عملياتُ القوات المسلحة اليمنية.. قدراتٌ متصاعدةٌ ضيّقت خيارات العدو
جعلت غرورَ أمريكا تائهاً بين الذهاب لحرب كبرى أَو البقاء تحت الاستنزاف المميت
المسيرة: محمد يحيى السياني
تتواصَلُ العملياتُ العسكريةُ اليمنيةُ في البحرِ الأحمر والبحر العربي وخليج عدن وباب المندب والمحيط الهندي، والتي تهدفُ اليمنُ من خلالها إلى منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر المسار البحري للوصول إلى موانئ فلسطين المحتلّة؛ إسناداً ودعماً للشعب الفلسطيني المظلوم والمحاصَر في قطاع غزة، والضغط على كيان العدوّ الصهيوني والأمريكي لإيقاف عدوانه وحصاره على قطاع غزة.
هذه العمليات العسكرية اليمنية المساندة والمؤثرة جِـدًّا على كيان العدوّ وعلى الأمريكي والبريطاني، تضيّق الخيارات على العدوّ الصهيوني ورعاته، وهي في الجانب الآخر مُستمرّة، وفي مسار تصاعدي طالما استمر العدوان والحصار على الشعب الفلسطيني في غزة، ومرهون توقفها بتوقف العدوان ورفع الحصار، حسب إعلان وتأكيدات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في أكثرَ من خطاب لأكثر من مرة؛ ليجعل اليمن الخيار المحتوم على كيان العدوّ ورعاته هو ترك الإجرام، وليس الإيغال فيه.
العمليات العسكرية اليمنية النوعية فاجأت الأعداء والأصدقاء وكلّ المتابعين لها في العالم، وقد تصاعد معها اليوم، الاهتمام العالمي وبما يدور فيها من مواجهات كبرى، وقد تحوَّلت إلى ظاهرة عالمية أخذت حيزاً كَبيراً من الاهتمام والدراسة والبحث، بمشاركة أجهزة الاستخبارات الدولية وبالأخص الغربية منها، وتهدف الأخيرة إلى توفير المعلومات الملحة والضرورية؛ لتلبية احتياجات الضربات العدوانية لأمريكا وبريطانيا على مواقع عسكرية داخل اليمن والتي إلى الآن باءت بالفشل وارتدّت بصواريخَ ومسيَّرات انطلقت من اليمن وأغرقت الكبر والغرور الأمريكي البريطاني الغربي، فيما أن تلك العمليات الفاشلة انعكست سلباً على إدارة بادين وتم وصفُها بأنها فاشلة ومتخبطة وأن عدوانها مع البريطاني، على اليمن لم يحقّق أهدافه وباعتراف قياداتهم العسكرية والسياسية التي أفصحت عن المفاجأة التي صدمت قواتِهم العسكرية في المساحة البحرية التي تدور فيها المعركة مع القوات المسلحة اليمنية والتي عجزت أمام ضرباتها الموجعة وعملياتها النوعية، قواتهم وقدراتهم العسكرية المتطورة جِـدًّا في التعامل معها وإيقافها.
ويتساءل الكثيرون في أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” والعالم عن أسباب العجزِ والفشل الذريع عسكريًّا لأمريكا وبريطانيا كقوتَينِ عالميتين، في هذه المواجهة أمام القوات المسلحة اليمنية، وعن جدوائية العدوان على اليمن والهدف من عسكرة البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي.
وقد بدا للعالم بأن أهدافه غير شرعية، حملت انحرافاً فاضحاً عن كل المبادئ والقيم الإنسانية التي ادّعت أمريكا وبريطانيا والغرب بأنها الراعية والمؤمنة بها، حَيثُ تعرت وكشفت في هذه المواجهة وتجلت الأهداف الحقيقية لمهام قواتهم في البحر التي تهدف لحماية السفن الإسرائيلية وحماية مصالح الكيان الصهيوني ومساندته في الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم الشنيعة في قطاع غزة.
متغيراتٌ تقلبُ المعادلات:
ووسط كُـلّ تلك المعطيات الشاذة التي تسير بها أمريكا وبريطانيا في هذه المواجهة وفي عدوانها على اليمن، يقابلها اليوم متغيراتٌ ومفاجآت يمنية عكست مسار ومصير هذه المعركة بقوة لم تكن في الحسبان، رجّحت معها كفة القوات المسلحة اليمنية وتفوقها على القدرات والإمْكَانيات العسكرية لأمريكا وبريطانيا، وباتت الضربات اليمنيةُ المتتابعة ترسل معها مؤشراتٍ قويةً بأن القادم أعظمُ وأسوأُ على بوارجهم ومدمّـراتهم وسفنهم العسكرية والتجارية وعلى تواجدهم في المنطقة برمتها، خَاصَّة بعد أن أصبحت اليوم، عملياتُ القوات المسلحة اليمنية متصاعدةً ونوعية وملفتة، في المَدَيات والمسار والدقة وبلغت مدياتها وتأثيراتها إلى المحيط الهندي، بشكل غير مسبوق فاجأ العدوّ وأدهش العالم.
ومن مدعاة السخرية أن يقدم الأمريكيون والبريطانيون على خوض معركة ضد اليمن هدفُها غير شرعي ومعالمها ضبابية ويعترفون بأنهم لا يملكون قاعدة بيانات حقيقية عن القدرات العسكرية اليمنية ولا يزالون يتلقون ضربات قوية ومتتالية من الصواريخ والمسيَّرات اليمنية ولا زالت أجهزتُهم الاستخباراتية وتقنياتهم الفنية عاجزة -بفضل الله- عن أن تصل أنظارها للحصول على المعلومات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية.
هذا التحدي اليمني يضع كلاً من ثلاثي الشر: الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، في وضع محرج للغاية ويصعب عليهم إنكاره، وقد عبرت وأفصحت اعترافاتُ مسؤوليهم عن ذلك وبشكل متكرّر ومُستمرّ، حَيثُ وصف في وقت سابق وزيرُ الحرب السابق بالإنابة (كريس ميلر) في مقابلة مع شبكة «فوكس» أن ضربات الأمريكيين والبريطانيين، على اليمن غير مؤثِّرة، معتبرًا أن القتال مع من سمّاهم الحوثيين يشبه القتال في الضباب؛ فالطائرات المسيَّرة قد سببت الكثير من الأضرار في سفنهم وبوارجهم الحربية والسفن التجارية المتجهة لـ”إسرائيل”، وهذا تَحَدٍّ أجبر البنتاغون على الاعتراف، بفشل الضربات الجوية على اليمن، ودفع بالناطق باسمه (بات رايدر) إلى القول: «لدى الحوثيين قدرات لا نهائية وقوات لا محدودة، وينبغي ألا نتفاجأ إذَا استمرت عملياتهم رغم الضربات الأمريكية والبريطانية» كما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول عسكري أمريكي وصفته بالاستراتيجي اعترافه بقوله: «باتت لدى الحوثيين ترسانة عسكرية كبيرة لثلاثة من أقوى الصواريخ الباليستية المضادة للسفن في العالم».
هذا جانب من تصريحات الأمريكيين والتي تشير بوضوح إلى ما يمكن وصفه بتبرير الإخفاقات الأمريكية والبريطانية في عدوانها على اليمن وفشلها عسكريًّا في حماية السفن الإسرائيلية وفي حماية سفنهم وبوارجهم الحربية، من الضربات اليمنية؛ وهو ما اضطرهم إلى الانتقال من الاستخفاف باليمن إلى الاعتراف بقدراته العسكرية وعملياته المتصاعدة.
السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، كان قد أفصح للشعب اليمني ولأحرار الأُمَّــة في خطاب سابق بأن القادم أعظم بكل ما تعنيه الكلمة، وَأن هناك بشائرَ كثيرة في هذا الجانب وفي هذه المعركة؛ وهو ما تجسَّد لاحقاً، بأن وسّعت القوات المسلحة اليمنية دائرة استهداف السفن الإسرائيلية إلى المحيط الهندي وأن عملياتها لن تقتصر على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي، وبذلك يمكن القول، وبحسب الكثير من المراقبين: إن هذه النقلة النوعية لعمليات القوات المسلحة اليمنية، تعد تطوراً كَبيراً وتدل على أنها تملك قدرات عسكرية غير مسبوقة في المنطقة، وقد كسر اليمن بذلك التوازنات العالمية المتحكمة في غرب آسيا وشمال إفريقيا منذ الحرب العالمية الثانية، ولم يكتف اليمن بالإنجاز الذي حقّقه بالحصار الذي فرضه على كيان العدوّ الصهيوني في البحر الأحمر، بل إنه اختار «خنق إسرائيل» وتعميق المأزق الأمريكي والبريطاني، إضافة إلى تشكيل تحد استراتيجي للهيمنة الأمريكية على البحار والمحيطات.
وتؤكّـد القرارات والخطوات اليمنية في سياق هذه المعركة بأن اليمن لن يتوقف عن عملياته العسكرية مهما بلغت التحديات، ولن يسكت اليمنيون عن حصار وتجويع الشعب الفلسطيني، ومن شأن هذه التطورات أن تزيد من الضغط على العدوّ الإسرائيلي كما من شأنها أن تنقلَ المنطقة إلى المزيد من التصعيد، وإلى توسيع دائرة الحرب في حال استمر العدوان والحصار على غزة.
ويؤكّـد اليمنُ لأكثرَ من مرة أن جبهتَه مرتبطة بالتصعيد في قطاع غزةَ، وأن أي تصعيد إسرائيلي سيقابل قطعاً بتصعيد يمني وتوسع لعملياته العسكرية.
تصاعُدٌ للعمليات وتصدُّعٌ للتحالف الهش:
ومما لا شك فيه بأن اليمن -من خلال جبهته المساندة للشعب الفلسطيني في قطاع غزةَ- قد جعل الإدارة الأمريكية المجرمة تعيش في مأزق وحرج كبير وتراجع لهيمنتها بشكل واضح، ولعل من النادر أن تجد أمريكا نفسها في ظل تعقيدات الموقف وإدراكها مع بريطانيا، ماذا يعني ضرب هدف متحَرّك في البحر ومدى تلك الدقة العالية للأسلحة التي تستخدمها القوات المسلحة اليمنية على الرغم من الانتشار العسكري الواسع لقواتهم هذه الجغرافيا البحرية الواسعة؟
وهكذا وضع اليمن أمريكا تحت خيارات صعبة للغاية بين الذهاب إلى حرب كبرى وبين التعايش مع حرب استنزاف طويلة، تستكمل إسقاط هيبتها التي تتمثل في صورة الردع التي تحرص دوماً على إبرازها للعالم، أَو خيار الدفع نحو الإسراع في الخطوات التي تضمن إنهاء العدوان والحصار على غزة، فالتصعيد اليمني لن يتوقف طالما استمر العدوان والحصار الإسرائيلي الأمريكي على غزة وبدت أهدافه وآثاره واضحة، في عزل كيان العدوّ الإسرائيلي عن شرق الخارطة العالمية وسوف يزيد من الضغط الدولي على العدوّ الإسرائيلي في ظل تدهور الأوضاع في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، كما تبرز أهميّة توسع عمليات القوات المسلحة اليمنية إلى توفر مجال واسع في القدرة على الإضرار باقتصاد كيان العدوّ عبر إمساكه وخنقه في ثلاث ممرات مائية مهمة تستفيد منها سفنه أَو تلك المرتبطة به، وهكذا فالتصعيد اليمني مع تأكيدات قائده بأن القوات المسلحة اليمنية ستوسع عملياتها إلى أماكنَ لا يتوقعها الأعداء جعلت من باب المواجهة مفتوحاً على مصراعَيه، ولا يُستبعَدُ أبدًا في قادم الأيّام تثبيت معادلات جديدة سيفرضها اليمن، ويدرك ثلاثي الشر بأن تهديدات السيد القائد جادة وليست للاستهلاك الإعلامي والمزايدات السياسية، وقد أثبتت الأشهر الماضية من عمر هذه المواجهة هذه الحقيقة التي فُرضت عليهم على أرض الواقع، والقادم أعظم بقوة الله.