يجبُ أن تفهمَ أمريكا أن اليمنَ اليومَ غيرُ الأمس
العلامة محمد المطاع
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ الطيبين الطاهرين-.
أقول لأمريكا: لماذا يا أمريكا اخترت اليمن؟! أما كفاك أن شربتِ العلقمَ في مران وأشعلتِها حربًا شعواءَ امتدت إلى أن بلغت سِتَّ حروب بعد أن استدعيتِ العميلَ الخاصَّ إلى البيت الأبيض -أَو الأسود على الأصح- وخدعك، وقال: أنا أذبح هذا الصوت الذي انطلق من مران وقد أزعجك، وهو الموت لأمريكا، وأدفنه في التراب، وما عليك إلا أن تفتحي خزائنك وتلزمي أمراء السعوديّة بأن يفتحوا أموال البترول إليّ وسوف أصفِّي كُـلّ ما يزعجك في اليمن، بل أستطيع أن أمد ذراعي إلى خارج اليمن فتملأ السرور في سواد وجهِك، وقلتِ يومها: “وجدنا ضالتنا”، وهرولت السعوديّةُ مسرعةً وأرسلت محمد بن نايف إلى هذا العميل الجديد وهو يحملُ رزمةً من الشيكات، وأنه اليوم يذوق مرارة عمالته لأمريكا وخدمتها المشبوهة للسعوديّة، وقد ابتهجت كُـلٌّ من البحرين وقطر والإمارات والكويت، أما السعوديّة فكأنها قد وُلدت من جديد، وأعطوا هذا العميل حتى قيل له يوماً: إن رصيدَك يبلغ ستين ملياراً.
قال: بل يزيد على ذَلك، وأمريكا وبناتها وأذيالها -بريطانيا و”إسرائيل”- فقد كانتا تحت قدميها، وبريطانيا قد مهّدت الطريق لأمريكا وقسّمت العالَمَ العربي والإسلامي إلى دويلات بل بعضها إلى قرى؛ بهدف استعمارها وأن يسهل ابتلاعها، ولَبريطانيا اليد الطولى وبالأخص دول الخليج.
كما يقال في اليمن “أينما حلت السبع حليت” وهي تريد منابع الثروة الهائلة في كُـلٍّ من دول الخليج، وجاءت بعدها -أي بعد بريطانيا- أمريكا التي سجلها الأسود أحلك من الظلام؛ ابتداء من سحقها للهنود الحمر وإحلالها محلهم، وثانياً أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان والصومال.
أما اليمن فقد حاولت عرضَ عضلاتها، وأشعلت فيها الحرب مع تحالفاتها المخزية، وفي مقدماتها السعوديّة والإمارات، أشعلت فيها الحرب ولمدة ثمانية أعوام، أحرقت الأخضرَ واليابس، وخرجت مهزومةً شَرَّ هزيمة كما خرجت مهزومةً من فيتنام، وها هي اليمنُ اليوم توجِّـهُ الضرباتِ القاسية في البحر وتقول للسفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والمتجهة إليها: ها هنا مصيركم؛ مِن أجل غزة سنغرق سفن “إسرائيل” والمتجهة إليها في البحر، ونحرق سفن أمريكا وبريطانيا ونشعل بها النار ونحرقها عملاً بحق الرد، السن بسن والعين بالعين والأذن بالأذن والجراح قصاص، ونقول لأمريكا: اليمن اليوم غير الأمس يجب أن تفهمي.
اليمن اليوم يدعو جميع أحرار العالم أن يتوحدوا لتطهير الأرض من هذا الخبث الذي نشرته أمريكا و”إسرائيل”، والصورة القاتمة التي صنعها اليهود في غزة كافية لاستجابة الأحرار في العالم، وعلى الشعوب أن تتجاوزَ قُمَمَها -بضم القاف- وتدعهم يلعبون برأس اليهود والنصارى.
وعلى هذه الشعوب أن تتجه إلى اليمن لتتعلم الإسلام الثوري المقاوم، وَلتتعلمَ الرجولةَ والشهامة والجهاد والشجاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولا حياةَ إلا إذَا كان الإسلام المحمدي يحكُمُ الأرض، ولا مرجعية إلا بالقرآن، وعلى الخاضعين، الخانعين، الجبناء أن تكون بطن الأرض خيراً لهم من ظاهرها، والله مع من اتقاه واعتصم به واستجاب لندائه، وقد تعهد سبحانه بنصرِ المؤمنين وأكّـد ذلك على نفسه، وقال: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”، وقال: “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ”، وما بعد هذا إلا السلاسل والأغلال ويسحبون على وجوههم إلى النار وبئس المصير، وهم يعلمون من هم، إنهم المفسدون في الأرض، وها هو اليوم قائدُ اليمن -حفظه الله- يقول لشعبه المجاهدين الذين يجرِّعون العدوَّ في البحر الأحمر وخليج عدن ويضربون المثلَ الأعلى يقول لهم: أنتم تاجُ رأسي، نفسي لكم الفداء، ومن خرج من أبناء شعبي بطيبةِ نفسٍ إلى الساحات فقد ساهم في الجهاد، أما من بقي يحن إلى عفاش فلا نفسي له فداء ولا هم تاج على رأسي.
يجب أن نفهم الأمور بهذا الفهم ويجب أن يفهم العالم أن عهدَ العبودية قد ولَّى، وأن اليمن لن ينحني حتى لو اجتمع عليه العالم بأسره، إنها إلا الحرية والكرامة أَو الموت، واللهُ مع اليمن ما داموا معه، وعلى المتطاولين عليه أن ينطحوا الجبالَ؛ فهي أهون لهم من التطاول عليه، وقد نفخ فيهم أبو جبريل -سدَّدَ الله خُطَاه-.