أسرارٌ يجبُ أن تُفشَى
سند الصيادي
صحيحٌ أن الشعبَ اليمنيَّ مجبولٌ بالفطرة على القيم الإنسانية والدينية النبيلة، وعادةً ما تجده منحازاً إلى المواقفِ الحَـقَّـةِ، وَإلى نصرة ومساندة المظلوم بعواطف ودوافعَ تاريخية مختلفة، وهذا الموروثُ له أثرُه الكبيرُ على المواقف في الوقت الراهن.
لكن وبالتأمُّل في حاضر الاندفاعة الشعبيّة المُستمرّة والمتميزة تجاه مساندة المقاومة الفلسطينية في معركة (طُـوفان الأقصى)، وَالموقفِ من الجرائم الوحشية المُستمرّة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة وبقية المناطق المحتلّة، فَــإنَّ الأمر لا يتوقفُ عند هذا الموروث، وإنما يكشفُ الواقعُ أن ثمة معطياتٍ جديدةً مضافةً، هذه المعطيات عزَّزت ونظَّمت ونسقت وَزادت من حالة وقيمة ومفعولِ هذا الموقف سياسيًّا وعسكريًّا وَجماهيريًّا وَتعبويًّا.
لقد كان الشعبُ اليمني على شفا حُفرةٍ من التجريف لقِيَمِهِ ومعتقداته، ورغم أن هذا الشعب ظل يكابر وحدَه للحفاظ عليها، إلَّا أن توجُّـَه الأنظمة السياسية المتعاقبة -باعتبارها الإطارَ الحاضِنَ والراعِيَ والموجِّهَ لهذه المنظومة من القيم- كان يرزح تحت تأثيرات الهيمنة والولاءات الخارجية والتي بطبيعة الحال لا تشجِّعُ لبقاء هذه القيم، بل وتستهدف ضربَها بالدرجة الأولى.
من هذه المنطلقات يمكننا التأكيد على أن منهجية المسيرة القرآنية بقدر ما جاءت متناغمةً ومنصهرةً مع فطرة وهُــوِيَّة الشعب اليمني، فَــإنَّها جعلت أولَ أولوياتها أن تنقذَ هذه المنظومة من شِرَاكِ التجريف والضياع، وتُعيدَ إحياء ما كان قد نجح الأعداءُ في إماتته أَو تعطيله.
لقد استندت منهجيةُ المسيرةِ إلى القرآن الكريم؛ باعتباره أكمل المناهج وأرقاها وأضمنها وأبقاها لكل شعوب الأُمَّــة المستضعفة، ناهيك عن شعب اليمن الذي ينحاز إليها ويطلبها من منطلقات إيمَـانية وَكحاجة ملحة لاستعادة حضوره الإنساني المغيب.
وفي ظل خيرِ قائدٍ أكملت دوائرُ المشروع القرآني مفاعيلَ الهَبَّةِ اليمانية، وَأفرز الهدي الإلهي المتماهي مع الخط المحمدي وَالمقرون بالشواهد موجةً من الوعي ولَّدت مكامن القوة للاندفاع والتحَرّك غير المسبوق في المواجهة على كافة المسارات، بنفوس حصينة وَعقول فطنة لكل ما يحيكُه الأعداء من مؤامرات.
هذه الأسرارُ أحقُّ بها أن تُفشَى لتتكرّرَ التجربة في مجتمعاتٍ أُخرى تائهةٍ في حقب الضياع، ولا تزالُ فضائلُ ومخرجاتُ وَفوائدُ هذا المنهج وهذه القيادة على المدى المنظور والبعيد، متعددةً، وَمؤهلةً لأن تواجه كُـلّ أمراض وأفكار وأخطار وأهوال وأوجاع وَأحزان الدنيا.. وأن تصنعَ العزةَ التي بَشَّرَ اللهُ بها رَسُولَه والمؤمنين على اختلاف القرون من بعده.