غزة المُسلسل الوحيد الذي لا يتم مشاهدته في رمضان
مجيدة جاسر
جميع المسلسلات تعرض في رمضان وتكون وهماً ومن الخيال، ويتم التمثيل بكل دهشة لدرجة تتساقط الدموع ونحزن عليها كَثيراً، ويدفع في المسلسل مليارات ويتم بثه في جميع القنوات، لكن هناك مسلسلاً حقيقياً ليس وهماً ولا خيالاً بل حقيقة صادقة، مسلسل مؤلم وحزين، كله إبادة جماعية، مسلسل مرعب مليء بالدماء، أكثر من يمثل في هذا المسلسل الأطفال والنساء والكبار من السن.
مسلسل بدون رسومات أَو فلوس، تم تجهيزه من قبل شهر رمضان المبارك بخمسة أشهر، فيه حالة الحصار والجوع والدمار والإبادة الجماعية لدرجة أن المشهد فيه الأسر تباد عن بكرة أبيها، لا يبقى شجر ولا بشر ولا حجر، تباد أسر بأكملها من السجل المدني، مسلسل مشاهدة الحلقة الواحدة منه كافية لأخذ الدروس والعبر!
مسلسل وجبات الإفطار فيه للأسر من الحشيش والأعلاف والتبن التي تأكل منها الحيوانات، سفرة الطعام ليست في منازل لها أسقف بل خيام أغرقتها الأمطار واقتلعتها الرياح، الماء الذي يشربون قتل منه آلاف الأطفال، اشتد بهم الجوع والعطش إلى أن تحول معظمهم إلى هيكل عظمي من شدة المجاعة، ويتمنى فيه الأب أن يموت ابنه؛ لأَنَّه لا يقدر أن يوفر له رغيف الخبز، الأب الذي يحترق من أعماق قلبه على عجزه عن توفير احتياجات أسرته، ليس؛ لأَنَّه أب كسول وكثير النوم لا بل لن الأرض التي يعيش فيها لم تعد صالحة للعمل، الأراضي هدمت والشوارع أبيدت والأسواق انتهت، والنوافذ أغلقت بوجهه فأين يذهب لكسب الرزق؟!
أنا لا أتكلم من مخيلتي ولا أكتب وهماً بل حقيقة؛ نعم هذا المسلسل حقيقي، إنها أرض اسمها فلسطين، تقع فيها غزة الأرض، التي تكالبت عليها أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا، غزة هي المسلسل الوحيد الذي لا يتم عرضه في رمضان، غزة التي خانَها العرب والمسلمون باسم القضاء والقدر، طبعوا مع المحتلّ وهجروها بدون مأوى، قالوا لها اذهبي يا غزة فقاتلي إنّا ها هنا قاعدون ومتفرجون وداعمون لإسرائيل!
فجاء من أقصى اليمن قائد قرآني من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إنه السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- غير موازين العالم ولم يدع المسلسل ليكمل المشاهد البشعة والفظيعة بحق أهل غزة، بل قال عكسهم: اذهبي يا غزة وقاتلي إنّا معكم مقاتلون.
وجعل من غزة أُسطورة ستكتب بماء الذهب في تاريخ البشرية، ووصمة عار في جبين حكام العرب المتفرجين، الذين حولوا شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر الصلاة والتسبيح والاستغفار إلى شهر القتل، شهر الدماء والظلم، ويحكم بأي وجه ستقابلون الله!
لستم وحدكم، ولستم المسلسل الذي لن يتم مشاهدته، بل أنتم نبض الأُمَّــة ومجدها وعزها، وسيكون زوال اليهود والنصارى على أيديكم بإذن الله.
(إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِـمُوا، وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) صدق الله العظيم.