ورطةُ العدوان على اليمن: نزيفٌ اقتصادي بريطاني في البحر الأحمر
تقريرٌ للغرفة التجارية في بريطانيا يستعرضُ تأثيراتِ العمليات البحرية اليمنية:
– الأضرار طالت 55 % من المصدِّرين و53 % من الشركات المصنِّعة وتجار التجزئة
– ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بنسبة 300 % وتأخيرات كبيرة في تسليم البضائع
– صعوباتٌ في التدفق النقدي ونقصٌ في مواد الإنتاج
المسيرة| ضرار الطيب
كشفت غُرفةُ التجارة البريطانية، هذا الأسبوعَ، عن أضرارٍ واسعةٍ أصابت اقتصادَ المملكة المتحدة؛ بسَببِ العمليات اليمنية المساندة لغزة في البحر الأحمر والبحر العربي، والتي أجبرت السفن التجارية البريطانية على تحويل مسارها والإبحار حول رأس الرجاء الصالح.
ونشرت الغرفة التجارية في بريطانيا تقريرًا، قالت فيه إنها أجرت مسحًا شمل 1087 شركة ما بين 15 يناير الماضي و9 فبراير الجاري؛ لمعرفة تأثيرات الوضع في البحر الأحمر على الاقتصاد.
وبناءً على هذا المسح أكّـد التقريرُ أنَّ “55 % من المصدِّرين في المملكة المتحدة يقولون إنهم تأثّروا باضطراب الشحن في البحر الأحمر”.
وَأَضَـافَ أن: “53 % من الشركات المصنِّعة وشركاتِ الخدمات التجارية للمستهلِك (مثل تُجَّار التجزئة يؤكّـدون أنهم تأثّروا”.
وأوضح أن “الآثارَ الرئيسية التي ذكرتها الشركاتُ هي زيادةُ التكاليف والتأخير”.
وذكر التقرير أن “37 % من إجمالي الشركات التي شملها المسحُ بشكل عام أكّـدت أنها تأثَّرت”.
وقالت الغرفة التجارية البريطانية: إن “بعض الشركات أبلغت عن ارتفاع بنسبة 300 % في كلفة استئجار الحاويات، وتأخير لوجستي يضيف ثلاثة إلى أربعة أسابيع إلى مواعيد التسليم”.
كما قالت الشركات أَيْـضاً: إن “هذا كان له تأثيرات غير مباشرة مثل صعوبات التدفق النقدي ونقص المكونات في خطوط الإنتاج” بحسب التقرير.
ونقل التقرير عن ويليام باين، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية قوله إنه “كانت هناك قدرة فائضة في صناعة الشحن البحري للاستجابة للصعوبات، الأمر الذي أكسبنا بعض الوقت، لكن بحثنا يشير إلى أنه كلما طال أمد الوضع الحالي، زاد احتمال أن تبدأَ ضغوطُ التكلفة في التراكم”.
وَأَضَـافَ أنه “من الواضح أن قطاعاتٍ معينةً من الاقتصاد أكثرُ عُرضةً لهذا من غيرها، ولكن مع إدخَال الحكومة مؤخّراً للضوابط والإجراءات الجمركية الجديدة للواردات؛ مما أَدَّى أَيْـضاً إلى زيادة التكاليف والتأخير، أصبح هذا وقتًا صعبًا بالنسبة للشركات”.
وقال: إن “اقتصاد المملكة المتحدة شهد انخفاضًا في إجمالي صادراته الجيدة لعام 2023، ومع ضعف الطلب العالمي، هناك حاجة لأن تنظر الحكومة في تقديم الدعم في ميزانية مارس”.
ودعا إلى “إنشاء مجلس للصادرات لصقل الاستراتيجية التجارية للمملكة المتحدة ومراجعة فعالية التمويل الحكومي لدعم الصادرات” مُشيراً إلى أن “يجب فعل كُـلّ ما يمكن لمساعدة الشركات على تجاوز هذه الأوقات الصعبة، ومن ثم التركيز بشكل حاد على توسيع الصادرات للمستقبل”.
ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريرا عن الموضوع نفسه، نقلت فيه عن راشيل وارنج، العضو المنتدب لشركة وارينغز فرنيتشر التي تستوردُ الديكور الداخليَّ للحانات والمطاعم، قولها: “إن الصراع أثّر على عملها منذ ما قبل عيد الميلاد”، وأضافت: “لقد اضطررنا إلى وضع ميزانية لتغطية التكاليف الإضافية؛ لأَنَّ الأسعار التي نحصل عليها للحاويات كانت أعلى بكثير”.
وقالت إنها “تقدم للعملاء خدمات إضافية للتعويض عن التأخير، لكنها تأمل في مواجهة بعض الزيادات في التكاليف من خلال التفاوض على أسعار أقل مع الشركات المصنعة الصينية التي تستورد منها، وتجنب المزيد من ارتفاع الأسعار للعملاء إذَا استطاعت”.
وأشَارَت “بي بي سي” إلى أنه “في وقت سابق من هذا الشهر، حذرت إحدى أشهر العلامات التجارية للشاي في المملكة المتحدة (تيتلي) من أن الإمدَادات أقل بكثير مما ترغب فيه، فيما قالت منافستها (يوركشاير تي) إنها تراقب الوضع عن كثب”.
ويؤكّـد تقرير غرفة التجارة البريطانية بشكل واضح أن المملكة المتحدة ورَّطت نفسَها وعرَّضت اقتصادَها لمخاطرَ غير مسبوقة من خلال الانجرار وراء الولايات المتحدة في العدوان على اليمن، حَيثُ لم تكن السفنُ التجارية البريطانية تتعرض للاستهداف قبل ذلك.
تأثيراتٌ مماثلةٌ تضرِبُ الاقتصادَ الأمريكي:
وفي نهاية يناير الماضي، نشر موقع قناة “سي إن بي سي” الاقتصادية الأمريكية تقريرًا، كشف فيه عن تأثيرات مماثلة بدأت تصل إلى الاقتصاد الأمريكي نتيجة العمليات اليمنية التي تستهدف السفن الأمريكية في البحر الأحمر والبحر العربي.
وقالت القناة يومها: إن نائب رئيس الاتّحاد الوطني لسلسلة التوريد والسياسة الجمركية، جون جولد، قال للجنة الفرعية في الكونغرس: إن “شركات الاتّحاد الوطني للبيع بالتجزئة تواجه تضاعف أسعار الحاويات من 1500 دولار إلى 3000 دولار” مُشيراً إلى أن “هذا يمثل زيادة في تكلفة الشحنات المتضررة بشكل مباشر بنسبة 38 % إلى 73 %”.
وأكّـد أن “بعض الشركات الصغيرة والمتوسطة تقوم بتحميل التكلفة على المستهلكين”، محذِّرًا منه أنه “بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن، يتم تطبيق رسوم إضافية ليس فقط على البضائع المتأثرة بشكل مباشر ولكن على طرق التجارة الإضافية، مثل أُورُوبا إلى الولايات المتحدة؛ بسَببِ مشاكل تتعلق بتوافر الحاويات”.
وقال: إن “عمليات العبور الأطول تؤدِّي إلى تفكُّك الحاويات؛ لأَنَّها تبقى قيدَ الاستخدام لفترة أطول” مُشيراً إلى أن “بعض تجار التجزئة ينقلون منتجاتهم إلى الجو لتسريع تسليم بضائعهم؛ مما يفسر سبب الارتفاع الكبير في أحجام الشحن الجوي مؤخرًا”.
وقالت القناة: إن الدكتور إيان رالبي، مستشار الكونغرس، والمؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة (آي آر كونسيليوم) التي تقدم المشورة بشأن القانون البحري والتنمية والأمن والاستراتيجية وتنظيم الأمن الخاص، أبلغ الكونغرس بأن “الهجمات الأخيرة التي شنها الجيش الأمريكي أَدَّت إلى استهداف أكبر للسفن الأمريكية”، وأضاف: “منذ أن بدأنا في ضرب أهداف في اليمن، كانت هناك زيادة في استهداف السفن الأمريكية”.
وتشبه هذه التأثيرات التي تواجهها كُـلٌّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ما تعرَّضَ له اقتصادُ العدوّ الصهيوني جراء الحظر البحري الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” في إطار مساندة الشعب الفلسطيني، حَيثُ أكّـد تقرير نشرته وزارة الاقتصاد “الإسرائيلية” في وقت سابق أن العمليات اليمنية ضربت 25 % من واردات السلع الاستهلاكية إلى كيان الاحتلال، و21 % من واردات مواد الإنتاج، كما أثرت على صادراته وأفقدتها القدرة التنافسية.
وكشفت صحيفة “ذا ماركر” العبرية الأسبوع الماضي أن حركة الحاويات في موانئ العدوّ الصهيوني انخفضت بنسبة 25 % خلال يناير وديسمبر الماضيَّين، فيما ارتفعت أسعارُ مختلف البضائع المستورَدة مع بداية فبراير الجاري بنسب تصل إلى أكثرَ من 40 % بحسب تقارير نشرتها العديد من وسائل الإعلام العبرية الاقتصادية.
وحتى في كيان العدوّ الصهيوني يرى المسؤولون أن الولايات المتحدة وبريطانيا فشلتا في مواجهة اليمن، بحسب ما نقلت صحيفة “ذا ماركر” الأسبوع الماضي عن رئيس غرفة الشحن في “إسرائيل”، يورام زيبا؛ ما يعني أن كُـلّ ما استطاع الأمريكيون البريطانيون تحقيقه في البحر الأحمر هو مشاركة العدوّ الإسرائيلي في نزيفه الاقتصادي المتصاعد جراء التحَرّك اليمني البحري؛ وهو ما يساهم في زيادة الضغط؛ مِن أجل وقف العدوان الوحشي على قطاع غزة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني.