العملُ السياسيُّ الصحيحُ لا يعارِِضُ القرآن
القاصي حسين محمد المهدي
إن العملَ السياسيَّ الصحيحَ هو الذي يتبنّى أهدافًا يرفع من مكانة الإنسان، وتتوافق مع قواعد وأحكام القرآن.
القائد السياسي والولي الرباني في مجال السياسة والحكم هو الذي يجعلُ الشورى سبيلَه في حَـلِّ المشاكل والإقبال على الفضائل يحيي فرضَ الجهاد ويصلح بين العباد.
فالعملُ السياسي الصحيح لا يتعارض مع الإسلام، ولا يلبِّي رغبةَ أولياء الشيطان، يستجيب للخالق وينتصر للمظلوم، عمله مشهود، وجزاءه موعود، يوثر الباقي على الفاني.
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإذَا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ إذَا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).
فلو أن المسلمين وزعماءَهم عرفوا حقيقة ذاتهم وصفاة حزب ربهم ونصروه ثم تعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى لما استطاع عدوهم أن يغزو فلسطين ويعيث في الأرض فساداً.
ثم نجد من الساسة والزعماء من يداجي الصهيونيةَ وأذنابَها ويلجُ الفتنةَ من أبوابها ويتبع بغيها وفسادها وكانه لم يسمع ما جاء في القرآن العظيم (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأرض وَلا يُصْلِحُونَ).
(وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) ولكن البعض جهلوا إسلامهم، وجهلوا في الإسلام أخلاقهم، وحاربوا علماءهم واتبعوا اهواءهم، وتشبهوا بأعدائهم، وحاولوا نقل ثقاتهم إلى بلدانهم، وأحبوا الشهوات، وقعدوا ينظرون إلى فلسطين وهي تنزف دمًا، وخالفوا سُنُنَ الإسلام، وحاصروا يمن الإيمان، وأشهروا السلاح في وجه أنصار الإسلام، وبعثوا سنن الجاهلية في إهراق الدماء، وكأنهم يريدون الإلحادَ في الحرم وهو الزيغ.
وكيف يطمع في محبةِ الله من قد زاغ عن أمر الله، فمن أحيا سنن العصبية الجاهلية وحاصر المؤمنين وحبس الفقهاء الاتقياء الورعين فذلك بغيض إلى الله، عمله السياسي لا يتوافق مع أحكام القرآن، وقد روى البخاري في الصحيح (أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه) وفي رواية أُخرى للترمذي (إن أبغضَكم الي وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون، قالوا يا رسولَ الله قد عَلِمْنَا الثرثاريين والمتشدقين؛ فما المتفيقهون، قال: المتكبرون).
أما آن لهؤلاء أن يعودوا عن ظلمهم قبل فوات الأوان، وأن يصيخوا أسماعَهم إلى قولِ الحَقِّ (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعْرُوفٍ أَو إصلاح بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) وأن يشحذوا هممهم ويحملوا بنادقهم ويحشدوا قوتهم لقتال الصهيونية اليهودية في فلسطين، حتى تعودَ الأمور إلى نصابها، ويأخذ الكل بالحق، يؤيدون أنصار الله ويجاهدون مع أنصار الله وحزبه، فَــإنَّ التماهي مع الصهيونية اليهودية والركون إلى تهديدها وإرعادها وإبراقها لن يفيدَكم شيئاً.
فعدم الاستجابة لله والظلم لعباده عاقبته الهلاك، وتأملوا وتدبروا قول الحق سبحانه فيما حكاه عن الكافرين (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَو لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ).
فطاعة الشيطان الذي يسير عليه الصهيونية اليهودية وأذنابها في أمريكا وأُورُوبا لن تغني عنكم شيئاً (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أنفسكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
فالتكذيبُ بآيات الله والظلم لعباد الله والمحاصرة لأولياء الله عاقبته البوار (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّـهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ).
وإن غدًا لناظره قريب (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (وَمارَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).
العزة والنصر للإسلام، والهزيمة والذلة للكافرين والمنافقين أولياء الشيطان.
والأجر والثواب للمجاهدين؛ مِن أجل نصرة فلسطين استجابة لنداء وأمره ثم للآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين استجابوا لله ونداء الزعيم المظفر قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- في الخروج للساحات وإعلان النهي عن فساد الصهيونية وتضامُنًا مع الشعب الفلسطيني المسلم.