لماذا الشعبُ اليمني دونَ غيره من الشعوب؟
غيداء الخاشب
عندما يمتلكُ أيُّ شعب قيادةً حكيمةً تحَرِّكُه على أَسَاسِ هدى الله، ويكونُ هناك وعيٌ شعبي وترسانةٌ من الإيمان وكذلك غيرة وغضب، حينها فقط يستطيعُ الوقوفَ على قدمَيه لمواجهة الأعداء، لكن إذَا لم يمتلك قائداً وكان الإيمان ضعيفاً والوعي القرآني تحت الصفر؛ حينها سينهارُ ويتشتَّتُ وتختلُّ الصفوف، وقد تصل به الحالةُ إلى الجمود أمام ما يحصل من أحداث مأساوية، هي سُنَّةٌ إلهية قال تعالى: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ).
إن ما حدث في غزةَ ولا يزال يحدُثُ من جرائمَ وحشية لا نستطيعُ وصفُها ولا التعبير عنها، حقًا لا نستطيع؛ من هولها وفظاعتها من قِبل العدوّ الصهيوني وتساندُه أمريكا ومن خلفهما بريطانيا “ثُلاثي الشر”، الذين وصفهم اللهُ في القرآن وبيّن نفسياتِهم وكيفيةَ التعامل معهم.
حينما برز قائدُ الأحرار وسيدُ الثوار وأُعلنت حرب البحر الأحمر كانت جميعُ الأنظمة والدول ما زالت في مستنقع التخاذل وكأن ما يحدث لا يعنيها، حينئذ حمي وطيسُ المعركة، واختلط الدمُ اليمني بالدم الفلسطيني، وأبحر البأسُ اليماني في بحره الأحمر وبحر العرب، وعانقت شجرةُ البن أشجار الزيتون، ومآذنُ صنعاء تعانقُ الأقصى بكل شوق، وبرزت مبادئُ محور المقاومة والجهاد، وبرز تضامُنُ الشعب اليمني رجالًا وأطفالاً ونساء، وصارت المليونيةُ نهايةَ كُـلّ أسبوع حدثاً عظيماً يترقَّبُ حضورَه ومشاهدته الملايينُ من الداخل والخارج؛ ليقولوا بأعلى أصواتهم: يا أهلَ غزة لستم وحدَكم؛ فمعيّةُ الله رافقت مشروعَهم القرآني الذي غرسه الشهيدُ القائد في النفس والأذهان، وقيمه الإنسانية والمروءة والنخوة المتجذرة فيه منذ الأزل، وقيادة ربانية يصفُ حكمتها الجميع، وتوَلٍّ صحيحٌ لآل البيت، وذوبانهم عشقًا في اتّباع منهاجهم، ومواجهة عظمى لطواغيت الأرض صاروا أنصاراً لله وللدين؛ ما جعل من شعب الإيمان والحكمة غير كُـلّ الشعوب.
إنهُ الشعب الذي يتسلح بثقافة القرآن التي تجعله يحيي ذكرى مولد نبيه الأعظم-صلوات الله عليه وآله- بتلك المشاهد غير المسبوقة في تاريخ الإسلام، هو الشعبُ الذي تفرد بإحياء يوم دخوله في الإسلام وهو يوم الهُــوِيَّة الإيمانية في جمعة رجب الأولى، هو الشعبُ الذي يحيي يوم الولاية ويومَ القدس وكلّ المناسبات التي تربيه وتعزز القيم الإيمانية فيه.
ما علينا سوى مواصَلة هذا الطريق الذي اخترناه؛ مِن أجلِ الجِهاد المقدَّس، أن نقفَ مع غزة نواسيها وندعمها بما استطعنا، وهذا واجبٌ ومسؤولية إيمانية وإنسانية، وأن نُسلِّمَ للقيادة التي لا تملُّ عن تقديم الهُدى لنا ونحمدُ الله عليها، وأن نتحَرّكَ في سبيل الله وحتى إن ذُقنا المُرَّ نتذكَّرُ جِراحَ غزة ودماءَها، حينها لن نُباليَ بما سيجري لنا، هي واحدةٌ من هاتَين: إما أن نعيشَ وننصُرُ غزة التي بُحَّ صوتُها وهي تُنادي، أَو نموتَ شهداءَ؛ مِن أجلِها، ولا بُـدَّ بإذن الله أن ينجليَ الحزنُ عن غزة وتسقُطُ “إسرائيل” وأعوانُها.