تميُّزُ اليمن وقائدها في أداء واجب الجهاد تجاه فلسطين
القاضي حسين محمد المهدي
ليس بِدَعًا مَا يشهدُه العالَمُ اليومَ من صحوة الضمير الإنساني والإسلامي في اليمن ومحور المقاومة تجاه شعب فلسطين المسلم، وأن يتميَّزَ حُضُورُ اليمن في قضية فلسطين الأولى؛ لأَنَّ غريزةَ الإيمان الفياضة بمعاني النبل والخلق الكريم مشرقةٌ في قلوب اليمنيين شعبا وقيادة
مع أن القرآن ليس وسيلة هدى لليمنيين أَو للعرب فقط؛ وإنما هدى للناس أجمعين ورحمة للعالمين.
(وَما أرسلناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (وَما أرسلناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ).
القرآن الكريم فيه هداية للناس أجمعين؛ فهو شعار مجد الأُمَّــة وعنوان عزها ورمز عظمتها، وهداية الله فيها، والصراط المستقيم، والمنهاج القويم، به تسود الأُمَّــة وتعتصم.
فإذا انصَتَ المسلمون إلى هذا النداء، وأجابوا داعيَ الله وأصلحوا أنفسَهم، ورجعوا إلى كتاب ربهم، فأجدر بهم أن ينالوا النصرَ والمجدَ في الدنيا والآخرة.
ولَمَّا كان أهلُ اليمن بشعورهم المرهفِ وأرواحِهم اللطيفة، وقلوبهم الرقيقة، وذكائهم الوقَّاد، وطبعِهم السليم، قد انحازوا إلى الإسلام، وآمنوا برسول الإسلام، وكانت بيعة العقبة الأولى والثانية لرسول الله (ص) من قبل الأنصار الذين هم قبائلُ اليمن قد شكَّلوا منعطفًا زهت به دولةُ النبوة وتفاخرت، وظهرت وانتصرت، وأسلم شعبُ اليمن عند وصول رسالة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- التي حملها الإمام علي -كرم الله وجهه- في يوم واحد؛ فكانوا المَدَدَ لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وكانوا نِعمَ الناصر له ولأهل بيته.
لقد شهدت الدنيا صدقهم ووفاءهم ومكارم أخلاقهم، والفتوحات الإسلامية خير شاهد على ذلك.
وقتالهم وجهادهم مع الإمام علي الخليفة الراشد -كرم الله وجهه- دَلَّ على عمق محبتهم لرسول الله وأهل بيته.
ثم إن التاريخ يشهد أنهم وصلوا بالفتوحات إلى أُورُوبا والصين، وأعظم شاهد على صدق ولائهم لله ولرسوله ولأهل بيته أنهم استقدموا الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين واختاروه إمامًا وناصروه وذريته من بعده.
وحين اخفق المسلمون بعد احتلالِ الصهيونية اليهودية للمسجد الأقصى وأرض فلسطين، وقام السيدُ العَلَمُ حسين بدرالدين الحوثي بمناهضة هذا المشروع كان اليمنيون هم وحدَهم الذين أبدوا المسيرةَ القرآنية وصرخوا في وجه الصهيونية العالمية بعد ظهور الإمام المجدد آية الله الخميني -قدَّس اللهُ روحَه-.
وبعد اغتيالِ هذه الهامة اليمنية الكبيرة وهذا المجدِّد الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي يمثِّلُ أهلَ بيت النبوَّة، كان أبناء اليمن نعم الناصر ونعم السند للقائد المظفَّر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- قائد المسيرة القرآنية يناصرونه ويناصرون شعب فلسطين، ويجدِّدون للإسلام هيبتَه ودولتَه رغم تكالب قوى العالم عليهم، ولم يزدهم ذلك إلا قوة وعزمًا وتصميمًا.
بل إن ذلك يُشعِرُ بمعجزة النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما أكّـده من صدق إيمان أهل اليمن وحكمتهم، وأنهم بقيادة قائدِ المسيرة القرآنية أنشأوا في نفوس البشر مقتًا شديدًا للظلم والجَور والعدوان والبغضاء التي تبنته الصهيونية اليهودية.
وكان أداؤهم متميَّزًا كما كان أداء أسلافهم مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- متميَّزًا منذ فجر الإسلام.
فقد خَصَّهم رسولُ الله -صلى الله عليه وآله- بقوله: (الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية) والحديث صحيح فقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والإمام أحمد وغيرهم.
واختصاصُ وصفهم بالحكمة من قبل رسول الله يعني العلم والحلم والعدل ووضع الأمور في مواضعها والثبات على الحق والجهاد؛ مِن أجلِه؛ فالله جل وعلا هو الذي (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ).
وقد أدرك النبي الأكرم بسمو فطرته ما قصده الخالقُ منها، وفهم مدلولَ الحكمة فهمًا أَدَّى إلى الدعوة إليها والتنويه بها تنويهًا يشفُّ عن سمو تقديره لها ومبلغِ ما تستفيدُه الإنسانية منها، ومن ثَمَّ وصف اليمن بها، وأن اليمن سيبقى مُتَّصفًا بهذه الحكمة، وما أَدَّى رسول الله -صلى اللهُ عليه وآله وسلم- إلى هذا التعبير البليغ إلا بما أمدَّه اللهُ به من سُمُوِّ الإدراك وبُعْـدِ النظر في الحقائق؛ فقد شاء الله ذلك.
فاليمنُ بلدٌ مباركٌ لقد روى الإمامُ المنصور عبدالله بن حمزة في كتابه “الشافي” بسند رجاله ثقات بأنها ستعودُ ثُلُثا بركات الدنيا إلى اليمن، والحديث قد أخرجه أَيْـضاً أحمد في المسند وأبو يعلى والبزَّار والطبراني.
إذن لا ينتظرُ أعداءُ اليمن وجالبُ الحصار عليها أن تضعُفَ فَــإنَّها ستنتصرُ بالقيادة الحكيمة لقائد المسيرة القرآنية وسينصرون شعبَ فلسطين بَرًّا وبحرًا؛ فهم أولو البأس الشديد (قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ).
وفي قصة فسادِ بني “إسرائيل” يقول الحقّ -سبحانه-: (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) وها هم قد بعثهم الله للجهاد في سبيله والقضاء على الإفساد للمرة الآخرة (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أول مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
فالأخلقُ بمن يتحاملُ على أنصار الله وأبناءِ اليمن أن يعودَ إلى صَفِّهم، وأن يعودَ المغرَّرُ بهم إلى حضيرة الحق ليحملوا مع إخوتهم راية الجهاد.
وَسَيَجِدُون في قائد المسيرة القرآنية نِعم القائد الحكيم وفي إخوتهم من أنصار الله وحزبه نِعْمَ السند والمعين (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).