بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوزُ الأُمَّــة ونجاتُها
القاضي حسين محمد المهدي
إن الشخصيةَ الإسلاميةَ في بنائها الأخلاقي والسياسي والعسكري يجبُ أن تسيرَ على هدى القرآن (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ).
فالتصور الصحيح ينبثق عنه الحكم الصحيح، فإذا كان العلم صحيحا، والتصور سليما فَــإنَّ من لازمه أن يكون العمل مثمرا وصحيحا.
فالعلم في كتاب الله يسبق العمل (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) فقدَّمَ العلمَ على العمل؛ كي لا يقع الإنسان في متعرجات ملتوية تجعل عمله غير صحيح، وتوجّـهه غير سليم.
كما يشاهد الناس كافة اليوم انحناء بعض زعماء الأُمَّــة للصهيونية اليهودية في أمريكا و”إسرائيل” ومداجاتها وعدم نهيهم للمنكر الذي تقترفه والدماء التي تسفك في فلسطين، بل أن إصرار أمريكا على استمرار قتل الفلسطينيين واحتلال أرضهم في أكبر منكر وأعظم فاجعة واستخدام حق الفيتو دون نكير على أمريكا وسحب السفارات منها وقطع العلاقات معها من قبل الساسة هو أمر ينذر بفاجعة مع أن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يجوز التخلي عنها (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فما الذي صرف هؤلاء الزعماء عن ذلك وتدبر آيات الله (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَو يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) إنهم لم يتدبروا آيات القرآن وكأنهم لا يعلمون أن فيها شفاء صدورهم (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) فشفاء القلوب والابصار هو في القرآن، وليس عند اتباع الشيطان (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
فقد انزل الله القرآن للبشرية دستورا، ويجب على الساسة والزعماء وأصحاب العقول أن يتدبروه (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).
فالإعراض عن القرآن والطاعة لأهل الكتاب اليهود والنصارى مَـا هو إلا مظهر من مظاهر الولاء لهم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ).
فكيف ركن أغلب زعماء الأُمَّــة للصهيونية اليهودية والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّـهِ مِنْ أولياء ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
فالمسلم لا يكون مسلمًا حَقًّا إذَا لم يؤمن بآيات الله كلها (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
فلا بد من أن تعاد إلى الأذهان الصورة الصحيحة للإسلام؛ لأَنَّ المسلم إذَا فقد بعض أخلاق الإسلام كان على شفى هلكة، ولم نر في الزعماء من يلتزم بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحياء فريضة الجهاد والدعوة إليها قولا وعملا مثل قائد المسيرة القرآنية العلم المجاهد المجتهد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي أبدأ شجاعة وصدقا حين دعا المسلمين جميعاً إلى قول الحق (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأرض أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الآخرة فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الآخرة إِلاَّ قَلِيلٌ) واتبع القول العمل في قضية الأُمَّــة الأولى قضية تحرير فلسطين، فقد أطل على الأُمَّــة آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر في كُـلّ أسبوع يحث على الجهاد ويذكر أُولئك الذين تخاذلوا عن نصرة فلسطين والذين يدسون رؤوسهم في الرمال ويهلكون أنفسهم وشعوبهم، ويحث على التحشيد لإنكار المنكر باليد وباللسان ما يوجب توليه والمجاهدين (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
أما من تخاذل عن نصرة فلسطين فقد رضي بأن يكون في عداد الهالكين المنافقين (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أولياء مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعاً).
وليسمعوا إلى قول الحق سبحانه (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَو أبناءهُمْ أَو إِخْوانَهُمْ أَو عَشِيرَتَهُمْ أُولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئك حِزْبُ اللَّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والنصر للمجاهدين.
(وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).