مأساة غزة
الزهراء العرجلي
مدينة شرد ساكنيها، قصفت مستشفياتها ومبانيها، مزقت أجساد نسائها وأبنائها إلى أشلاء اختلطت بركام القصف، قُتل فيها الشيخ المسن، الكفيف الأصم، دكت دكا، فشهد العالم أجمع أنها حرب إبادة، بيد أننا سمعنا نباحًا يقول: ليس هناك ما يدل على أن “إسرائيل” ترتكب حرب إبادة!
واليوم أبناء غزة يموتون جوعًا بعد أن أكلوا أعلاف الحيوانات، اليوم “إسرائيل” بعد أن قصفت ودمّـرت واغتالت وتجبرت، اليوم تحاصر غزة تمنع عنهم الطعام والشراب، تقتلهم جوعًا والعالم بأكمله يشاهد ذلك وما زالت أمريكا تريد ما يثبت أن “إسرائيل” تمارس تجويع أهالي غزة والعالم يلتزم الصمت وكأنه بسكوته يؤيدها!
هل عميت العيون عن مشاهدة ما يحدث، أم صمت الآذان عن سماع أصوات المستنجدين!
كلا والله، إنما بيعت الضمائر، وماتت الإنسانية، واستبدلت هُوية الإيمان بهُوية شيطانية.
هل كان ل”إسرائيل” أن ترتكب كُـلّ هذه الجرائم إن تحَرّكت الأُمَّــة وجاهدت، هل كان لأمريكا أن تمارس كُـلّ هذا التدليس للحقائق الجلية إن صرخ العالم في وجهها وواجهها؟!
لا ورب العالمين، العالم الحقير هو من صمت، هو الذي خنع وخضع، هو الذي اشترته أمريكا بأرخص الأثمان حتى أصبح تحت أقدام من ضربت عليهم الذلة.
تبت أيديكم يا أيها العالم الحقير.
أصبحنا اليوم نرى موائدكم تملأها الأطعمة لتشبع بطونكم الجائعة فاملؤوها اليوم قبل أن يأتي اليوم الذي سيكون طعامكم فيه شجرة الزقوم، أشربوا ما تشتهون فسيأتي يوم تشربون فيه شراب الحميم، رفهوا على أنفسكم وأغمضوا أعينكم عما يحدث في غزة، صموا أذانكم عن سماع أصوات المستغيثين، وسيأتي اليوم الذي ستستغيثون فيه ولن تجدوا إلا ما يشوي الوجوه.
أما نحن فقد عزنا الله بقائد استنهض به أحرار هذا العالم، إن قصفت غزة قصفنا معهم، إن جاعوا شاركناهم جوعهم، وإن استغاثوا كنا لهم خير ناصر ومعين بعد الله.
لا بأس يا فلسطين إن صمت الآذان عن نداءاتك وإستغاثاتك، إن خذلوكِ وتركوكِ وحيدة فهناك شعب عظيم بسيد عظيم ورب أعظم لن يتركوك، لا تهنِ ولا تحزني وأنتِ الأعلى بإذن الله وعز الله القائل في كتابه {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
{وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}