بالصوم والجهاد تُغفَرُ الذنوب وترتفعُ الخُطوب ويأتي الله بالنصر الموعود

 

ق. حسين بن محمد المهدي

في صوم رمضان ثواب كبير، وأجر جزيل، فمن صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه؛ فهو موسم عبادة، وزمنٌ تتحقّق فيه بالدعاء الإجَابَة.

فمن أخلص لله في دعائه ظفر بمراده، فلا تزدري الدعاء وتتكاسل لكي لا تزل وتفشل.

وإني لأدعو الله والأمر ضيق.. عليّ فما ينفك أن يتفرجا.

ويرحم الله الشافعي، حَيثُ يقول:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه

وما تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن

لها أمد وللأمد انقضاء

فيمسكها إلى ما شاء ربي

ويرسلها إذَا نفذ القضاء

وفي الذكر الحكيم: (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

الصيام لجسمك دواء، ولروحك غذاء، فإذا هيمنت الفطرة الإيمَـانية على قلبك في شهر الصيام، وغذي قلبك بعوامل حب الله تزوّدت بالتقوى، وفرحت بفضل الله ورحمته في هذا الشهر الكريم، وأخلصت لله عبادته، وقصدت الله في كُـلّ شيء، وعرفت أنه المقصود في الرغائب، المستغاث به عند المصائب.

والله أنجح ما طلبت به.. والبر خير حقيبة الرحل.

(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَو ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوْ فَلَهُ الْأسماء الْحُسْنى‏ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).

فالصوم يقوي الإيمان بالله، ويزيل الهم والغم من حياة الإنسان، فالمؤمن لا يتشاءم وإن تكالب عليه الناس، ولا يجزع إن خانوّه؛ لأَنَّه يعتمد على مسبب الأسباب ومدبر الأمور، وكان لسان حاله يقول:

واشدّد يديك بحبل الله معتصما

فَــإنَّه الركن أن خانتك أركان

إن سر سعادة الإنسان ما في قلبه من إيمان (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ).

إن المؤمن ليفرح بحلول شهر رمضان، الذي أنزل فيه القرآن، وبعث فيه محمد رحمة للإنس والجان.

فكان بالقرآن الدعوة إلى الإيمان، والدعوة إلى الجهاد، كما نطق بذلك القرآن الحكيم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخرى‏ تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).

فكيف لا يفرح المؤمن بالبشارة الكبرى بالنصر والفتح المبين.

ولولا الجهاد وقمع أرباب الفساد لبقي أهل الباطل يتطاولون على أهل الإيمان كما هو الحال في غزة.

وكيف لا يتخذ المؤمن من هذا النبي الأمين الذي بعث في رمضان وجاهد في الله حق جهاده؛ فارتفعت راية الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.

محمدٌ خير خلق الله كلهم

نبي الهدى والصادق المتكلم

ختام النبيين الكرام جميعهم

أتى رحمة للعالمين وملهم

فقد جاء طه للبرية منقذ

وللعدل والتوحيد فيهم معلم

وكم كان في المحراب لله قانتا

وفي ساحة الهيجاء ليثٌ وقشعم

تحف به من رحمة الله فتية

أحاطت بهم من جانب الله أنعمُ

تراهم هداة راكعين وسجدا

لربهم الرحمن نعم المعظم

فكل فتى فيهم رحيم مهذب

شديد على الكفار بالحق مغرم

نذكركم في مبعث النور والهدى

بسنة طه شرفوها وعظموا

لقد آن الأوان للأسود الغاضبة لغضب الله من أحرار هذه الأُمَّــة في محور المقاومة وأنصار الله وحزبه في اليمن والعراق أن يحيوا سنة الجهاد على الصهيونية اليهودية في شهر رمضان كما فعل النبي الكريم في بدر الكبرى والفتح المبين في مكة (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخر وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).

فالنصر حليفكم فأنتم أباة الضيم والأسود الغاضبة لغضب الله.

ولا تلتفتوا إلى أُولئك الأغراب الذين يسعون إلى تشطير الأُمَّــة وتمزيقها خدمة للصهيونية؛ فَــإنَّ الله مذيق هؤلاء العذاب الأليم ما لم يعودوا إلى صف الإسلام والمسلمين ويكفروا عن خطأهم تائبين.

هل تحسبون بأن الله خولكم

تشطير أمتنا يا أيها العرب

وكيف ذلك والرحمن خاطبكم

بقوله (اعتصموا..) فذلك الإرب

فهذه أُمَّـة الإسلام واحدة

تيقظوا وأفيقوا أيها العرب

هبوا لوحدتكم هبوا لعزتكم

لا تشعلوا حمماً تضحوا بها حطب

إن تقبلوا النصح تنجو من مداركها

أو تعرضوا تهلكوا بالنار تتقدوا

هذي فلسطين قد نادت عروبتكم

إسلامكم هل تجيبوا أيها العرب!

إنما يتفاوت الناس في أقدارهم على مقدار إيمانهم وأعمالهم وجهادهم واجتهادهم وإخلاصهم في شهر رمضان شهر الإيمان، وإنما الرفعة وَالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

فجددوا إيمَـانكم، ففي الحديث (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب) فأسالوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم.

وثق أخي المجاهد في فلسطين والبحر العربي والأحمر أن الله سيرفع مقامك ويخفض من أراد هوانك، فالله مولي كُـلّ خير ومعطيه، وخافض كُـلّ شيء ومعليه.

فهو الناصر لأنصاره وحزبه (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).

العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، الخزي والعار والهزيمة للكافرين والمنافقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com