أمريكا بين العجز والهروب من المواجهة
حسام باشا
من المعلوم للجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل جهوداً مستميتة لحماية حليفتها “إسرائيل” من الرد اليمني القوي على العدوان الصهيوني على غزة، وأنها تحاول بكل الوسائل تقويض دور صنعاء البطولي والمشرف عن التضامن العملي مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولكنها تواجه عقبة كبيرة في تنفيذ مخطّطاتها، تتمثل في عزيمة الشعب اليمني الصلبة والمنيعة، وقدراته العسكرية الفائقة في المواجهة البرية والبحرية.
الشعب اليمني لم يتردّد في الرد على الغارات الأمريكية والبريطانية على أراضيه، ولم يخش في الدفاع عن حقه وحريته وسيادته، ولم يتوان في دعم إخوانه في غزة، ولم ينسَ الانتقامَ من العدوّ الصهيوني؛ فقد أظهر بأنه شعب لا يقهر ولا يستسلم، وأنه شعب يملك الإرادَة والشجاعة والقوة والإيمان لمواجهة كُـلّ الصعاب والتحديات.
ومن هنا نرى أن الولايات المتحدة تدرك جيِّدًا أنها لا تستطيع الدخول في حرب برية مباشرة مع الشعب اليمني؛ فهي تعلم أنها ستواجه مقاومة شرسة وضربات موجعة؛ فالشعب الذي أبهر العالم بإنجازاته العسكرية، وأذل الأعداء بضرباته الدقيقة والموجعة، وأثار الإعجاب بصموده وتحديه وتضحيته، استطاع رغم الغارات الأمريكية والبريطانية أن يشلَّ حركةَ الملاحة البحرية الإسرائيلية في ميناء أُمِّ الرَّشراش، وأن يرد على الغارات العدوانية التي استهدفته، باستهداف القطع البحرية الأمريكية والبريطانية، رغم كُـلّ محاولات التمويه، بصواريخ مناسبة محلية الصنع.
ولهذا وأمام ذلك الفشل الأمريكي قد يلجأ عجوز البيت الأبيض إلى استراتيجية الاستعانة بالوكلاء وتحريك المرتزِقة والأدوات الرخيصة، في محاولة لتحويل الصراع مع إسرائيل في البحر الأحمر إلى صراع داخلي في اليمن.
هذه الاستراتيجية لن يكون مصيرها سوى الفشل والخيبة، فهي تعكس حالة الخوف والهروب الأمريكي من المواجهة المباشرة مع الشعب اليمني الذي أثبت قدرته وصموده وإرادته في الدفاع عن سيادته واستقلاله وكرامته، وبأنه شعب مقاتل بالفطرة، ومسلح بالحق والحقيقة والإيمان، وجاهز معنوياً ونفسياً وعسكريًّا للتصدي لأي تهديد أَو تَحَــدٍّ يواجهه، وبأنه إلى جانب ما يتمتع به من وحدة وتلاحم وتكاتف في صفوفه، فَــإنَّه يتبنى موقفاً جاداً وحازماً ومسؤولاً تجاه القضية الفلسطينية.
وينظر شعب اليمن إلى الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيَّرة التي تطلقها القوات المسلحة على مواقع العدوّ الصهيوني وأهدافه الحيوية والاستراتيجية في أم الرشاش، وإلى قرار منع السفن المرتبطة بالكيان من الملاحة البحرية في البحرين الأحمر والعربي، كتعبير عن قوته وعزيمته وإرادته في الانتصار لشعب فلسطين المظلوم.
هذه الصواريخ والمسيَّرات في عملياتها النوعية، والتي تجاوزت أحدث تقنيات الغرب العسكرية، وأصابت أهدافها بدقة، رغم أنف الولايات المتحدة وحلفائها، ترسل رسالة واضحة إلى البيت الأبيض بأن الشعب اليمني لن يستسلم أَو يتنازل عن نصرة إخوانه في قطاع غزة، وتثبت أَيْـضاً أن شعب اليمن يملك القدرة والمهارة والابتكار في تطوير وصناعة واستخدام السلاح الذي يحتاجه للدفاع عن نفسه.
ولو كانت حال شعب اليمن ضعيفاً أَو متفرقاً أَو مستسلماً أَو متخاذلاً، ومختلفًا عما هو عليه اليوم، لكان رد الولايات المتحدة مختلفاً عما يجري، بل لكان لها أن ترسلَ جيشها إلى الميدان ليقاتل ويحتل ويسيطر على اليمن وثرواته وموقعه الجغرافي والاستراتيجي، ولكنها تعلم جيِّدًا أن الشعب اليمني ليس شعباً عادياً، وأنه لن يقبل بأن يكون مُجَـرّد دمية أَو عبد أَو مستعمر في يدها أَو أية قوة أُخرى؛ وهذا ما أكّـد عليه السيد القائد -يحفظه الله- في خطابه الأخير.
لذلك، فَــإنَّ السياسة الأمريكية في مواجهة اليمن عسكريًّا تظهر بوضوح أنها سياسة فاشلة ومنهارة، لا تستطيع مواجهة إرادَة الشعب اليمني الذي يقود ويحدّد مسار التغيير في أمته.
وهكذا، تصبح كُـلّ محاولات البيت الأبيض الرامية إلى تقويض دور صنعاء عن نصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة كالنار التي تأكل نفسها، أَو كالريح التي تذروها العاصفة.