قراءةٌ مختلفة للمحاضرة الرمضانية الخامسة

 

مراد راجح شلي

– في الدنيا شخصيات عديدة عاشت حياتها وتوفيت بكل ما كان لها من خير وشر.. بقصرها وطولها.. بطيشها وإيمَـانها..

– في المحاضرة الرمضانية الخامسة سنذكر ثلاث شخصيات تجسد روحَ ومضامين المحاضرة شخصيات تمثل كُـلّ خير وشر داخل كُـلّ نفس.

 

1 – خليفة شاب خليجي أقنع والدَيه بالسفر مع أصدقائه للذهاب للعمرة.

لكن خليفة ذهبَ مع زملائه لإيطاليا وهنالك حصل حريق في الشقة التي يقطنها مع رفاقه.

اشتعلت النيران بجسد ياسر وهو يتذكر أنه كذب على الله وعلى نفسه أنه سيذهب فيما بعد للعمرة ليتوب وكذب على والديه كذلك فسبقه الموت ليقطع عليه طول آمله.

{لَا يَسْتَوِي أصحاب النَّارِ وَأصحاب الْجَنَّةِ أصحاب الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} الإنسان له حياتين: حياة في الدنيا، وحياة في الآخرة، وهناك ترابط ما بين حياة الدنيا والآخرة في مصير الإنسان المستقبلي، ما عمله في حياته الأولى يتحدّد به مستقبله في حياته الأُخرى.

المصير الحتمي في عالم الآخرة، الذي لا يفصلنا عنه إلا فاصلٌ قصير، هو: الموت ونهاية هذه الحياة، والتي يستشعرها الناس في يوم القيامة مدةً قصيرةً جداً.

المصير الحتمي للإنسان هو إمَّا إلى الجنة، ويحظى برضوان الله سبحانه وتعالى وإمَّا إلى النار.

 

2 – كان ” ناظم ” الشاب العراقي ذو الـ 24 عاماً عائدًا من عمله كمنظف في إحدى قطاعات مدينة بغداد عندما عثر على كيس دعاية بداخله 2 كج من الذهب وتسليمها للشرطة التي عثرت على صاحبها تاجر الذهب.

ناظم الشاب الأمين توفي بعد 6 أَيَّـام من تلك الواقعة..

{وَاتَّقُوا يوماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ} هذا الرجوع الحتمي الذي لا يمكن لأحدٍ أن يمتنع منه.

{ثُمَّ تُوَفَّى كُـلّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الإنسان بحاجة إلى التقوى هنا في هذه الحياة بالأعمال التي فيها نجاة الإنسان، وقايةٌ له من عذاب الله سبحانه وتعالى، من الخزي، ومن الشقاء الأبدي.

المكاسب الكبيرة جِـدًّا للتقوى في عالم الآخرة من بداية الحشر، بدءاً بالأمن في يوم الفزع الأكبر، أهوال يوم القيامة أهوال رهيبة جِـدًّا.

والحالة التي يُبعث فيها الإنسان، ويرى الأرض وقد تغيرت كُـلّ معالمها، ويرى نفسه بين مليارات البشر، من كُـلّ الأجيال الماضية بين الأولين والآخرين، في ساحة المحشر، ويُدرِك أنه قد بُعِث في يوم القيامة ويستشعر أن تلك اللحظة هي بدايةٌ للبعث والنشور والحساب، هي حالة ليست عادية أبداً بالنسبة للإنسان، حالة رهيبة جِـدًّا يُبعث فيها

{أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا}، تأتي البشاراتُ من بداية بعثهم، يشاهدون الملائكة، وَيُبشرونهم بالجنة، وأنهم على مقرُبة من الجنة.

{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} مع أنه فزع رهيب جِـدًّا، حالة ليست عادية أبداً، ولكنهم يعيشون حالة الأمان، والاطمئنان، والطمأنة من ملائكة الله، ويمنحهم الله سبحانه وتعالى طمأنينة إلى قلوبهم.

 

3 – انتهى الحاج حسين من سحوره مع أحفاده.. الحاج حسين من أبناء مدينة تبنين بجنوب لبنان.

كان الحاج حسين على سجادة الصلاة يتذكر أبناء الثلاثة الشهداء.

توفي الحاج حسين يومها بعد صلاة الفجر صائمًا مؤمنًا صابرًا محتسباً.

في داخل الجنة لكُلٍّ منهم أربع جنات خَاصَّة به، كما وضَّحها الله في (سورة الرحمن): {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، ثم تحدث عن أوصاف النعيم فيها، وتوفر كُـلّ أنواع الفواكه والثمار وما فيها من أصناف النعيم، ثم عَقَّب بعد ذلك بقوله: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}.

ملابس أهل الجنة في الجنة من أرقى الملابس، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ}

الحلية والزينة التي يلبسونها (الأساور)، {مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا}

في الجنة يلبس أهل الجنة من رجالهم ونسائهم الأساورَ الذهبية، التي هي مرصَّعة باللؤلؤ، ومن ذهب الجنة، ولؤلؤ الجنة الراقي جداً.

هذا النعيم العظيم الأبدي، الذي لا نهاية له، الراقي جِـدًّا، الذي لا مثيل له، الله سبحانه وتعالى يدعو عباده إلى هذا النعيم، إلى هذا الفوز، إلى هذا التكريم، ويعرضه عليهم، ويرغِّبهم فيه، وهو ما ورد كَثيراً في القرآن الكريم.

نعيم الجنة نعيمٌ عظيمٌ جِـدًّا، والدرجات متفاوتة، ولكن لو جُمِعَ كُـلّ نعيم الدنيا، الذي تفرق على كُـلّ بني آدم، وجُمِعَ بكله؛ لما ساوى وضع الأبسط درجة من نعيم الجنة

ذلك الرجل الذي قد نرى أنه أقل أهل الجنة في الجنة، نعيمه يفوق كُـلّ ما قد حصل عليه البشر من النعيم، والثراء، والراحة، والسعادة في عالم الدنيا، وفوق ما يمكن أن نتخيل.

مهما قرأنا من الآيات المباركة عنها، فهي تقدِّم لنا الصورة التقريبية التي نعجز نحن عن مستوى استيعابها بحقيقتها؛ ولذلك المفاجأة كبيرة عندما يصل الإنسان إلى الجنة يراها بشكلٍ عظيمٍ جِـدًّا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com