وعد الآخرة يتزامن اليوم مع “عاد” الثانية.. والنهاية في صريح القرآن مثل سابقاتها
عبدالإله محمد أبو رأس
لا شك بأن المكر الإلهي المنفرد أزلياً بكل شيء هو من وراء ستار الأسباب، وهو من يعد المسرح التاريخي لشيء، وهو كذلك من زال يقدم لنا شواهد من تاريخنا المعاصر على صدق النوايا، وظاهرة الإعجاز ما زالت دائبة الفعل في التاريخ.
وقد اقتضت الحكمة الإلهية أن تدفع بالثالوث المخيف إلى مقدمة الأحداث المتسارعة لأمر يريده، وهذا هو الفصل الحالي من الدراما الكونية التي شاء لنا ربنا أن نحضره، وشاء لنا أن نراه، وأن نكون شهود عليه.
والوعود الإلهية ليست كالوعود العرقوبية والعهود الكاذبة، أَو بعبارةً أُخرى – أدق -كوعود الكونجرس، فوعد الله ووعيده؛ فوق العقل والمنطق،
وفوق المحدود والمعقول والمجهول، وفوق الجبروت الإسرائيلي والطغيان الأمريكي.
ويروي القرآن ما حدث في المرة الأولى في صريح العبارة، وكانت على أَيَّـام خيبر -ويقول ربنا عن هذا الحدث “وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كَبيراً” 4 ـ الإسراء، ثم يقول: (فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولا) 5 ـ الإسراء.
ثم يأتي إلى الثانية ويقول:
“ثم ردّدنا لكم الكّرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا” 6 ــ الإسراء. وليس النفير هنا من ” النفر “وإنما من الصوت المدوي الذي يستنفر الناس، وهو النفير الإعلامي من وسائل إعلام متعددة؛ من خلالها تمكّنوا التسلل إلى منابر صنع القرار في الدول الغربية وإثارتها.
والأيّام تتحدث حول ما يجري في غموض شديد، ويقول ربنا لليهود في تحذيره لهم: “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) وهو يعلم بأنهم لن يحسنوا فقد أضمروا الشر وخططوا له من البداية، فيقول الله عن تلك النهاية “فإذا جاء وعد الآخرة -أي ميقات الإفساد الثانية – ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبير ” 7 -الإسراء.
وهذا يعني أن المواجهة ستتم، والحرب ستحدث، وسوف يسترد المسلمون بيت المقدس ويدمّـرون كُـلّ ما بنت وعمرت “إسرائيل”، ويختصر القرآن ما سوف يحدث في غموض شديد مؤداه أنه ستكون هناك هزيمة كبرى لإسرائيل”.
وفي آية أُخرى يقول ربنا عن اليهود: (إن في صدورهم إلَّا كبر ما هم ببالغيه) 56 –غافر؛ أي إنهم لن يبلغوا أبداً ولن يحقّقوا ذلك العلو والتكبر الذي يحيك في صدورهم، والنبرة القاطعة في الآيات تقطع أي أمل في إن “إسرائيل” سوف تحقّق ما تحلم به يوم من الأيّام”
وللذين يتساءلون -اليوم -عن الميقات!! نقول لهم إن هذا الميقات قد تحدثت عنه الآية- 104- من سورة الإسراء- حينما قال ربنا “وقلنا من بعده لبني “إسرائيل” اسكُنوا الأرض -أي تشتتوا فيها أشتاتاً لكم في كُـلّ بلد مقر- وقد تحقّق هذا الشتات في الماضي، ثم يقول ربنا “فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا” وقد حدث هذا أَيْـضاً حينما جاء بهم على هجرات متتالية ليجمعهم في أرض الميعاد “إسرائيل”.
وهذا يعني أننا في صدد الميقات الثاني، والمواجهة الكبرى أوشكت -ثم يقول ربنا لليهود إن عدتم عدنا، أي إن عدتم إلى إفسادكم عدنا- بجنود مؤمنين- إلى تدميركم.
وقد يقول قائل: وكيف تجري على “إسرائيل” هذه الهزيمة الكبرى وهذا الانحدار الكامل وأمريكا في هذا العلو؟ وأين تكون أمريكا -حينها -وجبروتها في هذا الحدث، نقول له وذلك لغز يجلوه القرآن في إشارة عابرة يصف فيها قوم عاد، بأنها عاد الأولى، والمعنى يوحي بأنه سيكون هناك عاد ثانية، دولة عملاقة تتعملق في صناعتها كما تعملقت عاد الأولى، وهي أمريكا اليوم، ثم يجري عليها حاصد الفناء، فيأتي عليها ربنا من القواعد، والمعنى المهموس بين السطور أن أمريكا لن تظل أمريكا.
وهي المقصودة إذن في القرآن -بإشارة النص -بأنها عاد الثانية وسيجري عليها ما جرى لعاد الأولى، ألم يطلق القرآن على قوم عاد هذا الاسم، وأسماهم عادا الأولى، ألم نسأل أنفسنا هذا السؤال؟ ولماذا هذا الاسم؟ ولماذا قال عنهم في قرآنه عادا الأولى؟ ولماذا قال الله في وصفهم “وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وَإذَا بطشتم بطشتم جبارين “والتطابق -هنا – واضح بين عاد الأولى وعاد الثانية في العملقة والجبروت، وهما صفتان في الجبروت الأمريكي، وسوف يتزامن هذا مع هزيمة “إسرائيل” وتدمير كُـلّ ما أنشأت وشيّدت من بنيان، ولهذا سوف تنهار أمريكا، ولن يكون لها طاقة لنجدة – الوبر- “إسرائيل”.
والسؤال المحير متى؟ وأين؟ وكيفية هذا الانهيار؟ ومنهم جنوده؟ ومتى يحين ميعاده؟ أقول لهم إن الله دائماً يترك لنا الخيرة -كأمة- لأن نختار الكيفية والميعاد والمكان!! وهذا الامتحان الصعب هو المحك الحقيقي لعملية الفرز والتصنيف، ولكن حينما فشلت الأُمَّــة في الاختيار ولجأت أغلبيتها -بتعمد وإصرار- إلى التأجيل والتسويف والمهادنة والموادعة، وإلى تبادل القبلات مع الحاضنة والمرضعة للربيبة “إسرائيل”؛ تولى-هو- الاختيار لجنوده المؤمنين، وهم اليوم -بعد أن مكنهم القدير- يناطحون جبروت أمريكا وصلف بريطانيا وطغيان “إسرائيل”.