتوقَّع حدوثُه في العام الحالي 2024م، والتي ستسعى أمريكا جاهدةً لتلافي سقوطها، بإطلاق آخر طلقة في جعبتها، وهو الدفعُ في الانتخابات الرئاسيَّة القادمة في نهاية العام 2024م، بشخصيَّة أكثر تطرُّفا ووقاحةً، شخصيّةٍ مليئةٍ بالحقد الأعمى -خَاصَّةً على المسلمين- كشخصية ترامب (الذي أعلن عن ترشُّحِه في الانتخابات القادمة، وقد أجرى حزبُه الانتخاباتِ بين مرشحيه في بعض الولايات؛ للوصول إلى المرشح الذي سينافس بايدن في الانتخابات القادمة؛ فكانت النتيجة فوز ترمب)؛ لذا من المتوقّع مشاركة ترامب في الانتخابات الرئاسيَّة ضد الرئيس بايدن وَفوزه فيها؛ وسيكونُ بإذن الله آخرَ رئيس للولايات المتحدة الأمريكيّة وهي متربِّعة على عرش العالم؛ لأَنَّ حدوثَ الحرب الإقليميَّة، وتضرُّرَ المصالحِ الأمريكيّة ودول الغرب في المنطقة، ومحاولةَ من الرئيس الأمريكي المنتخَبِ إنقاذَ الصهاينة، ولاتّهامهم روسيا ومن معها بالوقوف خلف إيران ومحور المقاومة، ستتطوَّرُ الحربُ من إقليميّة إلى عالميّة، محورُها أمريكا وحلفاؤها، وروسيا وحلفاؤها، وسيتم استخدامُ النووي، والذي سيسبب دمارًا هائلًا للعالم، وسيموتُ الكثيرُ من البشرية؛ بسَببِ ذلك، سينتج عن ذلك سقوط أمريكا وحلفائها من قيادة العالم، وستكون بقوة الله من أضعف الدول، وستصعد ربما الصين كقائدٍ لعالَمِ الدول غيرِ المسلمة.
عندما يصلُ العالَمُ -بقطبَيه: الشرقي والغربي- إلى مرحلة كبيرة من الضعف، سيظهر الإمامُ المهدي الموعود، من مكة المكرّمة؛ نزولًا عند رغبة وإلحاح ومبايعة علماء المسلمين المخلصين شيعة وسنة.
بعد إعلان دعوة الإمام المهدي – عليه السلام – من مكة المكرمة، ستنظم إليه الجماعات الدينيَّة المقاومة في اليمن والبلدان العربية وإيران، وستكون اليمن وقيادته الذراع الأيمن له.
وبظهور الإمام المهدي – عليه السلام – سينقطع الشّكُّ باليقين في شخصيَّته، وستتخلَّى بعضُ الفرق والمذاهب الإسلامية عن بعض معتقداتها المغلوطة في شخص الإمام المهدي – عليه السلام – تلك المعتقدات التي انبنت على أخبار غير دقيقة، وروايات تفرَّدوا بروايتها.
ومن بلاد الحرمين، سيتجه – سلامُ الله عليه – إلى فلسطين والقدس الشريف لاستكمال تحريرِها من الكيان الصهيوني الغاصب، وسيُجلى آخر غاصب على يده.
بالنسبة للدول الكفريَّة سترحِّبُ بالقائد الجديد والوحيد للبلاد الإسلاميَّة، وسيتم التعايش بين الجميع، كما تعايش النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – مع يهود المدينة، وعمل معهم الاتّفاقيّات التي نقضوها في ما بعد بخبثهم وخداعهم.
عند ذلك ستقوم دولةُ الإسلام كما كانت على عهد النبي محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وسينعم الجميع بالسلام والرخاء، وستنتشر الشريعة الإسلاميّة الصافية النقيَّة في كافَّة أنحاء المعمورة.
وفي قيامه – سلام الله عليه – وتمكين الله له، ربط ماضي الأُمَّــة بحاضرها من إقامة الدليل لكل ذي بصيرة بأنه لا يصلح لقيادة الأُمَّــة الإسلاميّة سوى أهل البيت – سلام الله عليهم – ففي قيادتهم والتسليم لهم عزة ورفعة وصلاح الأُمَّــة.
اللهم اكتب لنا نصيبًا ومشاركةً في الجِهاد ضد الكيان الغاصب وتحالفه من قوى الاستكبار، عدوّك وعدوّنا وعدو الإنسانيّة جمعا، واجعلنا من مناصِري وليك مهدي الأُمَّــة لرفع راية الإسلام والإنسانيّة والحق والعدل والإنصاف، وتجاوز عنّا ما مضى، وثبِّتنا في ما بقي من أعمارنا، واختم أعمارنا يا الله بالسعادة والشهادة في تلك المجرَيات، وامنحنا الحسنى وزيادة بحولك وقوتك يا كريم، أمين اللهم أمين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.