رمضان عزيمةٌ وجهاد
القاضي/ حسين محمد المهدي
لقد افترض الله صيام شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة.
ولم يفترض الصوم على المسلمين جميعاً إلا في شهر واحد وهو شهر رمضان.
ليسود المجتمع المسلم جو من الطهارة والنظافة والإيمان والخشية لله وطاعة أحكامه فتكسد في رمضان سوق المنكرات، ويعم انتشار الخيرات والحسنات.
في شهر رمضان تنشأ لدى الأغنياء عاطفة المساعدة للفقراء والمساكين، وترى أهل الصلاح والتقوى ينفقون أموالهم في وجوه البر.
ويظهرون من التعاطف والتراحم مما يكون لدى المجتمع الشعور العام بأنهم جميعاً أسرة واحدة وجماعة واحدة، وتلك وسيلة ناجعة لإنشاء عاطفة التحاب والإخاء والمواساة والتعاون والوحدة.
إن أقرب ما يكون المسلمون فيه من الوحدة وحب المشاركة في كُـلّ عمل في خير للإسلام والمسلمين.
والابتعاد عن كُـلّ عمل يضر الإسلام والمسلمين في رمضان.
وتلك حمية إسلامية يترتب عليها عز الإسلام وعدم السماح بإذلال المسلمين.
في رمضان يكون المسلم أكثر استعدادا للتضحية بنفسه دفاعا عن الإسلام وذودا عن كيان المسلمين، وألَّا يتصف المسلم بذلك عُدَّ من المنافقين وشهد عليه عمله بأنه غير صادق في دعوى الإسلام بلسانه.
فالجهاد في سبيل الله يعتبر ذروة سنام الدين.
إن من أهم الواجبات وانفع القربات على المسلمين اليوم هو بذل الجهد في باب الجهاد والسعي إلى اعلاء كلمة الله كلمة الإسلام.
فجهاد بالمال وجهاد بالنفس وجهاد باللسان والقلم.
فالجهاد بمعناه العام يشمل كُـلّ ذلك، ولكن بمعناها الخاص يطلق على ما يقوم به المسلمون في وجوه أعداء الإسلام في الحرب وملاقاة الأعداء وقتالهم ويصير الجهاد فرضَ عين إذَا احتل الأعداء قطرا إسلاميا ولا يمكن دفع العدوّ إلا إذَا اجتمع المسلمون على قتالهم ويصير فرض كفاية عند قيام البعض به ولكنه يجب على الآخرين مَدَّ المجاهدين بكل ما يحتاجون إليه.
فالقرآن قد أوجب على المسلمين قتال من يقاتلهم (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ).
وها هي الصهيونية اليهودية تعتدي على الفلسطينيين وتحتل أرض الإسلام فأين المد الإسلامي لهؤلاء المجاهدين الذين وهبوا حياتهم في الجهاد في سبيل الله، ثم أين العلماء من واجب التبليغ لرسالة الله؟
فالجهاد بالقلم والاعتناء بنشر الإسلام عبر وسائل الإعلام وإيضاح محاسن الإسلام ومظلومية الشعب الفلسطيني ليست على الوجه المطلوب، وأين إرشاد المنحرفين من قبل العلماء؟
وكأن سطوة العدوّ الصهيوني وسيطرته على مركز القرار في مجلس الأمن اضعفهم عن تبليغ رسالة الله
فأين العلماء وأرباب الكلمة من قول الحق (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفى بِاللَّـهِ حَسِيباً).
فالمسلمون مكلفون بالعمل على كُـلّ المستويات حتى يعمموا نشر دين الله وتقوم الحجّـة بهم (وَإِذْ أخذ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قليلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ).
فبلاغ الحقائق وإيضاح حكم الإسلام فيما يجري دأب الحكم الصالح.
فرجال الحكم بما يملكونه من وسائل إعلام فَــإنَّه يجب عليهم الظهور فيها وإبلاغ الحجّـة والتحشيد للجهاد كما يفعل قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله فهو رمز لدولة الحق التي تدعو إلى الجهاد باللسان وبالقوة.
إن تخاذل زعماء الأُمَّــة الإسلامية عن نصرة فلسطين ينذر بفاجعة عدا محور المقاومة اليمن لبنان العراق إيران سوريا فَــإنَّهم يؤدون واجبهم في حدود استطاعتهم كما هو ظاهر من أقوالهم وأفعالهم.
وإذا كان أهل الكفر في أمريكا وأُورُوبا والدول التي تسودها اليهودية الصهيونية يقفون صفا واحدا في قتال المسلمين ويصرون على بغيهم وعتوهم ولا يقف أغلب حكام المسلمين في وجه هؤلاء نفاقا وذلة، مع انهم لو وقفوا صفا واحدا مع محور المقاومة في نصر القضية الفلسطينية واعلاء كلمة الجهاد لكان خيرًا لهم.
فَــإنَّ ادِّعاءهم للإسلام يكذبه احجامهم عن مناصرته ظنا منهم إن صنيعهم المخزي يصب في مصلحتهم وهو وهم وسوء تقدير يرضون به عدو الله وعدوهم الشيطان (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) وكأنهم لم يصيخوا اسماعهم إلى قول الرحمن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أولياء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) ومع ذلك فقد كتب الله النصر والعزة لأوليائه والخزي والصغار لأعدائه (كَتَبَ اللَّهُ لَأغلبنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين .
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).