النبأُ اليقينُ في القرآن الحكيم أن الغلبةَ لأنصار الله وحزبِه المؤمنين
القاضي حسين محمد المهدي
عمليةُ التمزيقِ والشتات التي ورثها العالَمُ الإسلامي بعد الحرب العالمية الثانية كان للصهيونية اليهودية وأذنابها في أمريكا وأُورُوبا المستعمرين دورٌ في فرض ذلك الواقع الأليم، ناهيك عن زرعِ مشاكلَ سياسيةٍ واقتصادية لا تكادُ تخلو منها دولةٌ من دول المسلمين.
من مشاكل حدودية بين أغلب الدول الإسلامية المتجاورة، إلى مشاكل اقتصادية ومذهبية، إلى غير ذلك من المشاكل التي انهكت الأُمَّــة الإسلامية، وما تبع ذلك من فساد وتعفن أصاب المدنية المعاصرة فأوقعها في هوس وجنون.
فسرح طرفك حَيثُ شئت تجد ما يقُضُّ مضاجعَ أهل الإسلام وينغِّصُ عيشَهم من الفساد والعهر والمجون، وتصور ماذا حدث للمسلمين من ضعف؛ بسَببِ اختلافهم وانحلال البعض منهم وتخلفهم عن الحفاظ على دينهم.
فمشروعُ مناهضة الصهيونية يتطلب هِمَّةً وطموحًا ورغبةً في الحفاظ على هذا الدين، وإحياء فريضة الجهاد، وتولي الله ورسوله والذين آمنوا، والبراءة من أعداء الله ورسوله ظاهرًا وباطنًا كما نبّه إليه القرآن الكريم (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَو أبناءهُمْ أَو إِخْوانَهُمْ أَو عَشِيرَتَهُمْ أُولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئك حِزْبُ اللَّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، وهو ما يؤكّـد عليه أنصار الله في دوراتهم السياسية والثقافية والعسكرية.
القرآن يقصر ويحصر الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، حتى يكون أهل الإيمان في غلبة وظهور (وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغالِبُونَ)، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنصار اللَّـهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أنصاري إلى اللَّـهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أنصار اللَّـه) فأنصار الله هم حزب الله المؤمنون بالله، المؤيدون بنصر الله (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأصبحوا ظاهِرِينَ).
والجهاد الذي هو من أخلاق أنصار الله وحزبه إنما هو في الواقع لتكون كلمة الله هي العليا، سواءٌ أكان جهاداً سياسيًّا أم مالياً أَو عسكريًّا، وكلمة الله لا تكون هي العليا إلا إذَا كان ولاء المسلم لله ولرسوله وللمؤمنين (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئك سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
ومن المؤسف أن يتخلف بعضُ المسلمين عن ولاء بعضهم، ويوالون اليهود والنصارى بلا استحياء، وينظرون إلى فلسطين وهي تنزف دماً ولا يحركون ساكناً، وكأنهم لم يقرأوا في القرآن الكريم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وبميزان القرآن يستطيعُ المسلمُ أن يحدّدَ من هم حزب الله وأنصاره، وسيجد أنهم هم المؤمنون وهم المسلمون الحقيقيون، وهم الذين يقفون مع فلسطين؛ مِن أجل تحرير القدس والأرض وإنقاذ غزة؛ فمظهر الإسلام الحقيقي متجسد فيهم، وما سوى ذلك ضلال أَو نفاق، ونعوذ بالله من ذلك.
المسلمون وزعمائهم وعلمائهم وأصحاب الفكر والرأي وجيوشهم اليوم مدعوون لمناصرة أنصار الله وحزبه ولمناصرة القضية الفلسطينية والعمل بكل الوسائل وبهمة وطموح إلى تحرير فلسطين، وكبح جماح الظالمين، الذين يسعون في الأرض فساداً، ويدنسون مقدسات المسلمين وينتهكون حرماتهم؛ فَــإنَّ في ذلك العزة والفلاح والنجاح والنصر والفتح المبين الذي هو آت رغم أنف المعتدين.
أما من تخاذل ونكص على عقبيه فقد (خَسِرَ الدُّنْيا وَالآخرة ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).