القيادةُ الحكيمة
بدرة الرميمة
قال تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} كمحرابِ الرسول الأكرم -صلوات الله عليه وآله- في تربية وتزكية المؤمنين، امتلكنا محراباً يعتليه ابنَه ليقومَ بنفس تلك المهمة، فيُربينا، ويزكّينا، ويعلّمنا الكتاب والحكمة، والتي حين ننصت لها ينتابُنا ذاك الشعور كأننا لأول مرة نسمع تلك الكلمات الإيمانية الروحانية، والتي تلامس أرواحَنا ومشاعرَنا، تلامس وَتَرَ صِلتنا بالله؛ فيُرجعنا إلى الله خاضعين منكسرين بعد أن كانت نفوسنا في تيه عن الروحية الإلهية في تلك الآيات.
سمعنا وعّاظًا كُثْــــــــــرًا، ومحدِّثين، ومفسِّرين مع استخدامهم كُـلّ وسائل التكلف في صنع تلك الروحية لآيات الله، لكنهم لم يمتلكوها ولن يستطيعوا أبداً؛ لأَنَّها مهمةُ قيادة مصطفاة، مهمة رجل يجمع في صدره الإيمان، وَالرحمة، والسكينة، والمودة، والعلم، والحكمة، والقوة والعزة، والكرامة، والشدة على الأعداء.
هذه القيادة هي من تستطيع أن تربِّي وتزكِّي النفوس؛ لأَنَّها ذات صلة قوية بالله، صلة لا نعلم كيف وكم مداها بالله؛ بل عجزنا عن معرفة مدى هذه الصلة التي كَشَفت له تلك المفاهيم للآيات ليتلوها علينا ويزكِّينا بها ويعلِّمنا بها، صلة تركت فيه هيبة، وعظمة تجعل كُـلّ مستمع لها ينصت كإنصات الجن لرسول الله حين حضروا مجلسه.
القيادةُ الربانية تمتلكُ مفاتيحَ القلوب، مفاتيح الحياة؛ لأَنَّها استطاعت كسر الحواجز التي تمنعه من الارتباط الوثيق بالله، فارتبط بالله، ويا له من ارتباط، واستطاع بهذا الارتباط أن يكسر كُـلّ باطل أمامه؛ فها هو يكسر كُـلّ تلك الادِّعاءات حوله حتى أصبح المنافقون أنفسهم ينتظرون خطابه، كسر تلك الحواجز حول العالم ليصبح العالم في أحر الشوق لسماع محاضراته، كسر حاجز الخوف في الأُمَّــة فيهدّد الأعداء وينفذ تهديده، حتى أصبح الأعداء ينتظرون خطابه ليسمعوا بماذا يتوعدهم.
هذه القيادة عندما تبرز للأُمَّـة هي تلامس جميع الفئات فيها، وجميع الأعمار صغاراً، وشباناً، ونساءً، وشيوخًا، وبجميع اللغات وجميع القلوب فيكسبها؛ لأَنَّ شذرات هذا القائد شذرات ربانية إلهية، تلامس الفطرة لا الشخصيات فلهذا تجد انجذاباً كبيراً تجاهه.
القيادة التي يصطفيها الله قيادة شاملة بكل جوانبها؛ فتراه في الجانب الإيماني هو أكثر الناس معرفة بالدين، وفي الجانب الاقتصادي نراه خبيراً اقتصادياً، وفي الجانب الزراعي نراه كمن عاش بين أشجار الجنة يعلم تفاصيلها، وفي الجانب السياسي والعسكري نراه رجلاً عسكرياً أقوى من أية قوة على وجه العالم، وبسياسته يبرز للعالم تدريجيًّا بأنه قوة عظمى، وكلّ مرة يظهر قوة أكبر حتى يظل العالم ينتظر بماذا سيظهر هذه المرة؟! وبماذا سيفاجئنا؟! نراه يفاجئهم بما لا يتوقعونه أبداً، ويبرز في كُـلّ مرة قوة أكبر من سابقتها فيبهت العالم أمام قوته.
هكذا القيادة الربانية حكيمة القرار وبصيرة الفعل والجهاد؛ ولهذا هم المنتصرون دائماً، كُـلّ هذه الأحرف القليلة جِـدًّا تصف جزءًا بسيطاً من سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله ويرعاه)، القيادة الربانية والتي تَشَرْفنَا بها وجعلت لنا كرامة لا مثيل لها.