اخرُجوا من ذُلِّ الحياة إلى عِــزِّ الدنيا والآخرة

 

صفاء السلطان

غزة العظمى قوةٌ ونار، حصارٌ وإباء، جهادٌ وإخاء، صدقٌ ووفاء، في ستة أشهر قدمت وتقدم للعالم نموذجاً راقياً لكل معاني الصمود والإباء والتحمل، تدفع ثمناً غالياً لتدني المستوى الأخلاقي والإنساني الذي وصلت له الدول العربية والإسلامية في المقدمة والمجتمع الدولي ثانياً.

يقف العالم بأسره موقف الصامت والخانع أمام كُـلّ أدوات القتل بكل مستوياته؛ فتارة بالقصف والقتل وتارة أُخرى بالحصار والتجويع، ليسقط الفلسطيني مرةً بسلاح الرصاص وأُخرى بسلاح الخبز والماء، تقف أخيراً مستغرباً أمام ما يحدث!!

فدولة عربية مسلمة تنشغل باستضافة الكلاب البشرية تارة والكلاب الحيوانية تارةً أُخرى، ودولة أُخرى تنشغل باستضافة وزراء صهاينة تضمد جراحهم وتبعد عنهم غبار الذل، الذي مرغهم به المجاهد الفلسطيني البطل، ودول أُخرى تشارك الصهاينة وتمدهم بجسور برية لتمدهم بالغذاء والدواء، أما الدول الإسلامية فحدث ولا حرج ما خلا بعض الدول التي تحَرّكت تحَرّكاً دبلوماسياً ضاغطاً.

فقد اتجهت معظم هذه الدول إلى موقع المتفرج أَو الصامت كما شبهه السيد القائد بأنه فاق حتى سبات الدببة في سباتها الشتوي.

تقف متعجباً أمام ما يحدث! وكأن ديننا العظيم لم يحضنا ويحثنا على الإخاء وعلى المكارم وعلى القيم والعزة والنجدة، وكأن قرآننا لم يحدثنا مطلقاً عن الجهاد والتحَرّك لمواجهة العدوّ؛ بل وكأن هذه الدول تتحَرّك دون أن يكون لها عدو لا يألو جهداً ولا يوفر وقتاً لاستهدافها وتدميرها ونهش لحم أبنائها، بل وإن الشيء المؤلم والموجع في آنٍ واحد هو أن بعض الدول الإسلامية تخذّل وتطعن وتساند الأعداء سواءً بالكلمة أَو الموقف أَو الفعل؛ ففي مقابلة لأحد الإخوة المكلومين والمتضررين في غزة العزة يقول: “يا ليت العرب تركونا وسكتوا لكنهم وقفوا مع أعدائنا”.

وَأمام هذه المواقف المخجلة والمخزية هناك مواقف يشار إليها بالبنان أمثال: المجاهدين في فلسطين الذين يقفون أمام كُـلّ آلات العدوّ المتطورة بكل إباء وشموخٍ وعزة، أَيْـضاً حزب الله في لبنان من وصفهم الشهيد القائد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- بأنهم “سادة المجاهدين” موقف عظيم وجبهة وصفها السيد القائد -يحفظه الله- بالجبهة المشتعلة والجبهة المؤثرة على العدوّ، إلى جانب هذا الموقف موقف المجاهدين في العراق الذين بالرغم لما تعرض له قادة الحشد فهم لم يتوانوا عن استهداف مواقع حساسة لكيان العدوّ الإسرائيلي، ولا ننسى الجبهة الأكثر تدميراً والأكثر استنزافاً لكيان العدوّ والتي حولت الصراع إلى صراع إقليمي حسب ما وعد به سيد القول والفعل في خطاب المولد النبوي: “بأن الاستهداف الصهيوني للقدس يعني حرباً إقليمية” فقد وصل استهداف سفن العدوّ الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي والبريطاني بما يقارب الستين سفينة، وهذا بحد ذاته يمثل للعدو الأمريكي شيئاً خارقاً؛ لما تعود عليه من خنوع العرب والمسلمين أمامه والذين يرون منه قوة عظمى، ليوصل اليمني رسالة للعالم: هل هذه هي التي تخافونها فما نراها نحن إلا قشة تذهب أدراج الرياح بقوة الله وثقتنا العظيمة به واعتصامنا به، بل إن الطفل في اليمن يسطر مواقف لا يجرأ على مثلها حتى رئيس دولة مصر أَو الأردن أَو الكيانات العربية أمثال السعوديّة والإمارات، إنها قوة الله وقوة المشروع القرآني العظيم الذي انتهجوه والتفوا حوله وفوضوا قائده الحكيم والشجاع والمؤمن.

وفي خطاب أخير لأبي حمزة المتحدث باسم سرايا القدس وجه رسالة للشعوب ولرؤسائها بانتهاج النهج الذي سار عليه المجاهدون في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، والذي نرى في خطابه هذا كخطاب الإمام زيد -عليه السلام- في الكوفة وهو يخاطب المتخاذلين ويرمي بالرايات إليهم ويقول: “اخرجوا من ذل الحياة إلى عز الدنيا والآخرة”.

فعلاً إن العز الحقيقي لن يؤتى إلا بالله وبالجهاد في سبيله والإعداد الأسمى في مواجهة الأعداء المجرمين الظالمين، وقد صدق الله العظيم القائل: (الذِينَ يتخذُونَ الكافرِينَ أولياء من دُونِ المؤْمنينَ أَيبتغون عندَهمُ العزَّةَ فَــإنَّ العزَّةَ للهِ جميعا).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com