أين هو العالَـمُ اليوم؟
العلامة محمد بن محمد المطاع
بعد ما سمعتُ ما فعلَه اليهودُ في غزةَ من مذبحة لم يشهد التاريخ مثلها؛ فقلت أين هو العالم اليوم، أيسمع ويشاهد ويشهد هذه المذبحة ولم يتحَرّك له ضمير؟! ولما سمعت خطاب العلامة شمس الدين بن شرف الدين -مفتي الديار اليمنية- قلت: وماذا عسى أن يقول الخطباء والشعراء والذين تتدفق الحكمة من أفواههم بعد هذا الخطاب، الذي لو أراد الله للأرض أن تتحَرّك لتحَرّكت، وللجبال أن تنطق لنطقت، وللأشجار أن تهتز لاهتزت، وللمؤمنين أن يخرجوا من قبورهم شاهرين أسلحتهم مسرعين إلى غزة ليطهروا الأرض من رجس هذه الفئة الظالمة، الفاجرة، الطاغية، القاتلة، فئة اليهود الذين قاموا بهذه المذبحة، والله يفعل ما يريد.
وإذا أراد أن يقول للعالم وفي مقدمتهم العرب والمسلمين: كفاكم بقاء في هذه الأرض؛ فحكامكم ورؤساؤكم قد أصابتهم أعمالهم بالوهن والضعف والجبن والبعد عن الله؛ فصاروا بسمع وبصر لهذه الفئة الباغية في نظرهم وفي أعينهم متعة يتمتعون برؤيتها، ولو خرجوا من طوق الضلال ولو ساعة واحدة من نهار يوم الجمعة الموافق 20 شعبان، وفتحوا أسماعَهم لسماع مفتي الديار اليمنية؛ فأول عمل يعملونه يرضي الله أن ينسفوا ويبيدوا حكامَهم ورؤساءَهم المرابطين لليهود أَو الموالين أَو المتفرجين والذين لم يحركوا ساكناً.
فهل يوجد أسوأ وأجرم وأخبث وأنجس من اليهود في فلسطين إلا الحكام الموالين والمتفرجين بعد هذه المذبحة؟
أقول لكل ضمير رابض في أعماقه: اسمعوا إلى هذا الخطاب؛ فقد وضح وجعل الصورة أوضح من فلق الصباح، وجاء بالأدلة التي تغني لكل من له قلب أَو ألقى السمع وهو شهيد، ولقد ترددت عن الكتابة بعد ما سمعت هذا الخطاب وقلت ما عساني أن أقول بعد هذا، لكني تراجعت وقلت هَـا هو القائد السيد عبد الملك بن بدر الدين، يخطب دائماً ما يترك شاردة ولا واردة إلا وأتى بها، وبالأخص في موضوع غزة وما حَـلّ بها من الظلم، والخطباء الكبار الذين لهم باع طويل في الخطابة يخطبون كُـلّ جمعة، والقرآن بين يدي الجميع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والأحاديث النبوية التي تسير في ركاب القرآن، كُـلّ ذَلك بين يدَي العرب والمسلمين بصفة خَاصَّة، ولتكن كلمتي من ضمن هذا الكم الذي يزيد في المؤمنين إيماناً وفي الصادقين صدقاً ويزيد في المجاهدين جهاداً ويزيد في المقاومين للظلم والطغيان قوة؛ ولأن اليمن بصفة خَاصَّة متمسك بالإسلام الصحيح الواضح، وله قيادة تجعله في مواجهة ضد الظلم والطغيان أين ما كان وحيث ما كان، وهو في الميدان اليوم يتصدى للأهوال من أينما جاءت ومن أينما هبطت، ولولاه لَمَا اقتُص للمظلومين وفي غزة بالذات، قابل الحصار بالحصار وقابل الاعتداء بالدفاع وأسمع العالم أن اليمن براً وبحراً لم يكن مباحاً لأحد، وأن الطائرات التي ترمي بصواريخها على مدن وأرض اليمن يجب أن تفهم أنها لن تمر لها سفينةٌ في البحر ما دامت معتدية في البر أَو في البحر.
وعلى السعوديّة والإمارات والتحالف المشؤوم وأمريكا أن يفهموا أن الحصارَ المضروبَ على اليمن منهم هو حربٌ ومن أسوأ الحروب، وعليهم أن يتوقعوا الجواب على هذا الحصار المؤلم.
وعلى اليمنيين رجالاً ونساء أن يكونوا مستعدين للنزال في أي يوم أَو ساعة أَو لحظة، ومن فضل الله وكرمه أن يسّر لهم قيادةً حكيمةً لن توصلهم إلا إلى سواء السبيل؛ فإذا دعتهم يوماً واحداً بأن يتواجدوا في الساحات كُـلّ جمعة فيجب أن يستجيبوا، ولا داعي بأن تتكرّر الدعوة منه فإذا دعاهم الإعلام في كُـلّ جمعة فهو كاف؛ لأَنَّ الإعلام رسمي وهو يمثل رئيس الدولة، ولا شك أن وجود الشعب في الساحات في كُـلّ جمعة له ما بعده، أما إذَا دعاهم لحمل السلاح ومواجهة العدوّ فإجابته من أوجب الواجبات ويجب أن يعرفَ الشعبُ أنه في حالة حرب؛ فلا يضع بيضةَ الحرب من فوق رأسه، وما دام مع الله قولاً وفعلاً فَــإنَّ اللهَ معهم، والعاقبةُ للمتقين.