المقاومةُ الإسلامية في لبنان تصعِّــدُ من وتيرة الاستهداف للعدو إسناداً لغزة
المسيرة | خاص
شكّلت الجبهةُ اللبنانيةُ والاشتباكُ القائمُ فيها بين المقاومة الإسلامية وجيش العدوّ “الإسرائيلي”، انعطافاً كَبيراً في الأحداث التي تلت معركة (طُـوفان الأقصى) في الـ7 من أُكتوبر؛ إذ أظهر الاشتباك القائم تفوقاً لبنانياً على الكيان في عملية إدارته وفي النتائج الحاصلة والتي لها تأثير استراتيجي أكثر مما هو تكتيكي؛ فكما هي عملية نصرة وإسناداً لغزة ومقاومتها، هي في ذات الوقت عملية وقائية ضرورية استباقاً لأية نوايا عدوانية وتمهيداً للدفاع في حال حصول مواجهة من خلال منع الجيش الاحتلال من اتِّخاذ تموضع مريح له على الجبهة.
في التفاصيل، تشن المقاومة الإسلامية في لبنان؛ عمليات واستهدافات لمواقع وتحَرّكات العدوّ في المناطق الحدودية، وتباعاً اتسعت رقعت الاستهدافات جغرافياً مع توسع دائرة استهدافات العدوّ “الإسرائيلي” داخل لبنان، غير أن الفارق بين المقاومة في لبنان وجيش الاحتلال، أن الأولى ذات طابع سري في تحَرّكاتها وأماكن تواجدها بمواقعها ومعداتها عكس ما هو عليه جيش العدوّ “الإسرائيلي” الذي يعد جيشاً كلاسيكياً.
وبالتالي وكما يرى مراقبون، فَــإنَّ كُـلّ مواقعه وتجهيزاته مكشوفة، وأغلب تحَرّكات جنوده أَيْـضاً علنية؛ لذا فَــإنَّ عنصر السرية الذي يعد أَسَاس المقاومة اللبنانية، جعل المقاومة في موقع متقدم من القتال لناحية القدرة على إصابة الأهداف بشكل دقيق والقدرة على نقل الصورة بشكل واضح، بينما على الجانب “الإسرائيلي”، فَــإنَّ العدوّ واجه تعقيداً لناحية تحقيق أهداف عسكرية ضمن الأراضي اللبنانية الحدودية؛ إذ إن القصف الذي شنّه أسفر عن وقوع شهداء لحزب الله لكن بالمقارنة مع عمليات المقاومة المُستهدفة لتجمعات العدوّ وتحَرّكات آلياته، رغم عدم إفصاح العدوّ عن عدد رسمي لقتلاه، فَــإنَّ الحسابات المنطقية تشير إلى أن حجمَ الخسائر البشرية لدى العدوّ مضاعَفةٌ عَمَّا سقط للمقاومة من شهداء وجرحى.
على صعيد البنية التحتية للمقاومة، فَــإنَّ الإعلام “الإسرائيلي” وما يصدر عن الناطق الرسمي للجيش، يشيران دائماً إلى أن طائراتِ العدوّ استهدفت بنىً تحتيةً لحزب الله في الجنوب وتحديداً في المناطق الحدودية، إلا أن هذه البيانات تبقى فاقدة للمصداقية؛ نتيجةَ عدم وجود أدلة كتقنيات التصوير التي تظهر ذلك، وأن عمليات المقاومة لا تزال جارية بل وتتصاعد.
في المقابل تعرض المقاومة الإسلامية في لبنان، الكثيرَ من اللقطات المصورة التي تظهر استهداف المواقع “الإسرائيلية” بأجهزتها خَاصَّة المتعلقة بالرصد وجمع المعلومات، بل وتقوم بتنويع المواقع المستهدفة والتي كان آخرها عرض توثيقي حمل عنوان “العملية رقم 1000″، لمشاهد من استهداف ثكنة “كِيلع” التابعة لجيش العدوّ “الإسرائيلي” في الجولان السوري المحتلّ.
وأكّـدت المقاومة، في بيانٍ مقتضب، أنّ هذه العملية جاءت دعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته، وهذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها المقاومة ثكنة “كيلع” الإسرائيلية، منذ اندلاع المواجهات عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية، منذ الـ8 من أُكتوبر الماضي.
وبالتزامن مع ذلك، أكّـدت وسائل إعلام “إسرائيلية” أنّه جرى إطلاق 60 صاروخاً على الأقل من لبنان، نحو مستوطنة “كريات شمونة” ومستوطنات أُخرى في المنطقة الشمالية (شمالي فلسطين المحتلّة).
بدوره، تحدّث الإعلام “الإسرائيلي” عن إطلاق نحو 40 صاروخاً في الصلية، التي استهدفت القاعدة العسكرية، شمالي الجولان، مشدّدًا على أنّ وابلَ الصواريخ، الذي أطلق من لبنان، الجمعة، “لم تشهده “إسرائيل” منذ عام 2006″، بينما وصف مستوطنون القصف بأنه “جنوني وغير مسبوق”، ولفت، إلى تزايد قلق مستوطني الشمال من العودة إلى بيوتهم، وعن الاتّهامات التي يُطلقونها في وجه حكومة الاحتلال مُتهمين إياها بالتخلي عنهم.
بدوره، قال رئيس بلدية مستوطنة “المطلة”، السبت: إنّ “80 ألف نازح بعيدون عن بيوتهم على مدى 4 أشهر من دون أي أفق للعودة”.
أضف إلى ذلك، توثيق استهداف قاعدة “ميرون” والتي عُدَّ استهدافها ضربةً نوعية أظهرت ما في جعبة المقاومة من أسلحة وقدرة على تحقيق الإصابة؛ ونتيجة ذلك كله أمسى العدوّ “الإسرائيلي” في حالة من العماء النسبي نتيجة الاستهداف المتكرّر لأجهزة الرصد والمراقبة والمعلوماتية.
ظهر السبت، أكّـدت المقاومة الإسلامية في لبنان، أنّ مجاهديها استهدفوا ثكنة “برانيت” “الإسرائيلية” بالأسلحة الصاروخية، وقالت وسائل إعلام “إسرائيلية”: “إنّ صفارات الإنذار دوّت في الشمال؛ بسَببِ خشية من تسلل طائرة “معادية”، وتابعت، أنّ “طائرة مسيرة معادية اخترقت الأجواء الإسرائيلية، ودوّت صفارات الإنذار في كُـلٍّ من: جونن وكفار بلوم وكفار سالد ولهفوت هباشان ونؤوت مردخاي وعمير وسديه ناحميه وشمير”.
وظهر السبت، أفادت مصادرُ ميدانية جنوبي لبنان، بأنّ مُسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارةً في بلدة جدرا، شمالي مدينة صيدا اللبنانية، وقالت المصادر: إنّ “شخصية فلسطينية نجت من الاستهداف الإسرائيلي في جدرا شمالي صيدا اللبنانية. كما أشار إلى أنّ شهيدين ارتقيا باستهداف المُسيّرة الإسرائيلية لسيارة في ساحة بلدة جدرا”، وأضافت، أنّ “تحليقاً مُكثّـفاً للطائرات الإسرائيلية سبق عملية الاعتداء بالمسيّرة على بلدة جدرا”.
ومساءً، أعلنت المقاومةُ سيطرة مجاهديها على مسيّرة للاحتلال “الإسرائيلي” من نوع “سكاي لارك”، مشيرةً إلى أنّها بحالة فنية جيدة، كما أفادت المقاومة باستهداف مجاهديها موقع “جل العلام” الإسرائيلي، بالأسلحة الصاروخية، مؤكّـدةً إصابته إصابة مباشرة، وأفَادت مصادر محلية بانطلاق صلية صواريخ جديدة مكثّـفة في اتّجاه إصبع الجليل، وَأَيْـضاً في اتّجاه الجليل الغربي.
بحسب مراقبين فَــإنَّ هذه القدرات التي أظهرتها المقاومة في لبنان، وضعت العدوّ أمام واقع صعب؛ إذ بات قرار الحرب على لبنان معقَّداً؛ نتيجة العديد من العوامل وأبرزها التطور النوعي في قدرات المقاومة الهجومية، التي حقّقت “تشتيت قوة الجيش الإسرائيلي المُركزة على قطاع غزة”، وقضم الردع “الإسرائيلي”، كما أسهم في تحقيق التفوق العسكري للمقاومة في حرب الأدمغة والمعلومات، وتحقيق معضلة شديدة للعدو تتمثل في إخلاء مستوطنات الشمال من المستوطنين، وما ترتب عن ذلك من تبعات اقتصادية كبيرة.