الخيواني.. القلمُ الذي لا ينضب والقلبُ الذي لم يتوقفْ عن النبض

 

هاشم أحمد شرف الدين

في الذكرى التاسعة لاستشهاد الصحفي الكبير الأخ عبدالكريم الخيواني، نشيد بالصحفي الشجاع الذي تحدى مظالم السلطة وفسادها بشجاعة لا تقهر، فأصبح رمزا للأمل يذكرنا جميعاً بقوة الكلمة في مواجهة الظلم.

إن سعيه الحثيث لتحقيق العدالة أكسبه احترام وإعجاب كُـلّ إعلامي، حَيثُ كشف بلا خوف عن الفساد الذي كان يترسخ في عروق السلطة إبان عهد عفَّاش والإصلاح.

ليس هذا وحسب، بل كشف مؤامرة التوريث، بكل جرأة، ودافع عن مظلومية أبناء صعدة وحرف سفيان. ومع كُـلّ كشف أَو مقالة، كان يشعل شرارة الثورة، ويشجع الجماهير المظلومة على الانتفاض ضد مضطهديها.

كانت صحيفة (الشورى) التي يرأس تحريرها بمثابة شريان استعادة الثقة في قوة الصحافة وسعيها لتحقيق العدالة. ومع استمراره في كشف الجانب المظلم للسلطة، حفّهُ الخطر من كُـلّ جانب، من جانب “علي كاتيوشا” ومن جانب “علي عفاش” بشكل مشؤوم. هدّدوه، اقتحموا منزله واعتقلوه أمام أطفاله، سجنوّه، عذبوه، في محاولات بائسة لإطفاء شعلة الحقيقة التي كان يحرسها بشدة، لكنه ظل ثابتاً وغير خائف من المخاطر التي يواجهها.

إن التزامه الذي لا يتزعزع بمهنته وإيمانه الذي لا يتزعزع بقوة كلماته قد عزز تصميمه على مواصلة القتال حتى وإن قدّم التضحية الكبرى، فحصد احترام شعبه وجائزة عالمية في الصحافة.

كانت الثورية تجري في عروقه، فكان من مطلقي شرارة ثورة فبراير 2011م، ثم ثورة سبتمبر 2014م.

وبينهما شارك في مؤتمر الحوار الوطني وكان أحد نجومه.

شهد الفرح بالثورتين- فقرّت عينه وهو يرى الظالمين تتهاوى عروشهم واحدا تلو الآخر، والوصاية الأجنبية تتهاوى يوماً بعد يوم.

كان نجم فعالية الإعلان الدستوري في القصر الجمهوري بصنعاء، وأحد أركان نجاحها.

وبينما كان يأمل في المشاركة في بناء اليمن الحر دفع صحفينا الشجاع الثمن الأعظم لسعيه الدؤوب وراء الحقيقة وكرامة بلده. اغتاله خونة الوطن المجرمون أدوات أمريكا والسعوديّة، تمهيدا لعدوانهما الوحشي على الشعب اليمني. لقد أحدث خبر استشهاده صدمة في أرجاء الأُمَّــة، فوحّد الجماهير في حزن وغضب. لكن التضحية التي قدمها بمثابة صرخة حاشدة، ألهمت عدداً لا يحصى من أحرار اليمن لتولي زمام الأمور ومواصلة النضال.

فماذا الآن؟

لقد مرت تسع سنوات منذ أن لفظ صحافينا الشهيد الشجاع أنفاسه الأخيرة، لكنه حيٌ بشهادته وحيٌ بالنموذج المشرف الذي قدمه لمن بعده، ولا يزال اسمه تذكيرا دائماً بأن القلم أقوى من السيف.

في هذه الذكرى المهيبة، دعونا نكرم ذكراه بالتعهد بحمل شعلة الحقيقة التي رفعها، لمقاومة أعداء اليمن والفساد الذي لا يزال يبتلي الإدارة العامة للدولة، فبجهودنا الجماعية، يمكننا أن نضمن أن تضحيته لم تذهب سدى.

ثق يا أيها الشهيد العزيز “عبدالكريم الخيواني” أن اسمك سيظل إلى الأبد محفورًا في قلوبنا قبل سجلات الصحافة، كرمز للشجاعة، وشاهد على قوة تصميم الفرد على مواجهة الظلم وجهاً لوجه.

أما ذكراك التي تدعونا لأن نتأمل في حياتك وتضحياتك، فنجد فيها الإلهام لنكون أصوات الحق في مجتمعنا، فهي تؤكّـد لنا أن الروح التي لا تقهر لصحفي واحد يمكن أن تشعل نارا ستشتعل إلى الأبد في قلوب جميع الذين يسعون إلى عالم أكثر عدلا وإنصافا.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com