اليمنُ في مواجهة أمريكا.. وفاء بالعهد لغزة

 

دينا الرميمة

تتوالى عمليات القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزة إلى الحد الذي كادت بياناتها تتلى بشكلٍ يومي سواءً التي تأتي في إطار حصار الكيان الصهيوني باستهداف السفن المرتبطة به أَو بالعمليات العسكرية التي تستهدف عمق فلسطين المحتلّة، في ظل ردود فعل متباينة من هذه العمليات بين أغلبية مؤيدة لها وَأُخرى ساخطة تأتي من المتصهينين الذين تفز قلوبهم خوفاً من وَعلى الكيان الصهيوني.

وأما القسم الأخير فهم المتخوفون من أن تتسبب في اندلاع حرب إقليمية، لا سيَّما أن أمريكا قد أتت بقضها وقضيضها للذود عن “إسرائيل” تحت ذريعة حماية الملاحة البحرية!! والجميع هنا يتساءل حول سبب استماتة اليمنيون في مساندة غزة وعن سر تلك الجرأة التي جعلتهم يقفون بوجه أمريكا غير آبهين بغضبها الذي ثار عليهم قصفاً وَتهديداً بتهمة الإرهاب؟

ثمة من يعزي السبب إلى كون اليمن لسنوات تسع عاشت نفس الحرب والمعركة مع نفس العدوّ وإن كان المنفذ عربيًّا شقيقًا.

حيث والمشاهد التي تأتي من غزة لطالما عاش اليمنيون مثلها على أرضهم التي تلقفت أكثر من ثلاثمِئة ألف غارة حصدت عشرات الآلاف من الشهداء، مشاهد الأُمهات والآباء الواقفين على أشلاء أطفالهم، أطفال من تحت الركام، وآخرين حملوا لقب الناجي الوحيد بعد استهداف كامل أسرهم، مشاهد الواقفين على أطلال منازل دفنت تحتها ذكريات وَأحلام، أصوات الأمعاء الخاوية وصوت الأنين المسموع من مشافي تفتقر لأبسط العلاجات نتيجة الحصار.

خذلان قاتل وصمت على مشاهد تجوب العالم جريحة على وسائل الإعلام ولا تعود إلا ببعض إدانات قد لا تخلو من تحميل اللائمة على المقاتل المدافع عن كرامة أرضه وشعبه ومقدسات أصبح لها طوفان لم يكن ليندلع لو لم تكن قيود الأسر تكبلها وَأرض تطالها الأذية وعمليات الاستيطان وَالتهويد، أضف إلى صور المعارك التي يسطرها مقاومون بأسلحتهم البسيطة وصفت عملياتهم بالإرهابية!!

وربما هم محقون فقد تكون مشاهد القتل والدمار استفزت اليمنيون التي يوماً ما عاشوا ما يشبهها مع نفس المعتدي الآثم فانطلقوا غيرةً على الدم العربي الذي هان على كثير ممن اعتبروا الصهاينة وأمريكا قوةً من الصعب التصدي لها أَو الوقوف بوجهها، إلا أن هذا ليس سبباً وحيداً لعمليات الدعم لغزة التي جعلت اليمن في طور جديدٍ، وهو عدوان أمريكا وبريطانيا على أطلال حرب لم تنتهِ بعد، بل إن السبب الأول كما وضحه السيد القائد “عبد الملك الحوثي” يأتي من باب الواجب الديني والقومي والأخلاقي وَالإنساني خَاصَّةً وأن المعتدي على غزة هو محتلّ صهيوني من الإثم السكوت عن جرائمه، لا سيَّما وَاليمنيون لطالما تمنوا أن يكونوا شركاء التحرير للقدس وَفلسطين التي هي قضيتهم الأولى وَأعلنوا منذ زمن أن الحرب عليهم لا تقف عند حدود اليمن وإنما حدودها فلسطين من البحر والنهر!!

وهذا ما أحياه فيهم الشهيد القائد “حسين بدر الدين الحوثي” بمشروعه القرآني التصحيحي النهضوي، وما أحدثه فيهم من ثورة وعي أعلنوا فيها الحرب على أمريكا والصهيونية منذ زمن عبر شعار الصرخة المناهضة لمشاريعهم الاحتلالية!!

وخلصهم من الإرهاب الأمريكي الذي ما زال الكثير مصابًا به، لذلك عندما تحين مشيئة المؤمنين الذين لا يخافون في الله لومة لائم حينها لا تستطيع أية قوة في الأرض مهما بلغت أن تقف أمامهم، ولا أن تؤخر موعد قضائهم بالقصاص العادل من أُولئك الطغاة المتجبرين، الذين نصبوا أنفسهم الرب الأعلى الذي لا يُعصى له أمر ولا يَرِد بشر قدره اللعين إلا من كانت قوة الله هي محور تحَرّكهم واثقين بنصره، فأصحبوا بنظر أمريكا هم الإرهابيون الذين لم يخفهم مكرها فأرهبوها بقوة الله وقزموا حجمها الوهمي ليعود إلى حجمه الأصلي الهش أمام إرادَة رجال الله حين استجابوا لقول ربهم العزيز (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).

وبالتالي فَــإنَّ أمريكا اليوم تعيش حرباً تحاول بها استرداد هيبتها التي داس عليها هؤلاء الذين لا يرونها إلا قشة سواءً في اليمن أَو لبنان والعراق وسوريا!!

وكما قال السيد القائد في خطابه الأخير: (مهما بلغ حجم العـدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، على العدوّ الإسرائيلي أن ييأس من مرور سفنه).

والسؤال الذي يطرح نفسه أليس قرار وقف الحرب على غزة هو الحل الأمثل لأمريكا لحفظ ما تبقى من كرامتها التي بات حتى الصهاينة أنفسهم يتطاولون عليها؟

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com