التواجدُ العسكري الأمريكي في البحر الأحمر يخدم “إسرائيل” ويهدّدُ الملاحة الدولية
محمد علي الحريشي
تدفعُ الإدارة الأمريكية بمزيد من السفن والبوارج الحربية في البحر الأحمر وخليج عدن خَاصَّة بعد عملية “طُـوفان الأقصى”، التواجد العسكري الأمريكي في البحر الأحمر وخليج عدن لم يكن وليد لحظة انطلاق عملية “طُـوفان الأقصى” في السابع من أُكتوبر الماضي، بل موجود في المنطقة منذ عقود، ومرتبط بسياسات الهيمنة الأمريكية على البحار والمضائق البحرية، يشكل البحر الأحمر الهاجس الأمني الكبير للكيان الصهيوني المحتلّ منذ قيام دولة “إسرائيل” على أرض فلسطين العربية عام 1948 أدلى ديفيد بن غوريون وهو أول رئيس وزراء صهيوني بتصريحات يرسم فيها سيطرة الدولة اليهودية على البحر الأحمر بقوله عندما يصبح البحر الأحمر بحراً يهودياً تمخر فيه البواخر اليهودية دون أن تجد عوائق، وعلى هذه الرغبة عملت على تحقيق حلمها في السيطرة على البحر الأحمر بوسائل متعددة، منها بناء قوة بحرية تشمل غواصات وسفن حربية ونشرها في مياه البحر الأحمر واستئجار جزر أريتيرية بالقرب من باب المندب وبناء قواعد عسكريّة عليها ومراكز تجسس مثل جزيرتي دهلك، وفاطمة، عملت أمريكا على مزيد من السيطرة على البحر الأحمر، استغلت ظاهرة القرصنة الصومالية في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر أثناء الحرب الأهلية الصومالية، كونت تحالفاً بحرياً في البحر الأحمر تحت مبرّرات مكافحة القرصنة وحماية الشحن الدولي، لكن الأهداف الحقيقية هي سيطرتها على البحر الأحمر وحماية الكيان الصهيوني، المرحلة الثانية من التواجد الأمريكي في البحر الأحمر تحت مبرّرات مكافحة إرهاب تنظيم القاعدة، المرحلة الثالثة تزامنت مع بدء تحالف العدوان على اليمن، مارست أمريكا الخداع في سيطرتها على مياه البحر الأحمر وخليج عدن وحتى يكون لوجودها العسكري شرعية دولية عملت على استخراج قرار من مجلس الأمن الدولي ضد اليمن، قرار رقم« 2022» الذي صدر تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، القرار فرض حضراً على دخول السلاح إلى اليمن، كونت تحالفاً عسكريًّا بحرياً أمريكياً غربياً في البحر الأحمر ضد اليمن بدواعي تفتيش السفن التي تدخل الموانئ اليمنية، نشرت الدعاية الإعلامية الأمريكية أن إيران تهرب السلاح إلى الحوثيين، تلك الدعايات الإعلامية الهدف منها تواجد مزيد من القطع البحرية الأمريكية في المنطقة وتشديد الحصار على الموانئ اليمنية، في بداية العدوان على اليمن أدلى رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتلّ «بنيامين ناتنياهو» بتصريحات إعلامية حذر فيها من سيطرة من سماهم بالحوثيين على باب المندب، الذي يشكل تهديداً خطيراً على أمن “إسرائيل”، بعد عملية “طُـوفان الأقصى” وثبات أبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتسجيلهم ملاحم تاريخية ضد جنود الاحتلال الصهيوني رغم المجازر وقصف الأحزمة النارية التي تعرضت لها مدن وأحياء غزة والحصار الشديد، رغم كُـلّ تلك المآسي، ثبت أبطال المقاومة في غزة ولقنوا الجيش الصهيوني الدروس في الشجاعة والصبر، تدخل اليمن عندما صمت العالم أمام الجرائم الصهيونية، تدخل إلى جانب المقاومة الفلسطينية.
لم تتوقع أمريكَا وبريطانيا بل العالم أجمع أن يتدخل اليمن مع المقاومة الفلسطينية بذلك الزخم والشجاعة، عندما وصلت الصواريخ اليمنية والطائرات المسيَّرة إلى ميناء إيلات وعندما فرض اليمن سيطرة عسكرية على باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن وفرض حصاراً بحرياً على السفن التجارية المتجهة إلى موانئ العدوّ الصهيوني، ذلك التطور العسكري الذي وصل إليه اليمن غير موازين القوى وأفشل المخطّطات الأمريكيّة والإسرائيلية في القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير سكان غزة وإنهاء القضية الفلسطينية، التي كان سينتج عنها فرض المشاريع الإبراهيمية في المنطقة واستكمال مشاريع التطبيع ومحاصرة قوى محور المقاومة وفرض سيطرة كلية على منطقة الشرق الأوسط، كُـلّ ذلك كان لليمن دور كَبير في إفشاله، وحتى تحافظ على سمعتها وتحافظ على تماسك كيانها المحتلّ من الانهيار والهزيمة لجأت أمريكا إلى إنهاء مسببات ذلك الفشل الذي لحق بها وبكيانها المحتلّ، الذي يتمثل بالمواقف اليمنية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، الأهداف الأمريكية هي إنهاء الحصار البحري على “إسرائيل” وتدمير قدرات اليمن العسكرية، لجأت أمريكا إلى تكوين تحالف عسكري بحري دولي، تحت مسمى حارس الازدهار لحماية سلاسل الإمدَاد التجاري عبر البحر الأحمر، الأهداف هي حماية التجارة الصهيونية وإنهاء المواقف اليمنية المساندة للمقاومة الفلسطينية، هناك محاولات أمريكية وبريطانية لفك الحصار الاقتصادي عن الكيان الصهيوني، يدفعها اللوبي اليهودي الصهيوني الذي يتحكم بصناعة القرار داخل الإدارة الأمريكية ويوجهه لصالح “إسرائيل”، اللوبي اليهودي الصهيوني الذي يتحكم بمجريات الانتخابات داخل أمريكا ويضع الشروط لمن يصعد من الرؤساء وأعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي إلى مواقع السلطة مقابل الالتزام بحماية دولة “إسرائيل”، وتوفير الأمن لها، اليوم أمريكا تغامر بعسكرة البحر الأحمر والتأثير على أمن الملاحة الدولية وتضرر مصالح العالم لكي تحمي “إسرائيل” وتفك حصارها، الإدارة الأمريكية تقدم على تلك المغامرة الخطيرة استجابة لرغبات اللوبي اليهودي الصهيوني الذي يهمه “إسرائيل” وأمنها واستمرار جرائمها ومجازرها في قطاع غزة، ولا يهمه أن تتورط أمريكا في حرب بحرية خاسرة أمام اليمن الذي عقد العزم والتصميم لرفع معاناة الشعب الفلسطيني ووقف العدوان عليه ورفع الحصار عنه، ولن يتراجع عن تلك المواقف، أمريكا وبريطانيا تمضيان في طريقهما لعسكرة البحر الأحمر وتصعيد المواقف العسكرية ضد اليمن وَتهديد أمن الملاحة البحرية، ذلك ما يريده اللوبي اليهودي الصهيوني داخل أمريكا ويدفع به نحو الواجهة، همه مصلحة الكيان الصهيوني قبل كُـلّ شيء.