العلامة محمد محمد المطاع يبعث برسالة إلى علماء اليمن
أصحابَ الفضيلة أعضاء رابطة علماء اليمن، وعلى رأسهم شمس الدين، جعله الله شمساً للدين وشمساً لليمن.. تحية طيبة وشكراً وتقديراً يعمر حضوركم هذا الحضور الذي دفعه الواجب والمسؤولية التي يحملها العلماء، وليسمع من يريد أن يسمعَ مظلومية اليمن التي تجاوزت مظلومية بغداد من همَجية التتار، وطغيان الشيطان الأكبر والذي امتد طغيانُه إلى اليمن ومظلومية الكويت مع صدام.
شكراً لهذا الحضور الذي وضع اليمن واليمنيين في خيار واحد هو الجهاد في سبيل الله والشهادة وإلى عند ربهم يُرزقون أَوْ لمن كتب الله لهم الحياة أن يعيشوا ورؤوسُهم مع النجوم تتلألأ هذا الحضور له مذاق خاص، إذ هو نابعٌ من ذاتية العلماء بدون أن تنفخ السلطة في أوداجه كما هي العادة وتجعل منه سُلّماً تصعد منه إلى حيث تهوى وتريد.
إنكم أيها العلماء قد أدركتم أن مفتاحَ السعادة بيد العلماء المتحررين من التبعية ومن السلطة التي لها مآربُ أخرى ومن الحزبية التي تجلب العصبية القاتلة.
إن فئتين من البشر يجبُ أن يكونا مستقلتين وأن يكون الحق والعدل والصدق والأمانة والفهم والخوف من الله طعامهم وشرابهم، هاتان الفئتان هما فئة العلماء وفئة القضاء فإن صَلُحَا صلحت الأمة ويجب أن يصلحا وإن فسدتا فأقم على المجتمعات مأتماً وعويلا.
إنكم أيها العلماء إذا حصّنتم مكانتكم تستطيعون أن تجرّوا الأمة إلى صفكم لتقولوا لها إن هي إلا الشريعة المحمدية أَوْ الموت.
فقد كَثُرَ الخبث حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، فلا حياة بدون دين ولا حياة بدون كرامة ولا حياة بدون استقلال وسيادة، ولا حياة بدون صدق وأخلاق وأدب، ولا يجوزُ ولا يصح أن يحكم الأمة الظالمون الفاسدون، وما ساءت الأمور إلا بعد أن وقعت بين مخالب هذين البُعبعين، أما القتلة والخونة فإن حسابهم مع الله ومع الأمة عسير وعسير جداً.
ولقد عجبتُ وعجب العالم الحُـرّ معي كيف يريد الخائن القاتل لشعبه أن يفرض شروطه وهل سينقب عن الضحايا من تحت الأنقاض الذين قتلهم ليقوموا يبايعونه، ويا للعجب العجاب، بطلب الخونة تسليم سلاح المجاهدين والمدافعين عن الدين والعِرض والوطن إلى أيديهم ليقتلوا به من بقي من أَبْنَـاء الشعب، وإلا فإن مطار بيشة الذي أهان أَبْنَـاء اليمن ومطار عَمّان الذي استجاب للإهانة، وسلاح التحالف الذي أحرق الأرض ومن عليها، والحصار الخانق الذي منع حتى الدواء والغذاء وهو سلاحهم ولن يتحلوا عنه.
هل سمعتم في العالم خونة يفرضون أدواتِ التعذيب على شعبهم بمثل هؤلاء؟!، وهل سمعتم بسقوط مثل سقوط هؤلاء؟!، فكيف يكون السلام مع هؤلاء والتعايش معهمظ؟!.
نحن نريد السلام وهو خيارُنا مع من يريد السلام.
أما أن أسكب له عسلاً ويسكب لي علقماً فسوف أرمي بعلقمه إلى وجهه.
وهل يفهم هؤلاء الأغبياء أن أكثرَ من عشرين ألف شهيد وجريح، والقائمة تطول، دمائهم تستصرخنا، وتقول لنا كونوا رجالاً.. نعم نحن نقول للدماء نحن رجال وسنلحق بكم حتى يذهب الخبث الذي أضرَّ الأرض ومن عليها، سنظل رجالاً وحتى أمهاتكم وأخواتكم فقد كنّ فيلقاً مجاهداً هو الأول من نوعه في تأريخ اليمن، وكأن زينب بنت الحسين وأسماء بنت أبي بكر والخنساء والعدوية دخلن صفوفهن وشددن من أزرهن.
ويبقى عليكم يا علماء يا مجاهدون شيءٌ واحدٌ، وهو أن تخرجوا إلى صفوف القبائل وتشكّلوا معهم رجالاً مجاهدين مقاتلين يتوجهون إلى الجبهات، بتوزيع يتفق وحاجة كُلّ جبهة، فلا حل لدحر العدوان إلا بالصمود والقتال، وفيكم والحمد لله علماء يعرفون من أين تؤكل الكتف، وعلى رأسهم شمس الدين الزاهد والورع، وفي قيادة اليمن اليوم شابٌّ عالم وشجاع وعفيف ومخلص لليمن يطمئن إليه كُلُّ يمني مخلص، وهذا فضل من الله، إذ وجود أشخاص في مستوى المسئولية نعمة من الله كما هو حادثٌ في لبنان، لولا وجود قائد النصر نصر الله وأمثاله من المخلصين لكانت لبنان في خبر كان ولجثمت عليها إسرائيل، لا سيما وقادة العرب أَوْ معظمهم لا يشعرون بالمسئولية تجاه ما يجبُ عليهم إسلامياً ووطنياً وأخلاقياً وحياءً من الله ورسوله.
أخيراً أبارك لكم جمعَكم وتجمُّعكم، وفي تسمية رابطة علماء اليمن حكمة، إذ هذا العنوان يجمع ولا يفرق، واليمنُ ولله الحمد ليس فيه طوائف تحتاجُ إلى مسميات تليق بها.
اليمنُ عبر التأريخ شافعي وزيدي، وهما كفرسي رهان كُلٌّ منهما يمثل الأخوّة الإسلامية، ولا يستطيعُ أَيُّ شيطان أن يفرّقَ بينهما، وكلُّهم ضد العدوان إلا من شذ فقد أعطيتموه حقه يا علماء بأنه خائن لله ولرسوله وللمؤمنين، وهذا كافٍ لمَن له بقية ضمير.
أسأل الله أن يوفقَكم ويسدد خُطاكم، وأرجو أن لا تنسوني من الدعاء بحُسن خاتمتي، وعُذري عن الحضور يمكن فهمه من سؤالٍ يوجّه إلى التسعين من عمري، فهي الشاهدة لما أعاني من زاوية إلى زاوية، ولولا أن الله أبقى لي نبضاً متواضعاً أجاهد به لصمتُّ كما تصمتُ القبور.
ولله در والدي المنصور فقد حكى لي عن شيخِه أنه قال وما دواء الكبربر قال القبربر.
والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته.
والدكم وأخوكم/ محمد محمد المطاع