من الكويت 3 (جلود الأفاعي)
حميد رزق
صنعاءُ برمزيّتها التي تعبّر عن الـيَـمَـنِ صمدتْ أَمَـامَ أَكْبَر وأوسع عُدْوَان وحصارٍ تتعرَّضُ له بلادُنا منذُ بداية التأريخ، صمدت الـيَـمَـنُ معتمدةً على الله وسواعدِ رجالها ووعي شعبها، وبمقابل الخمسة مليارات التي في البنك المركزي واجه الشعبُ الـيَـمَـني أَكْبَرَ خزينة أَمْوَال في العالم وهي المملكة السعودية التي أُنهكت وأعلنت العجزَ في ميزانيتها بعشرات المليارات..
ليصبحَ السؤالُ: كيف يصمُدُ الـيَـمَـنُ ويعيشُ الناسُ حالةَ الاستقرار المعيشي والتمويني في ظل هذا العُدْوَان الذي دمّر كُلّ ما له صلة بحياة الشعب حتى مزارع الدواجن وآبار الماء ومحطات الطاقة والكهرباء ولم يستثنِ مخازنَ الغذاءَ والمصانعَ، فضلاً عن المطارات والموانئ، بالتزامن مع حصار شامل وخانق براً وبحراً وجواً؟!.. نعم كيف صمد الـيَـمَـن أَمَـام هذا العُدْوَان؟ وهل من المعقول أن هذا التماسك وليد الصدفة أم أنه نتيجة جهود جبّارة وتضحيات جسيمة يبذلها أَبْنَاءُ شعبنا وفي طليعته أَنْصَار الله الذين لم يرتبكوا أَوْ يهنوا ويستسلموا لإرْهَاب العُدْوَان وجرائمه الوحشية؟
لا شك أن حالةَ الهدوء والأمن والاستقرار التي تشهدُها العاصمةُ صنعاءُ والمحافظات الأُخْـرَى يزعجُ العُدْوَان ويفضح شعاراتِه الكاذبة، ومن خلال اطلاعنا على سَيْر مفاوضات الكويت يتضحُ أن الأَعْــدَاءَ يتعاملون مع المفاوضات كمحطة لممارسة الضغط السياسي بعد فشلهم العسكري، وبعدَ سقوط رهاناتهم في الكويت لجأوا إلَـى أُسْلُوْب جديد وحقير من خلال التلاعب بورقة العُملة؛ من أجل خلق حالة هلع وخوف وإرباك في الجبهة الداخلية وتحريض الناس على الفوضى وتوجيه غضبهم نحو أَنْصَار الله، بما يسهل للعدو التحرُّكَ العسكري عسى أن يحقّقَ إنجازاً ظل عاجزا عنه منذُ أَكْثَر من عام..، هذه هي القصة وهذا هو الهدفُ الحقيقي من التلاعُبِ بالدولار، وهذا ما صرح به السفير الأَمريكي خلال اجتماع الوفد الوطني بسفراء الدول الـ18 في الكويت.
ما يجبُ أن يعيَه الجميعُ أن المنافقين والطابور الخامس يذرفون الدموع ويحذرون من انهيار الاقتصاد ليوفروا للعُدْوَان ورقة إضافية في سياق عُدْوَانه الشامل على الـيَـمَـن، بالإضَافَة إلَـى صرف الأنظار وتحويلها عن الاهتمام بجرائم العُدْوَان وأنها السببُ في ما يعيشُه الـيَـمَـن من ظروف صعبة.
المنافقون المأجورون هم جزءٌ من العُدْوَان وأبرز أَدَوَاته القذرة ولا يجبُ الانخداعُ بهم أَوْ الإصغاءُ لنفاقهم؛ لأنهم يذرفون الدموع ليس لأن لديهم حل أَوْ أنهم أَوْ يمتلكون رؤيةً لتحسين معيشة الناس ويوفرون السلع ويرفعون الحصار ويوقفون العُدْوَان ولكن هدفَهم هو الهدمُ والتحريض على القوى الوطنية الصامدة من أجل إسْقَاطها؛ ليتمكن العدو من احْتلَال الـيَـمَـن كاملاً وبعدها لن يكون هناك لا دولار ولا ريال ولا أمن ولا استقرار ولا أسواق ولا وظائف ولا حتى يأمن الناس على حياتهم وأعراضهم.. هذا هو مشروعُ المنافقين وهدفهم الذي يجبُ أن يعيَه الناس جيداً.
بالإضَافَة إلَـى ما سبق فإن اللعبَ بورقة الاقتصاد يكشفُ حقيقةَ أن العدوَّ يستهدفُ كُلّ الـيَـمَـنيين، حتى المرتزقة منهم، وهذا مما يجعل الشعبَ الصامدَ يزدادُ ثباتاً وإيْمَاناً بصوابية خياراته، فهل تمكّنت حكومةُ المنفى من تحسين أَوْضَاع الناس في عدن أَوْ حضرموت في شبوة أَوْ أبين حتى تتباكى على صنعاء؟ ولماذا مَن استدعى العُدْوَانَ على الـيَـمَـن عاجزٌ عن مطالَبَة أسياده بدعم البنك المركزي وَالريال الـيَـمَـني بعددٍ من ملايين الدولارات؟!، السعودية أنفقت لتدمير الـيَـمَـن أَكْثَرَ من مائة مليار دولار فلماذا تبخَلُ عن دعم البنك المركزي والريال الـيَـمَـني بواحدٍ في المائة من خسارتها في الحرب والتدمير وشراء الأسلحة الذكية والمحرَّمة لقصف الـيَـمَـن؟!.
يُريدون مقايضةَ الشعب الـيَـمَـني في كرامته، وهذا غيرُ وارد، والمَسَاسُ بلقمة عَيشِ الموَاطن الـيَـمَـني لا يعني غيرَ تدفُّق عشراتِ آلاف الاستشهاديين إلَـى جبهات الحدود، عندها سيتمنون أنهم لم يطلقوا رصاصةً تجاه الشعب الـيَـمَـني.
التحيةُ إلَـى اللجنة الثورية والجهود التي يبذلُها كُلُّ الشُّرفاء في الجبهة الاقتصادية والتي أثمرت نجاحاً ملموساً في استقرار الأَوْضَاع وتبديد دُخان الإرجاف الذي يطلقه منافقو وسائلِ التواصل الاجتماعي، وما أشبههم بالأفاعي التي مَلْسَمُها ناعمٌ وفي جَوفها السُّمُّ الزعاف.