سِـرُّ تفرُّد اليمنيين: منهجيةٌ ربانية وقيادةٌ مؤمنة
محمد يحيى السياني
يتساءل اليوم، الكثيرُ من نُخَبِ ومفكِّري وعامةِ شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية، وكذلك شعوب العالم، عن الأسباب والعوامل التي جعلت من الشعب اليمني بقيادته وقواته المسلحة، متميزاً ومختلفاً، عن محيطه العربي والإسلامي، وتفرده الواضح باعتلاء الصدارة في تحديد موقفه القوي تجاه مناصرة وإسناد ودعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومع ما أبداه من شجاعة وإقدام منقطع النظير، في مواجهة وتحدي العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني وفتح جبهة عسكرية، أوجعت الأعداء، وتأثيراتها عليهم وعلى سير المعركة كبيرة، إضافةً إلى تلك الجبهات التي فتحها اليمن في ميادينها السياسية والإعلامية والزخم الشعبي المليوني المساند في كُـلّ ساحات المحافظات اليمنية والتي شكلت جبهة واحدة، متناغمة ومتماسكة.
موقفٌ يمني شكّل استثناءً فريدًا في زمن الخنوع والخذلان العربي لفلسطين، وحقّق معادلة بدت غير مألوفة لم تعتَد عليها شعوب المنطقة وأنظمتها، التي حملت عار الخِذلان وغضب الله ولعنات التاريخ.
الموقف اليمني الحر فرض على الكثير في العالمين العربي والإسلامي والعالم أن يطرح الكثيرَ من التساؤلات والبحث لها عن إجَابَة.
والسر من وراء هذه التحولات الكبيرة في اليمن ومن خلال ما يسطره شعبه وقيادته وقواته المسلحة من ملاحم إيمَـانية وعسكرية وسياسية وإعلامية وشعبيّة ضد أعداء الأُمَّــة والبشرية، ويبدو أن الكثير ممن يطرح هذه التساؤلات قد شرع في البحث عن الاجابات لها والتي نرجو أن تكون البداية لتشكيل الوعي العربي والإسلامي الذي تبعثر في فضاء التشويش الصهيوأمريكي لعقودٍ طويلة، وأن يكون بدايةً حقيقيةً وجادةً للكثيرين في كسر جدار الصمت العربي والإسلامي المخزي تجاه ما يحدث في غزة من مجازر وتجويع للشعب الفلسطيني المظلوم وما يواكب هذا العدوان الإجرامي من حملات ممنهجة للتشويش الشامل على أمتنا، تقودُها أمريكا واللوبيات الصهيونية في الغرب وأذرعها وأدواتها في العالم ومنطقتنا، والتي بدت اليوم تشهد بوضوح على حقيقة الأعداء وأهدافهم وأطماعهم وحقدهم على أمتنا العربية والإسلامية، وما يحدث اليوم في قطاع غزة شاهدٌ حي يجسّد على الواقع العملي، مدى هذا الكم الهائل من الحقد والإجرام والعداء الذي يحمله كيان العدوّ الصهيوني والعدوّ الأمريكي والبريطاني تجاه أمتنا وبلداننا.
اليمن وأحرارُه قد خط له مسارًا للخروج من هذا النفق المظلم من خلال المشروع القرآني، الذي كان له الأثرُ الكبير في هذه التحولات وبما حمله من نِعم عظيمة وركائز مهمة أهمها: نعمة هدى الله، وإعادة التموضع والمكانة الحقيقية للجهاد في سبيل الله، كذروة سنام الخط الإسلامي المحمدي الأصيل وسبيلٍ إلى خلق الوعي الصحيح في التصدي لخطورة وخبث وإجرام الأعداء، وخطورة الصمت والتقاعس والقعود عن مواجهة الأعداء وصدهم ودحرهم بكل الوسائل والإمْكَانيات.
هذه المنهجية التي بات عليها اليوم الشعب اليمني حملت معها روحًا ثورية متقدة ومتنامية ومن خلفها قيادة مؤمنة ومجاهدة في سبيل الله؛ فكان للتحَرّك اليمني أثرٌ فارقٌ وملفتٌ وَعابر للقارات، أجاب -بما حمله من قِيَمٍ إيمَـانية وأخلاقية وإنسانية وقوة رادعة- على تساؤلات اليوم وحَيرة الكثيرِين.