طوفانٌ بشري

حسين الحبسي

الحشدُ الجماهيري الأخير في ميدان السبعين هو الأكبرُ والأعظمُ، لم تعرف اليمن في تاريخها حشودًا كهذه المسيرة المليونية.

إنها المسؤولية، المسؤولية بمعناها القرآني {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}؛ لأَنَّ المسؤولية هي ثقافة، هي تربية، والثقافة والتربية التي تحملها هذه الجماهير هي أعظم وأرقى ثقافة، هي ثقافة القرآن، هي تربية القرآن الكريم، هي الوعي العالي..

ما ميّز هذا الشعب والمسيرة القرآنية أنها لم تكن حالةً فردية، اهتماماً شخصياً مؤطراً، لا بل المسؤولية هي التي أخرجت الشعب اليمني عن بكرة أبيه ليطالب القيادة والجيش بالمزيد والمزيد من الضربات القوية والمؤثرة.

إن ثقافة التدجين والانحطاط قد ولّت، لسنا يمن الخنوع والجمود التي صنعتموها ودجّنتموها كخُدَّام لكم ولأسيادكم، نحن يمن الأنصار، يمن الإيمَـان والحكمة، يمن المشروع القرآني والثقافة القرآنية، ومن كُـلّ الميادين والساحات خرج الشعب اليمني وقدم رسالة لكل العالم أنهم مع قائدهم وجيشهم، وأنهم معه في أي تصعيدٍ جديد جهاداً في سبيل الله ودفاعاً عن المستضعفين، المظلومين، المقهورين في غزة.

الشعبُ اليمني -رغم الظروف الصعبة والحصار الخانق وقطع المرتبات من قبل تحالف العدوان، والذي حُوصر وحُورب طوال تسع سنوات خرج أقوى من ذي قبل- خرج ليلملم جراحاته ويوحّد صفه كالبنيــان المرصوص، ورمى كُـلّ خلافاته واتجه نحو القضية المركزية للأُمَّـة ونحو العدوّ الحقيقي للإسلام والمسلمين.

إن الجرائم التي في غزة تؤكّـد صوابيةَ التحَرّك وعِظَمَ المشروع القرآني وقوةَ الموقف اليمني الذي أذهل كُـلّ العالم ووقف بتحدٍّ أمام الهيمنة الأمريكية الصهيونية، قائلًا: لا يبالي بالتهـــــــويل والعويل وهجمات المنافقين من أبناء هذه الأُمَّــة التي صنعتها كأبواق لها لنشر الشائعات والتثبيط والتخذيل.

حشودُ الشعب اليمني في كُـلّ الساحات هو خروجٌ مشرِّفٌ يعبِّرُ عن غضبه لله وللقرآن والمقدسات وللمستضعفين ووعيه العالي وبخطورة الجرائم الصهيونية، ويعـــبر أَيْـضاً عن ارتباط هذا الشعب بالقيادة الربانية وَبالقرآن الكريم وهذا ما يقلق الأعداء جِـدًّا؛ لأَنَّ اليهود يدركون خطورة تمســـك الأُمَّــة بالقرآن ككتاب هداية وككتاب يفضــحهم ويبيِّنُ سوءتَهم وحقدهم ونفسياتهم الخبيثـــة وخطورتهم وتاريخهم الإجرامي ويرسم الطريق الواضح لمواجهـــتهم والقضـــاء عليهم.