خبراء عسكريون واقتصاديون لصحيفة “المسيرة”: أمريكا وبريطانيا تواصلان حماقتهما في اليمن وعمليات القوات المسلحة ستستمر وبوتيرة عالية
عثمان: العمليات العسكرية البحرية أربكت الإدارة الأمريكية وجعلتها في موقف محرج أمام العالم
الجعدبي: الحصار الذي تفرضه القوات المسلحة على الملاحة الإسرائيلية أَدَّى إلى تضاعف خسائر اقتصاد العدوّ الإسرائيلي، وتوقف كافة سلاسل الإمدَادات الغذائية للعدو
المسيرة| عباس القاعدي
في ظل مسارات التصعيد والاعتداءات المتواصلة التي تمارسها أمريكا وبريطانيا ضد اليمن ومع إعلان الإدارة الأمريكية إدراجَ مكون “أنصار الله” ضمن لائحة الإرهاب، وتكثيف الضربات الجوية العدوانية على عدة محافظات، رفعت القوات المسلحة اليمنية سقف عمليات الرد إلى مستوى جديد من القوة والتصعيد المضاد وتطبيق عمليات هجومية بواقع استراتيجي ضد السفن والقطع البحرية التابعة للعدو الأمريكي والبريطاني.
كما كشفت القوات المسلحة عن أسلحة جديدة دخلت المعركة البحرية؛ الأمر الذي يعتبره سياسيون مفاجأةَ للعالم بأن اليمن أصبح قوة إقليمية.
وفي هذا الشأن يقول الخبير العسكري زين العابدين عثمان: إن “اليمن أصبح قوة إقليمية يمتلك عنصر المفاجأة والترويع والصدمة، ويستطيع أن يؤمّن الممرات والملاحة الدولية؛ وهو ما جعل العدوّ الأمريكي والبريطاني محاصراً في البحر الأحمر، وعاجزاً أمام القوات المسلحة اليمنية التي تفاجئه كُـلّ يوم بجديد، سواء على مستوى القدرات الهجومية أَو التقنية التسليحية، بحيث بدت المدمّـرات والبارجات المتطورة والمزودة بأحدث الأسلحة وأنظمة الاستشعار، غير قادرة على مواجهة هجمات القوات المسلحة، التي تكشف كُـلّ يوم عن سلاح جديد، واستراتيجية جديدة، آخرها الغواصات المسيّرة عن بعد، والتي رصد البنتاغون استخدامها مؤخّراً في العمليات البحرية، ضد السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية”.
ويؤكّـد أن تلك الغواصات مداها بعيد جِـدًّا، وهي مجهزة بمنظومة تساهم في تحديد الهدف، ويتم توجيهها بدقة عالية.
ولهذا ووفق عثمان فَــإنَّ “اليمن أصبح قوة إقليمية، ويمتلك أهم الركائز التي تبرزه كقوّة إقليمية، والمتمثلة في قيادته الحكيمة والشجاعة، والقرار السيادي المستقل، والقوّة العسكرية المحترفة والترسانة المتطورة، وكذلك يمتلك قوّة شعبيّة واعية ومنضبطة، وموقعاً جغرافياً استراتيجياً هاماً يتحكم في العالم”.
ويضيف عثمان أن “اليمن أربك الإدارة الأمريكية وجعلها في موقف محرج أمام العالم، وأن القادة الأمريكيين أصبحوا يتساءلون عن الترسانة العسكرية التي تمتلكها القوات المسلحة اليمنية، والتي رفعت سقف عمليات الرد إلى مستوى جديد من القوة والتصعيد خلال الأيّام الأخيرة، حَيثُ تم إسقاط طائرة MQ-9 أمريكية في يوم 19 فبراير الجاري، بالتزامن مع تنفيذ قواتنا البحرية عدة عمليات هجومية واسعة استهدفت ثلاث سفن خلال 24 ساعة، اثنتين تابعة لأمريكا معروفة باسم “سي تشامبيون Sea champion ” و”نافيس فورتونا Navis Fortuna” وسفينة أُخرى تابعة للبحرية البريطانية “RUBYMAR” والتي استهدفت بمنظومة صواريخ عالية الدقة طراز سطح بحر التي تمكّنت بعون الله تعالى من تدمير الجزء الخلفي من بدنها وإغراقها”.
ويواصل: “كذلك نفذت البحرية اليمنية وسلاح الجو المسيَّر في 20 فبراير عملية اشتباك واسعة بسرب من الطائرات دون طيار ضد المدمّـرات والسفن الحربية الأمريكية، إضافة إلى استهداف سفينةٍ إسرائيليةٍ “MSC SILVER” بضربات صاروخية مباشرة.
وحول استمرار العمليات البحرية، يقول عثمان: “إن قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله تعالى- وضع على رأس الأولويات استراتيجية الاستمرار في مناصرة الشعب الفلسطيني مهما كانت التحديدات، وذلك بفرض الحصار المطبق على خط الملاحة الخاص بكيان العدوّ الصهيوني بالبحر الأحمر والعربي ومنع كُـلّ السفن المرتبطة به من المرور بشكل كامل وكذلك تثبيت معادلة التصعيد بالتصعيد ضد الأمريكي البريطاني.
لذا فَــإنَّ جحيم العمليات التي تفرضه قواتنا البحرية ضد سفن كيان العدوّ الصهيوني والسفن الأمريكية والبريطانية ستستمر وبوتيرة عالية من القوة والاقتدار حتى إيقاف العدوان الصهيوني الدموي على قطاع غزة ورفع الحصار عنها، وَأَيْـضاً توقف أمريكا وبريطانيا عن دعهما اللامحدود لهذا الكيان الصهيوني، وتوقف حماقاتهما العدوانية تجاه اليمن وسيادته، وإلا فَــإنَّ ارتكاب الحماقات والتصعيد ستقابلها قواتنا البحرية بتصعيدات مدمّـرة لم يسبق لها مثيل”.
حصار وتصعيد:
وفي ظل المفاجآت التسليحية والتقنية التي تظهرها القوات المسلحة، والتي لم تكن متوقعة من قبل لدى أمريكا وبريطانيا، يرى مراقبون أن اليمن استطاع تحويل كافة نقاط القوة الأمريكية إلى نقاط ضعف، كما استطاع تحويل نقاط الضعف الناشئة لديه؛ كونه منظومة عسكرية حديثة أسّسها قائد الثورة وفق المعايير الحديثة إلى نقاط قوة، بمعنى أن اليمن فرض معادلة جديدة في المنطقة.
وبشأن استمرار العمليات البحرية وتأثيرها على اقتصاد الكيان الصهيوني، يقولُ الخبير في الشؤون الاقتصادي سليم الجعدبي: “إن استمرار الحصار الذي تفرضه القوات المسلحة على الملاحة الإسرائيلية أَدَّى إلى مضاعفة خسائر اقتصاد العدوّ الإسرائيلي، وتوقف كافة سلاسل الإمدَادات الغذائية للعدو التي كانت تمر من البحر الأحمر وباب المندب بنسبة 70 %، كما أَدَّى إلى إغلاق شبه كامل لميناء أم الرشراش”، مؤكّـداً أن “ميناء أم الرشراش كان يستقبل نحو 7 ملايين طن من السلع والمنتجات ومنه أَيْـضاً تصدر كميات كبيرة من الصادرات”.
وأوضح أن “عمليات البحر أَدَّت إلى تراجع إجمالي واردات الكيان من المنتجات بنسبة 25 % خلال الأشهر الماضية، بينما ارتفعت أسعار السلع في أسواق العدوّ بنسبة 30-50 % بعد اضطراره لتحويل مسار إمدَاداته عبر الرجاء الصالح”، لافتاً إلى أن “وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية اعترفت بأن عمليات البحر الأحمر أضرّت بعلاقاتها التجارية مع 14 دولة”.
ووفق الجعدبي فَــإنَّ “الكيان الصهيوني أُصيب بصدمة بالغة لم يستوعبها خلال الـ24 ساعة الأولى من عملية (طُـوفان الأقصى)، وبالتالي بنى كُـلّ تقديراته وردة فعله على أسس وحسابات خاطئة ما زال يتجرع نتائجها حتى اليوم، ونستطيع أن نقول إن أُمنيات الكيان الصهيوني في إنشاء كيان يصل عمره إلى 100 عام قد حطمها في 100 يوم”، مؤكّـداً أن “استمرار الحصار اليمني على الملاحة الصهيونية، أَدَّى إلى خسائر اقتصادية كبيرة، تكبدها العدوّ الصهيوني ولا زال حتى اليوم”.
ويوضح الجعدبي أن “خسائرَ العدوّ الصهيوني تمثلت في انهيار العُملة (الشيكل)، حَيثُ انهارت عملة الكيان خلال الساعات الأولى فقط من عمليات (طُـوفان الأقصى) إلى أن وصل الدولار الواحد إلى 4 شيكل؛ الأمر الذي اضطر بنك “إسرائيل” إلى التدخل وضخ 7.5 مليار دولار ما يعادل 30 مليار شيكل في محاولة لإنقاذ عملة الكيان من الانهيار التام ليخسر بذلك البنك الإسرائيلي أكثر من 25 % من احتياطاته الخارجية”.
وبحسب الجعدبي فَــإنَّ “الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الكيان الصهيوني منذ بدء العمليات العسكرية البحرية اليمنية وحتى نهاية ديسمبر 2023 تمثلت في ارتفاع الخسائر الاقتصادية من 7.5 مليار دولار إلى 60 مليار دولار”.
وبحسب تصريحات وزارة مالية الكيان وبزيادة تصل إلى 700 %، وكذلك ارتفاع التكاليف اليومية من 326 مليون دولار إلى 723 مليون دولار يوميًّا، وارتفاع البطالة من 300 ألف حالة بنهاية أُكتوبر إلى 700 ألف حالة بنهاية ديسمبر 2023م.
كما أَدَّت إلى انكماش اقتصاد الكيان بنسبة 2 %، وبلغ عجز موازنة العام 2024 م للكيان 6 % من الناتج المحلي؛ أي ما يعادل 33 مليار دولار، وبحسب بيان مصنعي ومنتجي المواد الغذائية للكيان الصهيوني فَــإنَّ الكيانَ يعاني من عجز حاد في المواد الغذائية يصل إلى 75 %؛ كونه يعتمد على الاستيراد لتغطية احتياجه.
بالإضافة إلى ذلك فَــإنَّ العملياتِ أَدَّتْ إلى ارتفاع أجور الشحن والنقل والتأمين بحوالي 10 أضعاف، وبالتالي أصبح المستورد الإسرائيلي يتكبد مبالغ تعادل قيمة البضاعة التي يستوردها أي أن التضخم مرشح للارتفاع في السوق الاستهلاكية الصهيونية بنسبة 100 %.
ويواصل: “أوقفت 11 شركةً ملاحيةً عمليات مرور سفنها المتجهة إلى الكيان عبر البحر الأحمر وبدأت تسلك رأس الرجاء الصالح؛ الأمر الذي نجم عنه تأخير في الفترة الزمنية لوصول البضائع لمدة 30 يوماً.
تتكبَّدُ السفينةُ الواحدةُ جراءَ تحويل مسارها عبر رأس الرجاء الصالح تكاليف إضافية يومية للرحلة الواحدة تبلغ 16 مليون دولار”.