الصهيونية اليهودية بممارساتها تؤسِّسُ لزوالها
القاضي/ حسين محمد المهدي
ما أشبه الليلة بالبارحة حينما عربد الكفر وزمجر وطغى واستكبر، نزل القرآن العظيم يبين الله فيه مصير هؤلاء الكفرة المستكبرين (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).
فالصهيونية اليهودية بممارساتها اللاإنسانية وسفكها للدماء في فلسطين وهدمها للديار تؤكّـد قرب نهايتها؛ فالصهيونية بممارساتها وكأنها تفصح عن استحقاقها جزاء الجرم الذي اقترفته.
وعما قريب تغص بالهزيمة وتتجرع العذاب (وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أنفسهُمْ يَظْلِمُونَ)، (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً).
لم يأت على الإنسانية زمنٌ يستحسن فيه الظلم والفساد وانحطاط الأخلاق وسفك الدماء وقتل الأطفال والشيوخ والنساء، واغتصاب الأرض وهدم المساكن على أهلها والمساجد على رؤوس المصلين مثل هذا الزمن الذي ارتكبت فيه الصهيونية أبشع الجرائم، ومارست أبشع أنواع الفساد على مرأى ومسمع من العالم.
ثم أن البشرية تشهد مع ذلك فاجعة كبرى ليس بهذه الأعمال التي لا يقرها ضمير إنساني أَو عقل بشري سليم فحسب، وهو أن مجلس الأمن يوقف التصويت على أي قرار يصرح بوقف حرب الإبادة التي تمارسها الصهيونية اليهودية في فلسطين بناء على استخدام حق النقض من قبل دولة أمريكا التي تسيطر على مركز القرار فيها اليهودية الصهيونية.
ومع أن استخدام حق النقض الفيتو الأمريكي يعتبر مشاركة فعلية في سفك دماء الشعب الفلسطيني المسلم واحتلال أرضه، الذي لا يعتمد على أي مسوغ قانوني أَو إنساني تقره قوانين العدالة بين بني الإنسان وإنما هو اتباع للهوى، ومنطق الهوى لا يتفق مع العقل والعلم (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ)، (وَإِنَّ كَثيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ).
فأين القرارات التي أصدرها مجلسُ الأمن نفسُه واعتبر ما يسمى بإسرائيل محتلّةً للقدس الشرقية وغزة والضفة والجولان وغير ذلك، فأين عقول هؤلاء وضمائرهم؟
فعقول البشرية السليمة تتفق على فداحة ظلم الصهيونية والمجتمع الإنساني بحكم الفطرة التي فطرهم الله عليها؛ فلا يعترف بأن هناك مجتمعاً يستحق الاحترام إلا المجتمع الذي يتمتع بحسن الإدارة وبالعدالة وبالصدق وبالأمانة وبالوفاء وبالعهد واحترام حقوق الإنسان.
ولم نسمع بأن الإنسانية تنظر بوجه الإعجاب إلى مجتمع يمارس الرذيلة وقتل الأبرياء وسفك دماء الأطفال واغتصاب الأرض كما تفعله الصهيونية في غزة.
فما الذي حمل مجلس الأمن على التناقض، هل فقد التمييز بين الحسن والسيء، وبين الفاسد والصالح، وبين الضار والنافع، فسلوكه هذا لم يعد محكوماً بشيء من الأخلاق التي تتفق عليها البشرية، إنه يمارس قوانين جور لا يقبلها العقل ولا الضمير الإنساني الحي.
فالمسؤولية المشتركة بين البشر تأبى ذلك.
ولعل العاقل يدرك أن الظلم الذي يسوق البشرية كلها إلى الهلاك ينبغي أن لا يحصل في مجلس الأمن الذي تشارك فيه دول تسمي نفسها عظمى من أمثال روسيا والصين.
وإذا التفتنا إلى العدالة الإسلامية نجد الرسول محمد (ص) يضرب مثلاً أعلى في قيام المسؤولية المشتركة في صورة واقعية صادقة يقول فيها: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا في سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذي في أسفلها إذَا استقوا مروا على من فوقهم؛ فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا؛ فإن تركوهم وما أدركوا هلكوا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
فهل يفكر هؤلاء الشركاء في مجلس الأمن أن بغي الصهيونية وعدوانها سيكون سبباً في هلاك الجميع؛ فالإنسانية وحدة واحدة، والرضا بالظلم ظلم بيّن وواضح كوضوح الشمس يدركه كُـلُّ ذي عينين.
فهل ينتظر هؤلاء جميعاً عذاب الله وهلكته (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ، وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ، الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ، فَأكثروا فِيهَا الْفَسادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ).
إن دفع الاعتداء على فلسطين وحماية أرضهم وعقيدتهم ومقدساتهم هو واجب إنساني، وأخلاقي، وإسلامي، تقره كُـلّ القوانين، ومن حق الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية وقائد المسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وقادة محور المقاومة وقائد الثورة الإسلامية في إيران الإمام علي خامنئي، وسماحة السيد حسن نصر الله، أن يلتمسوا استخدام القوة الكفيلة بردع الصهيونية وأذنابها لغرض إنقاذ شعب فلسطين والمسجد الأقصى امتثالاً لقول الحق: (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، (وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)، (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
فجهادكم مشكور مبرور، وحربكم للصهيونية اليهودية حرب مشروعة، فالصهيونية تقود نفسها إلى نهاية حتمية بأيديكم أيها المؤمنون الصادقون، والله عونكم ومعكم (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين.