اليمن.. يوسُفُ العرب بل العالم بأكمله
وفاء الكبسي
اليمن تلك الجميلة كـ يوسف عليه السلام جمالًا أخّاذا ًوحسنًا باهرًا لا يشبهها أي جمال، تلك المعطاءة التي لا مثيل لها فهي كالقمر بين جميع الدول العربية، بما أعطاها الله من مقومات جمالية وقوة تاريخية وحضارية وقوة بشرية من رجال عظماء هم أصل العرب بشهامتهم ونخوتهم وعروبتهم ورجولتهم وقوتهم وبأسهم فقد وصفهم الله تعالى قائلًا:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
ولكن رُغم ذلك عاداها إخوتها العرب وتخلوا عنها وسعوا للتخلص منها وألقوها في بئر العدوان والحرمان والمعاناة والقتل والتدمير والحصار، فالمتأمل للعدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الذي تعرضت له اليمن على مدى تسع سنوات من تحالف ماكر آثم فعلوا فيه ما يفعله اليوم الاحتلال الإسرائيلي بغزة من قتل وتدمير وحصار وتجويع، فلا أقول إلا وا أسفاه على اليمن يوسف العرب كيف تكالب إخوتها عليها فقتلوا أبناءها ودمّـروا وخربوا بنيتها التحتية نيابة عن واشنطن وتل أبيب، وهدموا كُـلّ شيء فلم يبقوا ولم يذروا وحتى الموتى في قبورهم لم يسلموا، فهذا العدوان الغاشم أمات أبنائها قتلا وجوعا وأذهب مالها ونشر الأمراض فيها حتى خارت قواها، إلا أنها وقفت صابرة محتسبة رُغم وجعها ومعاناتها الجسيمة وتخلي إخوتها عنها، فلم يكن لدماء وأشلاء نسائها وأطفالها ومعاناتها وتجويعها وخرابها أي بواكي، وكأنها نسية منسية تعاني الأمرين إلا أنها ظلت عزيزة آبية صامدة لم تنتظر أحد ليخرجها من جب تحالف الأعراب؛ لأَنَّها وقفت معتمدة على الله متوكلة عليه بما يحمله رجالها من ثقافة قرآنية وإيمان جبار وإرادَة فولاذية وقيادة ربانية حكيمة جعلته يقف بوجه أعتى وأشرس قوى العالم صلافة وهيمنة كأمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول التابعة لتحالف الشر والبغي والطغيان وما يملكونه من إمْكَانيات وأسلحة فتاكة متطورة وعتاد ومجاميع كبيرة من المرتزِقة وشذاذ الآفاق، فالشعب اليمني وثب من تحت الركام كوثوب الأسد الجريح ولملم جراحه وصنع من معاناته وآلامه أسلحة فتاكة وصواريخ بعيدة المدى تصل إلى تل أبيب في فلسطين المحتلّة وطائرات مسيرة متطورة فكانت له قوة عسكرية جوية وبحرية وبرية أذهلت العدوّ وأرعبته.
يوسف العرب (اليمن) خرجت من محنتها ونهضت برغم ما فيها لتكون عزيزة العرب بل العالم بأكمله، فحملت هم الأُمَّــة الإسلامية في زمن الخذلان والقهر العربي، فوقفت بكل عنفوان وزخم متصاعد متضامنة مع غزة الأبية وما تتعرض له من حرب إبادة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في معركة الأُمَّــة معركة الأحرار معركة “طُـوفان الأقصى”، فاتخذت كُـلّ ألوان التفاعل عبر تظاهرات (مليونية) كُـلّ جمعة في ميدان السبعين بكل عنفوان وزخم عكس الحالة القائمة لدى اليمنيين بأنه لا وهن ولا ضعف ولا انكسار في الوقوف مع إخوتهم في غزة مهما طال واستمر أمد العدوان الإسرائيلي وحصاره، والتحموا مع قيادتهم الحكيمة وقواتهم المسلحة التي ضربت العمق الإسرائيلي في إيلات في فلسطين المحتلّة بمختلف الصواريخ بعيدة المدى وأوقفوا عبور السفن الإسرائيلية أَو الداعمة لها من عبور البحر الأحمر، بل استمر التصعيد مقابل ما فعلته أمريكا وبريطانيا من تحالف عدوان ضرب معظم المحافظات اليمنية، ورطت سفنها هي والبريطاني وأدخلتها في دائرة المنع والتصدي فتم استهداف سفنهم ومدمّـراتهم كحق شرعي في الدفاع عن انتهاكهم لسيادة وكرامة بلادنا، فالمجازر الصهيونية بحق أهلنا في غزة حتمت علينا كشعب يمني حر أبي صامد الوقوف إلى جانبهم ونصرتهم على كُـلّ المستويات بالمال والأرواح حتى امتزج الدم الفلسطيني بالدم اليمني، فكان لنا صيحة وجولة بالبحر وصيحة بميدان السبعين أذلت “إسرائيل” وأمريكا.
خرجت اليمن من منحتها عزيزة قوية منتصرة علمت الشعوب العربية درسًا في الترابط الأخوي بين أبناء الأُمَّــة الإسلامية، ورسخت الثقة بأن الأُمَّــة قادرة على مواجهة العدوان والطغيان متى ما امتلكت الإيمان القوي الراسخ والقيادة الربانية الحكيمة المتمثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي-يحفظه الله، والإرادَة والعزيمة، وبأن أمريكا ما هي قشة ضعيفة أوهن من بيت العنكبوت، وكما مكَّنَ اللهُ ليوسف الأرض سيمكِّنُ الله ليمن الإيمان والحكمة النصر والتمكين والغلبة وهذا يقيننا والله غالب على أمره.