من رداع إلى غزة
عدنان علي الكبسي
الاعتداء والتصرف الهمجي وغير القانوني الذي حصل في مدينة رداع في ردة الفعل من بعض الأمنيين بعد استهداف الأمنيين هناك مما أَدَّى إلى استشهاد اثنين من الأمنيين، كان ضحاياها شهداء وجرحى من أهالي مدينة رداع، وتضرر منازلهم وتهدم البعض منها.
وأمام هذه المأساة؛ وزارة الخارجية الأمريكية أدانت وهي أُمُّ الجرائم وكل الشر منها، والعدوّ الإسرائيلي استغلها وقام بتعليقات تحريضية والصهاينة أكبر المجرمين، وعلى إثرها أبواقهم في المنطقة والبلد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها والممول السعوديّ.
ولكني أقول لأبواق العدوّ والمنافقين: إذَا كان ضميركم الحي حرك مشاعركم تجاه هذه الجريمة فأحيي ضميركم الحي، ولكن لماذا ماتت ضمائركم أمام أكثر من ألفين وتسعمِئة مجزرة وحشية في حق إخوتنا الفلسطينيين؟!
إذا كانت إنسانيتكم أخرجتكم من حالة الصمت أمام مأساة رداع فأحيي إنسانيتكم إن بدأت تصحو، ولكن لماذا تجردتم عن الإنسانية أمام أكثر من أربعين ألف شهيد ومفقود في قطاع غزة؟!
إذا كانت غيرتكم قد نمت بداية من حادثة رداع فجعلتكم تفصحون وبكل جرأة فأحيي غيرتكم التي بدأت تنمو ولكن لماذا تبلدت أحاسيسكم أمام أكثر من أربع وسبعين وستمِئة جريح في غزة الجريحة.
إذا كانت رجولتكم شمخت في قضية رداع فأحيي شموخكم إن بدأ يترجل ولكن أين رجولتكم أمام القضية الفلسطينية؟!
إذا إيمانكم ودينكم جعلكم تستشعرون مسؤوليتكم أمام الله فأفصحت ألسنتكم وصرختم بالويل على أصحاب رداع فأحيي إيمانكم ودينكم، إذ جعلكم فصحاء، ولكن أين إيمانكم ودينكم تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادات جماعية على أيدي الصهاينة؟!
إذا منازل أهل رداع جعلتكم شجعان فأحيي شجاعتكم التي بدأت تعلو، ولكن أين شجاعتكم أمام آلاف البيوت والمنازل المدمّـرة في قطاع غزة؟!، ولماذا جبنتم أمام المجرم الصهيوني وهو يدمّـر أحياء بأكملها على رؤوس ساكنيها ظلمًا وعدونًا وإمعانا في الجريمة قصدًا وعمدًا؟!
إذا قلوبكم حزنت وعيونكم دمعت وصدوركم تأوهت وألسنتكم صرخت وسواعدكم ارتفعت ونفوسكم اهتمت فأحيي هذه الصحوة، ولكن لماذا كنتم غير مبالين بالشعب اليمني على مدى تسع سنوات وكنتم تحملون النزعة الإجرامية تجاه شعبكم وبرّرتم إبادته وشاركتم في البعض منها، وأيدتموها، وحرضتم على إبادة الشعب اليمني بكل ما تستطيعون، ولكنها ثقافتكم الإجرامية المستبدة، ثقافة الإبادة.
تباكيتم وولولتم على مأساة رداع ولكنكم كفكفتم دموعكم تجاه اغتصاب النساء وقتلهن أمام مرأى ومسمع من العالم، وبلعتم ألسنتكم أمام المرأة الغزية وهي تبكي والطفل الفلسطيني وهو يصرخ، وأغمضتم أعينكم عن المجازر الوحشية التي يرتكبها العدوّ الصهيوني في غزة المنكوبة.
قد العـدوان الإسرائيلي أجرم جـرم لا يــُـغـفَــــر
وســوّى أفعال لا فـــرعون ســـواها ولا هــــامان
هـدم نكّـل ظلـم قـتّـل نسف فجّــر قصف هجّــر
تروس أطلق نفوس أزهق وكأنّـه لم يكن ما كان
ولا حَــدّ دان واستنكــر.. ولا حَــدّ دان واستنكـــر
تحس إن أنت سـاكـن في خـلا خـالي مِـن السكـان
يصيـح الطفل في غــزة. وكِــنـه صاح جنب أدور
ومظلـــــومِـيته تُعــرض. وكِـن العــرض للعميــان
ذرفتم دموع التماسيح وأنتم غير مبالين بالدم اليمني، ولم تكترثوا لما يحصل في غزة، بل حرصتم أنتم وأسيادكم لتوظفوا حادثة رداع لإثارة الإشكالات الداخلية، وسعيتم لتشوّهوا موقف اليمن تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني في غزة ولكنكم فشلتم، وحاولتم تثبيط الشعب عن التحَرّك الجماهيري مساندة لأخوتنا في قطاع غزة وفشلتم، حاولتم أن تنشأوا عقدة في نفوس أهالي رداع ولكنهم فوَّتوا عليكم وعلى أسيادكم الفرصة؛ لأَنَّهم أكثر وعيًا من مؤامراتكم.
وللأسف حينما عبر أهالي الضحايا في رداع شنت أبواق الأعداء عليهم حملاتهم الشعواء، والسب والشتم واللعن والإساءة إليهم، والأهالي أكبر وأسمى.
وضمن مسيرات الجمعة، الماضية خرج أبناء منطقة رداع في مسيرة (عملياتنا مُستمرّة.. أوقفوا عدوانكم)؛ ردًّا منهم على أمريكا و”إسرائيل” أنهم لا يمكن أن يؤثروا فيهم مثقال ذرة، خرج أبناء رداع ليخرسوا أصوات أبواق أمريكا و”إسرائيل”، خرج أهل رداع ليعلنوا أنهم يعرفون جيِّدًا إجرام أمريكا وأدواتها، وأعلنوا موقفهم المبدئي بلسان واحد أنهم ضد أمريكا والأتباع، وهم على استعداد وجهوزية عالية للجهاد في سبيل الله، وليتقدموا على خط النار في مواجهة العدوّ الأمريكي والإسرائيلي.
شبت أبواق أمريكا و”إسرائيل” النار على حادثة رداع، وصبت الزيت على النار فخرج أبناء رداع بكل وعي في مسيرة الجمعة، أكثر من كُـلّ المسيرات السابقة التي تحصل في مدينة رداع، ولسان حالهم لسنا دمى نتبعكم فيما هو خطر علينا وعلى أمتنا، ولكننا أحرار ولن نكون إلا حَيثُ يكون أحرار الشعب اليمني في مساندتهم لإخوتنا الفلسطينيين.