نهاية حتمية وخلود أبدي
محمد أحمد البخيتي
كمْ من عصور مضت، وكمْ من سنوات انقضت، وكمْ من أمم أفنيت، وكمْ من أناس رحلت، لذا؛ عش ما شاء الله أن تعيش فَــإنَّك فانٍ، واحيَ ما وهبت من العمر فٳنك ميت، وكن في الحياة الدنيا ما كنت فلا مسؤوليتك ستشفع لك، ولا سلطتك ستحميك، ولا جاهك أَو قبيلتك أَو عشيرتك ستنجيك.
وبقدر مسؤوليتك يكون حسابك، وبقدر إحسانك تكون نجاتك، وبقدر عثراتك تكون خسارتك، في يوم آت لا مفر فيه من الحساب ولا شفاعة فيه أَو وساطة أَو جاه أَو أقارب أَو أهل أَو عصبة أَو أصحاب، غير الطريق التي رسمتها لذاتك قبل مماتك، فيوم القيامة قادم لا محالة يوم لا ندرك حينه ولا يمكننا تأجيل ساعاته وأيامه وسنينة، كونه آت بغتة
يوم بدايته نفخة يصعق بها من في السماوات والأرض يتبعها بعثاً لا مفر منه، يبعث فيه الخلق بكافة صفاتهم ودياناتهم وأجناسهم في هول وفزع وخوف وذهول
فماذا أعددت؟
وماذا قدمت؟
فلا شفاعة تقبل منك ولا وساطة أَو فدية تشفع لك، ولا مجاملة، أَو محسوبية يمكن أن تنقذك، ولن ينقذك إلا ما قدمته في حياتك من الخير، وسعداً لك في ذلك اليوم إن أوتيت كتابك بيمينك، وتعساً لك إن أوتيته بشمالك أَو وراء ظهرك.
فاجعل من حياتك فرصة لنجاتك وأحسن ما يتم تدوينه في صحيفة أعمالك، وحاسب نفسك قبل أن تحاسب وزن أعمالك قبل أن توزن عليك، واجعل من عمرك، ساعاتٍ لرضا الله، وأيامًا لعبادة الله، وأشهرًا لطاعة الله، وسنواتك للغاية التي مِن أجلِها خلقك الله.
واعلم أن حياتك وقدراتك، ومسؤوليتك وسلطتك وجاهك وإمْكَانياتك أمانة في عنقك، فاجعل منها فرصة لاغتنام الخير وإقامة العدل، وخدمة الخلق، ووسيلة للتقرب إلى الله، والعمل بما يرضي الله، فالموت آتي والبعث آتي والحساب آت ولا مفر مما قدمته لنفسك، أَو جنيت به على نفسك، فأحسن في هذه الحياة القصيرة الفانية، ليحسن الله إليك في الحياة الآخرة (حيث الحياة الدائمة وعالم الخلود الأبدي).