المقاومةُ تستنزفُ العدوَّ “الإسرائيلي” مادياً ومعنوياً وتمنعُه من اجتياز الخطوط التي تعتبرُها حَـدًّا نهائيًّا

فيما يدّعي الانتصارَ عليها ويهدّدُ باجتياح رفح..

 

المسيرة | خاص

خلالَ الأيّام القليلة الماضية، ارتفعت وتيرةُ التهديد “الإسرائيلي”، والمتمثلة باستعداد قواته شن عملية عسكرية واسعة هدفها اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، وتدمير المقاومة هناك، بعد أن اجتهدت وسائل إعلامه ودعايته في الترويج لواقعية الانتصار على المقاومة وتدميرها في المناطق التي سيطر عليها سابقًا، وما رافق تلك التصريحات من تهويل وضغط وحرب نفسية؛ عكستها ردود أفعال ومواقف أممية وإقليمية وعالمية، أظهرت -بحسب مراقبين- النوايا الخفية وراء هذه السردية المشبوهة والمبالَغ فيها.

إذ تؤكّـد المعطيات والشواهد أنهُ وبعد مضي 136 يوماً على معركة (طُـوفان الأقصى)، و116 يوماً على عملية الغزو البري لقوات العدوّ “الإسرائيلي”، يتأكّـد للجميع أن هذه القوات لا تزال حتى لحظة كتابة هذا التقرير غارقة في مستنقع الهزائم والاستهداف في عدة مناطق ومحاور القتال والاشتباك من قطاع غزة.

وبحسب مراقبين، فكل المؤشرات المتدفقة من وسائل إعلام العدوّ نفسه، تؤكّـد معطياتها أن طاقة (الفرقة 98)، على القتال باتت قاب قوسين أَو أدنى من النفاد، فبعد فشل أكثر من 10 محاولات للخرق أَو التقدم غرب مدينة خان يونس فقط خلال الـ48 الساعة الماضية، بدأ القتال الفعال يتراجع ليخلي مكانه لمناورات هجومية أشبه ما تكون بعمليات استطلاع بالقوة باستعدادات كبيرة لمدينة خان يونس، والأمر ينسحب كذلك على بقية المحاور.

وفيما تتغير خطط العدوّ الهجومية باستمرار، تكاد المحاور الشرقية للمنطقة الجنوبية شبه خالية من القوات، فَــإنَّهُ يقاتل منذ يومين للحفاظ على خط إمدَاده البري الوحيد من الشرق والذي يتفرع منه 4 خطوط إمدَاد فرعية تصل وسط بني سهيلا بمدينة خان يونس، وهو الأمر الذي يفسر إعلان كتائب الجهاد والمقاومة، استمرار تصديها لقوات الاحتلال الصهيوني المتوغلة في قطاع غزة، وتنفذ عمليات نوعية ضدها، ناهيك عن تنفيذ الرشقات الصاروخية المتنوعة، ما يعني أنها من تفرض قواعد الاشتباك في ميدان المعركة.

وفي هذا السياق، قالت كتائب القسام في بلاغٍ عسكري، الاثنين: “بعد عودتهم من خطوط القتال.. أكّـد مجاهدونا قنصَ جنديين صهيونيين والاشتباك مع قوة راجلة وإيقاعها بين قتيل وجريح في منطقة حي الأمل غرب مدينة خان يونس”، وبالتالي فَــإنَّ المعلومات التي أشار إليها كثير من المراقبين تؤكّـدُ أن العدوَّ لم يتسنَّ له تبديلُ قواته منذ ديسمبر الماضي، بينما تبدل المقاومة قواتها يوميًّا عشرات المرات ويكفي أن يقرأ المتابع؛ ترويسة بعض بيانات المقاومة التي تتحدث بشكلٍ متكرّر ويومي عن العبارات التالية: “بعد عودة مجموعاتنا من خطوط القتال أفادت بأنها نفذت كذا وكذا من العمليات”، وهذا برأي الكثير من المحللين يؤكّـد عدم صدقية العدوّ وصدق المقاومة بأنها لم تستخدم أكثر من10- 15 % من طاقتها البشرية.

وفي قراءةٍ فاحصة لبلاغٍ آخر، قالت القسام فيه: “بعد عودتهم من خطوط القتال.. أكّـد مجاهدونا استهداف قوة صهيونية راجلة مكونة من 15 ضابطاً وجندياً تحصنت داخل منزل بقذيفة “RPG” مضادة للدروع وأُخرى مضادة للأفراد”، ما يؤكّـد أَيْـضاً أن المقاومة لا تزال تقاتل في خان يونس قتالاً حضرياً بامتيَاز، أي قتال مدن يعتمد على الوحدات الصغرى ونشر عددٍ كبير من عقد القتال التي تقل عن 5 أفراد لمفاجأة العدوّ من أية جغرافية في مدينة خان يونس.

والملاحظ أن هذه المعضلة تسببت بالارتفاع الكثيف لعدد القتلى وآليات العدوّ التي دمّـرت أَو عطلت؛ إذ تسبب هذا التكتيك الذي يعتمد على الاستعدادات الصغرى بتعطيل وكبح العدوّ وإلحاق الضرر اليومي فيه حتى بات العدوّ داخل مدينة خان يونس فقط؛ يحتاج إلى تموين من الجو وبات بحاجة أَيْـضاً لتفريغ استعداد كبير لحماية خطوط إمدَاده البرية، وهو الأمر الذي لفت إليه سماحة السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، بأن المقاومة تعتمد استراتيجية تعبوية وتكتيك قتالي لا يشبه استراتيجيات وقتال الجيوش النظامية.

وبغض النظر عن خسائر العدوّ المادية والبشرية وتعدادها؛ كونها دائماً ما تكون طي الكتمان غير أن جيش العدوّ “الإسرائيلي” أقر، الاثنين، بمقتل رقيب أول خلال معارك جنوبي قطاع غزة، أمس الأول، في وقتٍ خاضت فيه المقاومة اشتباكاتٍ عنيفةً ضد قوات العدوّ المتوغلة في مدينتي غزّة وخان يونس، إذ قالت القسام في بيان لها مساء الاثنين: لقد “أكّـد مجاهدونا إيقاع أفراد القوة الصهيونية بين قتيل وجريح وسماع أصوات صراخ جنودهم بعد اشتعال النيران بهم في منطقة الحاووز غرب مدينة خان يونس”.

كما نشرت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مشاهد من استهداف مجاهديها لجنود وآليات العدوّ “الإسرائيلي” غربي مدينة غزة، كما عرضت كتائب المجاهدين، الجناح العسكري لحركة المجاهدين، بدورها؛ مشاهد من عملية تفخيخ وتفجير مجاهديها لبيت تحصَّنت فيه قوةٌ “إسرائيلية” خَاصَّة غربي حي الصبرة في مدينة غزة.

وعليه، فكتائب الجهاد والمقاومة تتفنن بتطبيق مبدأ الاقتصاد بالقوى التي تعتمد على استراتيجيةٍ من عدة نقاط في الدفاع والتعرض والمباغتة للعدو من خلال تكثيف الهجوم عليه في الحدود الأمامية ومن خلف الخطوط ومن المسافة الصفرية واعتماد الكمائن؛ بهَدفِ استنزافه مادياً ومعنوياً ولمنعه من اجتياز الخطوط التي تعتبرها المقاومة حداً نهائيًّا مسموحاً للعدو بالاقتراب منه، ناهيك عن تنفيذ ضربات نارية مركزة لحظة قيام العدوّ بفتح قواته في المحاور التي تمارس فيها جهداً رئيسياً.

في المحصلة، وعلى عكس ما تروجه وسائل الإعلام المعادية؛ يجزم مراقبون أن العدوّ “الإسرائيلي” مني بفشلٍ ذريع يضاف إلى فشله لحظة الـ7 من أُكتوبر، سواءً على مسار العمليات أَو في مسار التعبئة، وهو ما توثقه الحقائق في ميدان المعركة بمختلف جوانبها، أَيْـضاً، أَو على النحو الذي لفتت إليه قناة “كان” الإسرائيلية” بأنّ وزارة “الأمن” في حكومتها “تستعد لاستيعاب نحو 20 ألف جريح جديد في الجيش”، مؤكّـدةً أنّ “المعطيات باتت قاسية في أعقاب الحرب”، وهذا ما ينفي صدقية استعداد جيش العدوّ “الإسرائيلي” في عزمه تنفيذ عملية على مدينة رفح؛ كونه لم يخرج أَسَاساً من الورطة السابقة بتداعياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، كما أن تبعاتها قد تتجاوز إلغاء اتّفاقية “كامب ديفد” الموقعة مع مصر، إلى حربٍ إقليمية شاملة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com