مكایيلُ الإرهاب في دول الإرهاب
د. حكم امهز*
انتفضت تركيا وثارت اثر وضع عناصر القوات الأَمريكية المحتلة في شمال سوريا، شارات وحدات حماية الشعب الكردي على ثيابهم العسكرية. واتهم وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو واشنطن “بالكيل بمكيالين” لرفضها اعتبارهذه الوحدات “منظمة إرهابية”. مع العلم أن القوات الأَمريكي في سوريا تدعي مساعدة الوحدات على تحرير ريف الرقة وربما الرقة..
قبل فترة اتهم نائب الرئيس الأَمريكي جو بايدن تركيا والسعودية ودولا في مجلس التعاون، بدعم الإرهاب وتمويله وتسليحه، وكذلك فعل كثيرون حتى أن الرئيس الأَمريكي باراك اوباما، اتهم الوهابية بانها عقيدة الإرهاب ونشره.
ما يفهم من الطرفين التركي والأَمريكي، أن لكل واحد منهما توصيفه وتصنيفه للإرهاب للإرهاب..
فتركيا.. تعتبر وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا إرهابية، ولا تعتبر جماعات مسلحة في سوريا كــ”النصرة “و “داعش” إرهابية، بل تسهل لهم عمليات تهريب وبيع النفط والبترول المنهوب من سوريا، وتفتح حدودها لتمرير الأسلحة والمسلحين لهما. واذا كانت تحاول تركيا ادعاء انها تعتبر هاتين الجماعتين إرهابيتين، فانها لا تعتبر فصائل أُخْـرَى كــ”احرار الشام” و”جيش الإسْـلَام”- اللذان ارتكبا مجرزتي طرطوس وجبلة الساحليتين مؤخرا -، إرهابيتين.
الادارة الأَمريكي: لا تعتبر الوحدات الكردية إرهابية وهي ارسلت جنودا بذريعة مساعدة هذه الوحدات على مكافحة داعش” الإرهابية” في اطراف الرقة.
وتلتقي واشنطن مع انقره على اعتبار الجماعات السورية الأُخْـرَى، غير “داعش” و”النصرة”، معتدلة.
في القوانين والشرائع الدولي أن من يدعم الإرهاب، هو إرهابي، واذا ما اخذنا بتوصيف تركيا والولايات المتحدة للإرهاب، فان كلا منها يصبح إرهابيا، وفقا لمكايلهما.
فتركيا تدعم “النصرة” و”داعش” الإرهابيتين وفقا للمنظور الأَمريكي، اذن تركيا إرهابية.
والولايات المتحدة تدعم وحدات حماية الشعب الكردي “الإرهابية” وفق منظور تركيا، اذن الولايات المتحدة إرهابية.
بناء عليه فان كلا الدولتين تدعمان الإرهاب، أي انهما إرهابيتين.
فوفقا لكيل أي دولة نحدد ونصنف الإرهاب؟
نذهب إلَـى حليف استراتيجي اخر، لتركيا والولايات المتحدة.. المملكة العربية السعودية، خادمة الحرمين الشرفين.. الكيل هناك اوفى اوعدل وأوهب..
المملكة لا تعتبر كُلّ الجماعات المسلحة في سوريا، إرهابية، بل معتدلة ومعارضِة سلميا، ولا تعتبر الإسرائيلي المغتصب لفلسطين والقدس والاقصى، إرهابيا، بل تتحالف معه، وَتدعمه في عُـدْوَانه ضد المقاومات اللبنانية والفلسطينية، وتسخر شيوخ (الكيلو فتوى)، لاصدار فتاوى بالجملة، بحرمة دعم المقاومة.
المملكة التي تنصب نفسها قائدة للبلاد الإسْـلَامية والمسلمين في العالم، توصف المقاومة الداعمة للقضايا المركزية للمسلمين وعلى راسها فلسطين والقدس، إرهابية. وتقول علنا انها مستمرة في دعم “المعارضة” في سوريا حتى اسقاط الرئيس الاسد بالقوة، ولو كلف ذلك أَكْثَـر من الضحايا الذين سقطوا حتى الان، وربما وصلوا إلَـى ثلاثمئة الف قتيل ومئات الاف الجرحى وملايين المشردين.
بناء لمفهوم تركيا والولايات، فان السعودية إرهابية ايضا، لانها تدعم الإرهاب..
الكيان الصيوني، لم يصنف “داعش” ولا “النصرة” ولا غيرهما من الجماعات المسلحة التكفيرية في سوريا إرهابية، بل نسق وينسق معها، ويعالج عناصرها من جراح المعارك الدائرة في سوريا، ويقوم رئيس الوزراء بنيامن نتنياهو (الاب الرؤوم الحنون العطوف على هذه الجماعات) بعيادة ابنائه الجرحى من هذه الجماعات في المشافي الإسرائيلية.
لكن هذا الكيان يلتقي مع حامية الحرمين الشرفين مملكة ال سعود، بتصنيف حزب الله والمقاومة الفسطينية إرهابية (بغض النظر عن تسلـيَـمَـنا بإرهابه المطلق).
ووفقا لمفهوم تركيا والولايات المتحدة، فان، الكيان الصهيوني إرهابيا. لانه يدعم الإرهاب في سوريا.
بعد هذا العرض الموجز.. فان الدول المذكورة جميعها.. إرهابية، بامتياز.. وهي لا تدعم الإرهاب فقط، بل تدعم بعضها بعضا، وتشكل حلفا، هدفه الاستراتيجي، تدمير المنطقة باكلمها على رؤوس قاطنيها، وفرض مشروعها الإرهابي التجزيري التقسيمي التكفيري..
اما الكيل الحقيقي لتحديد مفهوم الإرهاب.. فاوضح من أن يوضح، وهو كيل المحور الذي يواجه مشروع هذه الدول الإرهاب، والذي حدد كيله، بالقضاء على المشروع الإرهابي في المنطقة، ممثل بالطفرة التكفيرية الوهابية، والكيان الصهيوني الغاصب، وبدعم قضايا فسطين والقدس والعرب والسلمين..
* موقع العالم الإخباري