العَلَمُ القائد يرسُمُ ملامحَ الحقبة الأخيرة من التاريخ
هنادي محمّد
- كما كُـلّ عامٍ وموسمٍ رمضانيٍّ، موضوعُ التقوى يكونُ في مقدّمة المواضيع التي يفتتحُ بها القائد العَلم محاضراته الرمضانية القيّمة؛ باعتبارها الثمرة التربوية من وراء فريضة الصيام، ويتبعها موضوع الوعد والوعيد في الدنيا والآخرة؛ ذلك لما للتقوى من أهميّة كبرى فصّلها في محاضرته الثّانية، خلاصتها أنّ الأُمَّــة الإسلامية نتيجة تفريطها بالالتزام بالتقوى انحدرت وتراجعت حتى طمع بها أعداؤها وأثّروا على آرائها ورؤاها ثم بذلك يكون مصيرها هو الهزيمة في الدنيا والخسران في الآخرة.
أتى بالحديث عن التقوى واليوم الآخر بعد أن كان قد هيأ النفوس في المحاضرة الأولى بضرورة استحضار موقف الرجوع الحتمي إلى الله -سبحانه وتعالى- عن طريق إصلاح العلاقة مع هدى الله والتمسك به والعمل بمضامينه ونوره في الواقع العملي؛ وهنا يظهر للمستمع المتنبّه حجم التسلسل الحكيم في الطرح وسرد المواضيع وتبويبها بحسب الأهميّة والتوقيت الذهني لتلقيها، في آن واحد.
ومما يتوجب التنويه لهُ أن العَلم القائد ذكر في محاضرته الأولى بأن مشوار المحاضرات الرمضانية لهذا العام سيكون مع القصص القرآني؛ باعتباره موردًا عظيمًا غنيًّا بالهدى والعبر والدروس التي يجب الاستفادة منها، وفي المحاضرة الثانية، وفي سياق حديثه عن يوم القيامة ذكر بأن أهم ما ينبغي علينا معرفته أنها قد اقتربت جِـدًّا منا ونحن في الحقبة الأخيرة من التاريخ؛ ما يعني أن ما سيطرحه في قادم المحاضرات مخرجاتُه ودروسُه مرتبطةٌ بشكل وثيق بما نعيشه من أحداث في الوقت الحالي، أبرزها أحداث الساحة الفلسطينية والطوفان المقاوم للاستكبار الذي لم نشهد فاعليته وقوته كما هو الآن، في المقابل نرى مدى انكسار وهزائم وتكشّف ووهن وضعف وإجرام الباطل والضلال ببطولات وحركة ستعيد التاريخ إلى ما قبل ١٤٠٠ عام ويزيد، عصر بزوغ الرسالة الإلهية التي عصفت بداياتها بجحافل الكفر والطغيان حتى ساد نور الله في أرضه، مع التقدير الواعي لواقعية وحتمية التضحيات المثمرة التي تؤتي أُكلها عاجلًا لتضفي ثباتًا أكبر في الميدان.
الجمهور المستمع لمحاضرات سماحة القائد هذا العام لم يعد محليًّا أَو إقليميًّا؛ بل توسّع ليصبح عالميًّا، يرتقب الفرد والجماعة، ويستمعون تسليمًا وتولّيًّا؛ ليطبقوا ويهتدوا بما سمعته آذانهم الواعية؛ وألبابهم الراشدة؛ وهنا أستطيع القول بكامل اليقين والثقة: إن المشروع القرآني بات يشكل خطرًا كَبيراً على أهل الكتاب من اليهود والنصارى، خطرًا يؤسس لزوالهم ويثبت مداميك الدين الإسلامي القرآني برسالته المحمدية النقية؛ بفضل الدور الإرشادي والتعبوي والإيماني الذي يؤديه السيد القائد للأُمَّـة؛ استشعارًا منه لمسؤوليته الكُبرى تجاه المستضعفين في الأرض، والعاقبةُ للمتّقين.