السيد عبدالملك الحوثي في خطاب بالذكرى الـ9 لليوم الوطني للصمود: قادمون في العام العاشر بقدرات عسكرية متطورة ووعي شعبي غير مسبوق وتماسك تام لجبهتنا الداخلية
تمكنا خلال التسع السنوات الماضية من إسقاط 165 طائرة حربية ونفذنا 38 عملية بحرية ذات أهمية كبيرة جداً في ردع العدو
ليس لدينا توجه عدائي تجاه أية دولة عربية أو إسلامية وموقفنا فيما نحن عليه في هذه المرحلة في مواجهة واضحة ومباشرة مع ثلاثي الشر: أمريكا و “إسرائيل” وبريطانيا
ننصح السعودي والإماراتي بعدم المماطلة والانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى استحقاقات السلام
نتوجه بالشكر والتقدير لكل الذين وقفوا مع بلدنا وفي المقدمة الجمهورية الإسلامية في إيران، والإخوة في حزب الله في لبنان، ولإخوتنا في العراق ولكل الأحرار في العالم
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وَتَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَامَ، وَالقِيَامَ، وَصَالِحَ الأَعمَال.
في هذه المناسبة: مناسبة يوم الصمود الوطني، الذي هو مناسبةٌ مهمةٌ لشعبنا اليمني المسلم العزيز. تسع سنواتٍ مضت منذ بداية العدوان على شعبنا العزيز، والصمود هو عنوان الموقف الحق لشعبنا، وتجلَّى للجميع في كُـلّ هذه السنوات التسع التي قد مضت نصر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتأييده، ورعايته، ومعونته لشعبنا العزيز، وهو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الذي يقول في كتابه: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[آل عمران: الآية160].
يأتي في طليعة هذا العنوان (عنوان الصمود) الذين تحَرّكوا من أبناء شعبنا العزيز من مختلف أبنائه، إلى الجبهات؛ للتصدي للعدوان، بعد أن بدأ على بلدنا العزيز، تحَرّكوا بكل جدٍ، وإخلاص، وتفانٍ، واستبسالٍ، وثبات؛ من الجيش، من كُـلّ فئات الشعب: من الشخصيات العلمائية، من الجامعات، من الطلاب، طلاب المدارس، من الفلاحيين، من المدن، من القرى، من مختلف أبناء الشعب، تحَرّكوا للتصدي للعدوان بإخلاص وتفانٍ، وثباتٍ واستبسال، ومن ورائهم أهليهم، الذين صبروا.
وفي إطار ذلك التحَرّك الواسع، الشامل، للتصدي للعدوان على بلدنا، ارتقى الآلاف شهداء، بعد أن سطَّروا البطولات، وملاحم التضحية والفداء، التي ستبقى للتاريخ، وتبقى مدرسةً للأجيال اللاحقة، وجُرِح أَيْـضاً عشرات الآلاف، وأُسِر الآلاف أَيْـضاً، وهم يعانون معاناة كبيرة جِـدًّا في ظل الأسر، لدى تحالف العدوان، وكم كان هناك من معاناة، وكم كان هناك من تضحيات، ففي طليعة هذا العنوان (عنوان الصمود) يأتي هؤلاء الذين تحَرّكوا، والذين يرابطون اليوم في كُـلّ جبهات القتال، وهم في اهتمام مُستمرّ، وصبرٍ دائم على كُـلِّ المعاناة، يرابطون ليل نهار، ويبذلون جهدهم لمنع أي اختراق أَو تقدمٍ للأعداء، في مساعيهم للسيطرة على بلدنا.
في هذا العنوان أَيْـضاً يأتي الدور المشرف لكل الذين استشعروا مسؤوليتهم، وتحَرّكوا في مختلف المجالات: على مستوى المجال الإنساني والإغاثة، وعلى مستوى المجال الاقتصادي، في الجبهات التعبوية، في جبهات التثقيف والتوعية، في السعي للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، في المجال السياسي… في كُـلّ المجالات، الذين تحَرّكوا للتصدي للأعداء، ولمؤامراتهم التي استهدفت كُـلّ المجالات.
وفي عنوان الصمود يأتي التماسك العام والصبر، الذي كان هو العنوان الأبرز لحال مجتمعنا بشكلٍ عام، ولحال الموظفين في مؤسّسات الدولة، ولا سيَّما مع الحصار الظالم الخانق.
العدوان على بلدنا منذ لحظته الأولى كان غادراً، بلا سابقة، بلا مبرّرات، بلا مقدمات، ووحشياً، وإجرامياً، ولأهداف خطيرة، وبإشرافٍ أمريكي، وفي إطار خطةٍ أمريكيةٍ إسرائيليةٍ بريطانيةٍ، وتنفيذٍ من جانب التحالف.
والعدوان على بلدنا أتى في إطار خطةٍ شاملة، للتحَرّك في المنطقة لإعادة ترتيب وضعها تحت قيادة العدوّ الإسرائيلي، وتصفية القضية الفلسطينية، والتخلص من أية جهاتٍ مساندةٍ للقضية الفلسطينية، والهدف -كما قلنا- هو: تمكين العدوّ الإسرائيلي من قيادة المنطقة، وإعادة ترتيب وضعها بناءً على ذلك، وظهر ذلك جليًّا بشكلٍ واضح في السنوات الماضية، سواءً فيما يتعلق ببرنامج التطبيع، أَو صفقة القرن.
والعدوان على بلدنا ليس له أي مشروعية، ولا أهداف مشروعة، ولا ممارسات مشروعة، فهو عدوان بكل الاعتبارات، وقد افتضحت البعض من العناوين، التي رفعها التحالف في بداية عدوانه، مثل: عنوان الحضن العربي، والذي اتضح أنه لا أَسَاس له أبداً؛ وإنما هناك سعي لإدخَال المنطقة بكلها، والعالم العربي بأجمعه، في الحضن العبري وليس العربي، وكذلك بقية العناوين: عنوان الأمن القومي العربي، والعناوين الأُخرى، كلها افتضحت مع فضيحة التطبيع، ووُصُـولاً إلى العدوان القائم حَـاليًّا على غزة.
منذ البداية سعى تحالف العدوان بإشرافٍ أمريكي إلى تدمير بلدنا، واحتلاله، ومصادرة حق شعبنا في الحريَّة والاستقلال، ومن الغارات الأولى استهدف المدنيين، وارتكب الجرائم، وكان الاستهداف شاملاً لكل معالم الحياة، التركيز كان واضحًا على قتل الشعب اليمني في كُـلّ مكان، الغارات الجوية التي يشنها التحالف كانت تقتل الناس في بيوتهم، سواءً في المدن، أَو في القرى، بل والاستهداف حتى لمخيمات البدو، وكانت تقتل الناس في كُـلّ تجمعاتهم، في تجمعات الأفراح، تجمعات الأعراس، تجمعات الأحزان أَيْـضاً، ومناسبات العزاء، في مختلف المناسبات التي يتجمع فيها الناس كانت غارات العدوان تستهدفهم، وحصلت الكثير من المآسي، التي وُثِّقت ونُشِرت في وسائل الإعلام.
كان هناك تركيزٌ على قتل الشعب اليمني في الأسواق، في المستشفيات، في المساجد، في المدارس، في كُـلّ مكان، في الطرقات أَيْـضاً، وكذلك استهداف -كما قلنا- لكل معالم الحياة: للمنازل، للمساجد، للمدارس، للمستشفيات، للمعالم الأثرية، للمقابر، للطرقات، للجسور، للمنشآت الخدمية بكل أشكالها وأنواعها، مثل: خزانات المياه، شبكات الصرف الصحي… وغير ذلك؛ فكان الاستهداف واضحًا أنه عدوانٌ شامل، والهدف منه: تدمير هذا البلد، والاستهداف لشعبنا العزيز، حتى الاستهداف لمركز إيواء المكفوفين، واستُهدف أَيْـضاً الشعب اليمني بالحصار والتجويع، والمؤامرات على العملة الوطنية، والبنك، وغير ذلك.
وبلغ عدد الغارات الجوية -وليس حصراً دقيقا؛ لأَنَّه أتى من مرحلة معينة وقد فات الكثير- بلغ فيما تم إحصاؤه فقط: (مائتان وأربعة وسبعون ألف وثلاثمِئة وغارتان)، فمائتين ألف غارة جوية ليست بسيطة، كم أُلقي فيها من القنابل والصواريخ على من؟ على الشعب اليمني، لقتل الشعب اليمني، لتدمير منشآته، (مِئتان وأربعة وسبعون ألفًا وثلاثمِئة وغارتان)، وهذا ليس إحصاءً كاملاً.
وعندما نلحظ حجم ما استهدفه تحالف العدوان في بلدنا، يتضح للجميع طبيعة هذا العدوان، وأنها إجرامية، ووحشية، ولأهداف سيئة:
- فعلى مستوى المنازل:بلغت حسب الحصر (ستمِئة وثلاثةَ عشرَ ألفًا -هذا على مستوى المنازل- وتسعمِئة واثنين وتسعين منزلاً)، أكثر من نصف مليون منزل، عدد كبير جِـدًّا من المنازل دمّـرت.
- المنشآت الجامعية: (مِئة وستة وثمانون) التي استهدفها العدوان، ودمّـر الكثير منها تدميراً كليًّا.
فالعدوان الذي يستهدف منازل المواطنين بأكثر من نصف مليون منزل، بهذا العدد الهائل، هل هو حرب لمصلحة الشعب اليمنى؟ أَو لاستهداف فئة معينة من أبناء الشعب اليمنى؟! هذه المنازل دمّـرت في المدن والقرى في مختلف المحافظات اليمنية، وليست لفئة معينة، أَو في جهة محدّدة فقط.
استهداف الجامعات في أي سياقٍ يأتي؟ هل يمكن أن يُعَبَّر عنه أنه لمصلحة الشعب اليمنى؟ أَو لخدمة الشعب اليمنى؟ أَو؛ مِن أجل الشعب اليمنى؟ استهداف للتعليم.
- استهداف المساجد، وبلغت المساجد التي دمّـرها تحالف العدوان: (ألفًا وثمانمِئة وثلاثة وأربعين مسجداً) عدد كبير جِـدًّا.
بالرغم من قدسية المساجد، وهي بيوت الله، ومن المعروف لنا جميعاً قدسيتها في الإسلام، لكن تحالف العدوان كان يستهدفها، سواءً في عمق المدن والقرى، أَو في مختلف المناطق والمحافظات، كانت تستهدف بالغارات الجوية، كانت تستهدف بالغارات الجوية.
- المنشآت السياحية: بلغت (ثلاثمِئة وثلاثًا وتسعين).
- المستشفيات والمرافق الصحية: (أربعمِئة وسبعة وعشرين).
وكانت مما يركز تحالف العدوان على الاستهداف له (المستشفيات)، وهي قليلة في بلدنا من الأَسَاس، الخدمة الصحية كانت ولا تزال ضعيفة في بلدنا ومحدودة، ومع ذلك استهدفها تحالف العدوان، وقتل فيها الكادر الصحي، والمرضى، ودمّـرها.
- على مستوى المدارس والمراكز التعليمية: (ألف وثلاثمِئة وواحد وثلاثون) مدرسة ومركزاً تعليمياً.
وهذا في أي سياقٍ يأتي؟ كُـلّ العناوين التي يرفعها تحالف العدوان عناوين سخيفة، في مقابل ما فعله، في مقابل حقيقة أفعاله وبرنامجه، برنامج تدمير للبلد، تدمير لكل المقدرات، لكل الإمْكَانات، لكل المنشآت، لكل الخدمات، ونهج عدواني، وسلوك إجرامي بكل ما تعنيه الكلمة.
- على مستوى المنشآت الرياضية:لم تسلم هي كذلك، المنشآت الرياضية: (مِئة وسِتٌّ وأربعون منشأة رياضية).
- على مستوى المواقع الأثرية: (مِئتان وتسعة وستون موقعاً أثرياً).
وكنا نستغرب من الاستهداف حتى للمواقع والمعالم الأثرية، والسعي لتدميرها بالغارات الجوية، لماذا؟!
- على مستوى المنشآت الإعلامية: (ثلاثٌ وستون).
- على مستوى الحقول الزراعية:أكثر من اثني عشر ألفًا (اثنا عشر ألفاً وسبعمِئة وخمسة وسبعون حقلاً زراعياً).
وتحالف العدوان كان يستهدف المزارع بالقنابل؛ لتدميرها، وتدمير الزراعة، في سياق الاستهداف لكل معالم ومقومات الحياة، بما في ذلك القطاع الزراعي.
فيما يتعلق بالبنية التحتية:
- تم الاستهداف للمطارات: (خمسة عشر مطاراً). بالرغم أن البنية التحتية كانت لا تزال ضعيفة في بلدنا، ومع ذلك استُهدِف الحاصل (خمسة عشر مطاراً)، في مقدمتها مطار صنعاء الذي كان يتعرض باستمرار للغارات الجوية.
- الموانئ كذلك: (ستة عشر) منها استهدف.
- محطات ومولدات الكهرباء: وهي بالنسبة لبلدنا كانت لا تزال محدودة أَيْـضاً، ومع ذلك استُهدفت: (ثلاثُمِئة وأربعةٌ وخمسون) منها.
- الطرق والجسور: (سبعة آلاف وتسعمِئة وأربعون) من الطرق والجسور التي استهدفها تحالف العدوان، وقتل فيها أعداداً كبيرة من المواطنين، كان يستهدف فيها أَيْـضاً الشاحنات، وسائل النقل، ويستهدف الناس فيها.
- شبكات ومحطات الاتصال: (ستمِئة وسبعٌ وأربعون).
- الخزانات وشبكات المياه: (ثلاثة آلاف وثلاثمِئة واثنان وثلاثون).
وهذا مما يجلي أَيْـضاً بوضوح عدوانية تحالف العدوان وأهدافه السيئة، لماذا يستهدف شبكات المياه وخزانات المياه؟ يستهدفها لإلحاق المعاناة بالمواطنين، حتى في شرب المياه، حتى في توفير المياه.
- المنشآت الحكومية: وهي بنية لصالح البلد واستهدفها بشكل كبير: (ألفان ومِئةٌ وخمسٌ وخمسون منشأةً حكومية).
كذلك فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي:
- المصانع:حاول استهدافها بشكل كبير؛ ولذلك دمّـر واستهدف منها (أربعمِئة وسبعةَ عشرَ مصنعاً).
- ناقلات الوقود: (ثلاثمِئة وسبعٌ وتسعون).
- المنشآت التجارية: أكثر من اثني عشر ألفَ منشأة تجارية (اثنا عشر ألفًا وخمسمِئة وأربعٌ وثلاثون).
- مزارع الدجاج والمواشي: (أربعمِئة وأربعٌ وثمانون).
- وسائل النقل: (أكثر من عشرة آلاف).
- شاحنات الغذاء: (أكثر من ألف).
- الأسواق: (سبعمِئة واثنا عشرَ) من الأسواق التي استهدفها، وكان الاستهداف للأسواق فيه مجازر جماعية، وقتل للناس، وفي نفس الوقت استهداف للناس في معيشتهم، واستهداف للاقتصاد.
- الاستهداف لقوارب الصيد: (أربعمِئة وثلاثة وتسعون)، ومن أكثر الناس معاناة هم الصيادون، وكم استشهد منهم في البحر.
- فيما يتعلق بمخازن الأغذية: أكثر من ألفٍ منها (ألف وثلاثة وأربعون)، كذلك في سياق مضايقة الشعب اليمني، وتجويعه، واستهدافه في اقتصاده وغذائه.
- محطات الوقود: (أربعمِئة وأربعٌ وثلاثون).
فنجد أن الاستهداف شمل كُـلّ معالم ومقومات الحياة، ومثل هذا لا يمكن أن يقال عنه إلَّا إنه عدوان، ليس له أي تفسير آخر، ولا ينطبق عليه أي عنوان من العناوين التي رفعها التحالف؛ ليبرّر أَو يسوِّغ بها عدوانه، فهو كان يقتل الشعب اليمني، ويدمّـر كُـلّ هذا: يدمّـر الجامعات، يدمّـر المساجد، يدمّـر المدارس، يدمّـر المستشفيات، ويقتل الناس في كُـلّ مكان، ويقدِّم عناوين يريد أن يخادع بها الشعب اليمني، هل يمكن أن تنطلي الخدعة على الشعب اليمني؟
وأسفر هذا عن استشهاد وإصابة (أكثر من خمسين ألفاً من المدنيين)، من غير شهداء الميدان في الجبهات، هؤلاء من المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، أعداد كبيرة من الأطفال والنساء، وهناك جرائم وحشية كثيرة تم الحديث عنها في وقتها، ونشرتها وسائل الإعلام من حينها، وعرف بها العالم، وانتشرت أخبارها في مختلف البلدان، في تلك المراحل، في كُـلّ المراحل الماضية كان هناك الكثير والكثير من تلك الجرائم البشعة، التي يندى لها جبينُ الإنسانية، في قتل الأطفال والنساء، والقتل الجماعي لأبناء الشعب اليمني، في مناسباتهم وأماكن تجمُّعهم.
إضافة إلى المعاناة الكبيرة من الحصار والتجويع، فهو عدوانٌ موازٍ إلى جانب العدوان العسكري، كان هناك تجويع، كان هناك حصار، ومعاناة كبيرة جِـدًّا، واستهداف مُنَظَّم للاقتصاد:
- استهداف لقيمة العُملة الوطنية.
- استهداف للبنك.
- سيطرة على الثروة الوطنية فيما يتعلق بالنفط والغاز.
- سيطرة كذلك على المنافذ.
- إعاقة لحركة الناس وتنقلهم.
- مُنِع الناس أَيْـضاً من السفر في المطارات.
- أغلقت المطارات.
حصار كبير وشامل عانى منه الشعب اليمني معاناة كبيرة جِـدًّا.
في مقابل تلك الهجمة العدوانية، الإجرامية، الوحشية، تحَرّك شعبنا العزيز بصمود، وصبر، وثبات، وتماسك، وكان التماسك على مستوى الجانب الرسمي، والجانب الشعبي، والجبهة الداخلية مشرِّفاً، وعاملاً مهمًّا في فشل تحالف العدوان، فهو بالرغم من حجم العدوان، والجرائم، والتدمير الشامل، لم يكسر إرادَة هذا الشعب، وهذه نعمة كبيرة وتوفيق إلهي كبير لشعبنا العزيز، أنه بقي صابراً، صامداً، ثابتاً، بالرغم من التجويع والمعاناة، ولا يزال شعبنا يعاني جِـدًّا نتيجةً لهذا العدوان.
تحَرّك شعبنا العزيز، وتحَرّك رجاله وأبطاله للتصدي للعدوان في كُـلّ المجالات: في الجبهات، فيما يتعلق بالجبهات، والتصدي للاجتياح البري، الذي هدف تحالف العدوان من خلاله إلى: الاحتلال الكامل لبلدنا، وأطلق عمليات عسكرية بعناوينها وأسمائها، للوصول إلى صنعاء، لاجتياح كُـلّ المحافظات، وأطلق عمليات كبيرة، أعد لها العدة، وقدَّم لها عناوين معينة، ووفر لها الغطاء الإعلامي الكبير والهائل، والغطاء السياسي، ومع ذلك -بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبتوفيق الله لشعبنا في الصمود والثبات- فشل تحالف العدوان من إكمال احتلال هذا البلد، هو سيطر على مساحة واسعة من هذا البلد، وسيطر على الثروة السيادية والنفطية والغازية لبلدنا، وسيطر أَيْـضاً على كثيرٍ من الموانئ، وعلى مساحة واسعة من الساحل، في سواحل المحافظات الجنوبية، والبعض أَيْـضاً من المحافظات، وفي باب المندب، وغيرها، ولكنه فشل من الاحتلال للعمق الجغرافي والاستراتيجي لبلدنا، وبقيت المحافظات ذات الكثافة السكانية بقيت في مواجهة، وتَصَدٍّ، وجهاد، وثبات، وهذا له أهميّة كبيرة جِـدًّا لكل البلد، وهذه نعمة كبيرة والحمد لله.
واتضح على مدى الوقت -عاماً بعد عام- الفشل الحتمي للعدوان، في تحقيق أهدافه في الاحتلال التام لبلدنا، والسيطرة الكاملة على شعبنا، وكان تحالف العدوان يعوِّل على أنه سيحسم المعركة في البداية خلال أسبوعين، ومن بعدها خلال شهرين، ولكن خابت آماله، وآمال الذين خطَّطوا لهذا العدوان، والذين كان لهم الدور الأَسَاس في هذا العدوان بكل ما فيه من جرائم، وفي كُـلّ ما فيه أَيْـضاً من معاناة لشعبنا العزيز، فهم على مدى سنوات طويلة وصلوا إلى شبه يأس من الوصول إلى تحقيق أهدافهم، وأصبحت المسألة الآن واضحة تماماً، وتكبَّدوا خلال هذا العدوان خسائر كبيرة:
- فعلى مستوى إجمالي الخسائر البشرية للعدو:بلغ عدد القتلى والجرحى من كُـلّ تشكيلاتهم العسكرية؛ لأَنَّها تشكيلات واسعة: منها جيوشهم التي اشتركت بشكلٍ مباشر، ومنها المرتزِقة، الذين جَنَّدوهم من مختلف الأصقاع والأقطار والبلدان، جزءٌ كبيرٌ منهم من بلدنا للأسف الشديد، ممن خانوا وطنهم، وقاتلوا شعبهم، وبذلوا كُـلّ جهدهم لتمكين المحتلّ الأجنبي من احتلال بلدهم؛ فبلغت خسائرهم على المستوى البشري: (مِئتين واثنَين وثمانين ألفًا وثمانمِئة وتسعةً وسبعين) قتيلًا ومصابًا، يعني: خسائر كبيرة تكبدوها في مختلف تشكيلاتهم المقاتلة.
- خسائرهم في الآليات والمعدات: بلغت (ثمانيةَ عشرَ ألفًا وثلاثمِئة وسبعًا وتسعين)، وهي أَيْـضاً خسائر كبيرة في الآليات والمعدات العسكرية.
- على مستوى عمليات الدفاع الجوي:وكان تحالف العدوان معتمداً بشكلٍ كبير على سلاح الجو، والغارات الجوية، والعدوان على الشعب اليمني بالقصف الجوي، فبلغت عمليات الدفاع الجوي: (أربعةَ آلاف وخمسَمِئة وخمسةً وثمانين)، تمكّن خلالها من إسقاطِ (مِئة وخمسٍ وستين) طائرة حربية واستطلاع.
- عمليات القوات البحرية والدفاع الساحلي: كانت (ثمانيَ وثلاثين عملية)، وكانت ذات أهميّة كبيرة جِـدًّا في ردع العدوّ، وكان أبرزها استهداف: (فرقاطة المدينة، والسفينة الحربية سويفت، وضبط سفينة روابي).
- فيما يتعلق بالصاروخية وسلاح الجو:كان للعمليات الصاروخية حضور كبير في التصدي للعدوان، سواءً في الجبهات، والجزء الأكبر كان في الجبهات؛ لاستهداف التجمعات العسكرية المعادية، والمعسكرات، وجزءٌ منها كذلك عمليات خارج الحدود، فبلغت العمليات الصاروخية: (ألفًا وثمانمِئة وثمانيَ وعشرين)، منها في الاستهداف في العمليات العسكرية والقتالية: (ألفٌ ومِئتان وسبعٌ وثلاثون)، ومنها في خارج الحدود: (خمسمِئة وتسعٌ وثمانون).
- فيما يتعلق بعمليات سلاح الجو المسيّر:بلغت (اثني عشر ألفًا وتسعَ عمليات) هجومية واستطلاعية، معظمها كان أَيْـضاً في إطار المهام القتالية (الدفاعية، والهجومية)، ومنها (تسعمِئة وسبعة وتسعين) عملية خارج الحدود.
- فيما يتعلق بعمليات الإسناد العملياتية للقوات البرية:بلغت أَيْـضاً (مِئتين وأحدَ عشرَ ألفاً ومِئة وسِتًّا وثلاثينَ عمليةً)، من قناصة، واستهداف بالمدفعية، وضد الدروع، وهندسة.
فكان هذا التحَرّك الواسع جِـدًّا، ذو أهميّة كبيرة جِـدًّا في فشل وإخفاق تحالف العدوان، من تنفيذ الهدف الخطير جِـدًّا في الاحتلال التام لبلدنا، والسيطرة الكاملة على شعبنا، ومصادرة حقه في الحرية والاستقلال.
أيضاً كان من الواضح جِـدًّا فشل العدوّ في تدمير القدرات العسكرية، بل كانت النتيجة معاكسة تماماً، فمنذ بداية العدوان اتَّجه الإخوة الأعزاء في القوات المسلحة إلى تطوير القدرات الصاروخية، وسلاح المسيّر، وكذلك في الدفاع الجوي، وفي البحرية كذلك، مسارات في مختلف المجالات، التي نحتاج إليها لتصنيع السلاح؛ لأَنَّ الأعداء منذ البداية حرصوا على حرمان بلدنا من الحصول على السلاح، وكان من ضمن الحصار: الحصار لشعبنا العزيز في الاستيراد لما يحتاجه من السلاح، بل اعتبار ذلك جريمة كبيرة جِـدًّا، إذَا حصلوا على شحنة أسلحة، حتى الأسلحة العادية، حتى أسلحة الكلاشنكوف، إذَا سيطروا على شحنةٍ منها، اعتبروا ذلك إنجازاً مهماً، واعتبروه شاهداً على أنَّ شعبنا العزيز ارتكب أبشع وأفظع الجرائم؛ لأَنَّه يريد أن يحصل على السلاح، ليدافع عن نفسه، وعن أرضه، وعن استقلاله، وعن حريَّته، فيما كانت كُـلّ أنواع السلاح، ومنها الأسلحة المحرمة دوليًّا، تصل إلى تحالف العدوان، ويشتريها، ويمكَّن منها، بل كان من ضمن الأسباب للعدوان هو: الاستفادة من بعض الدول الإقليمية (كالسعوديّ، والإماراتي) لشراء المنتجات العسكرية، والأسلحة العسكرية الأمريكية، ليحصل الأمريكي أَيْـضاً -من ضمن أهدافه في العدوان- على مبالغ مالية هائلة جِـدًّا؛ فكانت أكبر صفقات العصر، وكانت صفقة القرن، مثلما كان هناك في الاتّجاه الآخر صفقة القرن، التي يروِّجون لها لمصادرة فلسطين، كان هناك صفقات أسلحة -تستحق أن يطلق عليها كذلك صفقة القرن- بمبالغ هائلة جِـدًّا من السلاح، الذي هو؛ بهَدفِ قتل الشعب اليمني، وتدمير اليمن، قنابل، وصواريخ، وأطنان ضخمة جِـدًّا من المتفجرات؛ لتدمير اليمن، وقتل الشعب اليمني، والاستهداف للشعب اليمني.
فالمسار في تصنيع الأسلحة، من الصواريخ، ومختلف القدرات العسكرية الأُخرى، بدأ من نقطة الصفر، ومن مراحل بسيطة جِـدًّا، وبحمد الله، وبتوفيق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، تطوَّر المسار في كُـلّ أنواع السلاح، التي اتَّجه الإخوة في القوات المسلحة إلى التصنيع فيها: على مستوى المدفعية، على مستوى القناصات، على مستوى قذائف المدفعية، على مستوى الصواريخ والطائرات المسيَّرة، كذلك بعض المنتجات المتعلقة بالسلاح والعتاد الحربي التابع للبحرية، وفي الدفاع الجوي… وهكذا في مختلف المجالات، وكان مساراً تصاعدياً ناجحاً، بالرغم من الحصار، والظروف الاقتصادية الصعبة جِـدًّا، ولكن -بحمد الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”- تحقّقت نجاحات كبيرة، أعلن عنها، عُرِضَ البعض منها أَيْـضاً في معارض خَاصَّة بها، وشاهده الشعب، وَأَيْـضاً حضرت في ميدان القتال، في ميدان الجهاد، في الواقع فعلاً وتنكيلاً بالعدوّ، والحمد لله رب العالمين.
مضت كُـلّ هذه السنوات وشعبنا ثابت، وصامد، ومتماسك؛ لأَنَّه ليس له أي خيار آخر، الخيار الآخر: خيار الهزيمة أَو الاستسلام، خيار كارثي بكل ما تعنيه الكلمة، لو قَبِله شعبنا؛ لكانت كارثةً ليس فقط على هذا الجيل، ولا في هذه المرحلة فحسب؛ وإنما على الأجيال اللاحقة، والشعب الذي يفرِّط بكرامته، واستقلاله، وحريَّته، هو شعب خاسر، وخائب، وليس جديراً بالاحترام، ولكن شعبنا اليمني، الذي هو يمن الإيمان، يمن الحكمة، وله تاريخه المشرِّف في التصدي للغزاة والغزو الأجنبي، لدرجة أن يسمى اليمن بـ (مقبرة الغزاة)، يأبى له إيمانه، وعزته، وكرامته، وأعرافه، وتقاليده، وقبيلته، ونخوته، وشهامته، إلَّا أن يكون خياره الصمود بكل ما تعنيه الكلمة، والثبات، وهو خيار غير قابل للتغيير أبداً، في أي ظرف، ولا تجاه أي معاناة مهما كانت.
العدوّ حاول أن يضغط بشكلٍ كبير على شعبنا العزيز: بالوضع الاقتصادي، بالحصار، بالحرمان لشعبنا من ثروته النفطية والغازية والسيادية، في إيراداتها التي كانت -فيما سبق- أَسَاسية في توفير المرتبات، وتوفير بعض الخدمات، ولكنَّ شعبنا مع ذلك استمر في صموده وثباته، لم يستسلم، ولم يهن أبداً.
تطوير القدرات العسكرية كان ولا يزال مسألة مهمة جِـدًّا، ومتطلباً أَسَاسياً، متطلباً أَسَاسياً في السعي لتحقيق الانتصار، ودحر العدوان، واستعادة ما احتله تحالف العدوان من البلاد، وتحقيق الهدف الأسمى لشعبنا العزيز: في أن يحظى بشكلٍ تام بالحريَّة التامة، والاستقلال التام؛ لأَنَّ هذا حقٌّ مستحقٌّ مشروعٌ لشعبنا العزيز، وعلى بقية الدول أن تراجع هي حساباتها الخاطئة، وسياساتها العدوانية تجاه بلدنا؛ لأَنَّ مشكلة الآخرين مع شعبنا العزيز ليست في أنه يشكِّل خطراً على محيطه الإقليمي العربي، ولا الإسلامي، شعبنا العزيز هو في مقدِّمة الشعوب حرصاً واهتماماً بالأمن القومي العربي، بأمن أمتنا الإسلامية كافة، بأن يسود في داخل العرب بشكلٍ عام، والبلدان العربية والإسلامية بكلها، الأمن، والاستقرار، والأخوَّة، والعلاقات التي تكون علاقات إيجابية، قائمة على هذا الأَسَاس: أننا أُمَّـة واحدة، دينها واحد، مصالحها واحدة، المخاطر والتحديات عليها واحدة، فليس هناك أي بلد عربي له مبرّر أن يتوجّـه بسياسات عدائية ضد شعبنا العزيز؛ باعتبار وَهْمّ أَو تخيل أنَّ هناك خطراً عليه من اليمن، من جهة الشعب اليمني.
الشعب اليمني، على كُـلّ شعوب العرب، على كُـلّ البلدان العربية والعالم الإسلامي، أن ينظر إليه كشعبٍ يجسِّد الأخوّة الحقيقية، هو سند، سند لكل الأُمَّــة، لكل المسلمين، ما في اليمن على المستوى العقائدي، والفكري، والثقافي، والتوجّـه، هو كله في هذا السياق: شعبٌ يهتم بأمته بكلها، أن تكون أُمَّـة عزيزةً، قوية، متآخية، متعاونة، وعدونا واضح، نحن منذ البداية نقول: عدونا هو عدو الأُمَّــة بكلها: العدوّ الإسرائيلي، الذي يشكل خطورةً حقيقية على كُـلّ المسلمين، وفي مقدِّمتهم العرب، وهو استهدف العرب قبل غيرهم؛ لأَنَّ من أسوأ، وأشنع، وأقبح المغالطات: تصوير العدوّ الإسرائيلي وكأنه صديقٌ للعرب، وأنَّ العدوّ هو إيران، وهذا ما اشتغل عليه الإسرائيلي ابتداءً، والأمريكي معه.
منذ البداية حاول الأمريكي والإسرائيلي أن يوهموا العرب، وأن يخدعوهم بهذا العنوان: أنَّ العدوّ هو إيران، وأنَّ الصديق هو “إسرائيل”؛ بينما العدوّ الإسرائيلي استهدف العرب ابتداءً قبل غيرهم، استهدف فلسطين، وهي أرضٌ عربية إسلامية، استهدفها قبل أن يستهدف أي بلدٍ إسلاميٍ آخر، وقتل العرب قبل غيرهم، واستهدف لبنان، واستهدف سوريا، واستهدف الأردن، واستهدف مصر، واحتل أجزاء واسعة من البلد العربي، حتى الخطة الإسرائيلية فيما يتعلق بالوهم الإسرائيلي الكبير: [إسرائيل الكبرى]، هي كلها في إطار المنطقة العربية، والبلدان العربية.
العداء الإسرائيلي للعرب عداءٌ معروف، وواضح، وصريح، وبيِّن، حتى في ثقافتهم، في مدارسهم، في مناهجهم، في كتبهم، في تراثهم… في كُـلّ شيء، في سياساتهم؛ فعندما يتجاهل البعض هذه الحقائق الواضحة، ولا يزالون يتجاهلونها، وعندما أتى مشروع التطبيع، أتى ليقفز فوق كُـلّ هذه الحقائق والاعتبارات، ثم يكون الاتّجاه إلى تحريك حروب هنا وهناك، واستهداف هذا الشعب وهذا البلد، والتنقل بالفتن من بلدٍ إلى آخر، هذه هي مأساة كبيرة على أمتنا، وعندما اتَّجهت دول وحكومات وأنظمة لتحريك كُـلّ طاقاتها وإمْكَاناتها لخدمة السياسة الأمريكية، وهي سياسات عدائية ضد أمتنا الإسلامية كافة، وبلداننا بلداً بلداً، أصبحت هذه مشكلة حقيقية في واقع أمتنا، وكارثة؛ ولذلك من المحنة الكبرى للأُمَّـة، ومن الخسران المبين: أن توظِّف بعض الدول العربية إمْكَاناتها وقدراتها، وتتحَرّك بكل جهودها، لخدمة المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، مع أنَّ الأمريكي والإسرائيلي كلَيهما وجهان لعُملةٍ واحدة، وكلاهما لا يريدُ الخير لأمتنا أبداً، ولا لأي شعب، حتى من اتَّجه للتطبيع معهم، فهم يريدون استغلاله، وتوظيف طاقاته وقدراته فيما يخدمهم فحسب، وليس هناك أية مصلحة لأي بلد في خدمتهم.
وللأسف الشديد لا يزال الأمريكي مُستمرّاً في سياسة توريط بعض الأنظمة العربية في هذا الاتّجاه: الاتّجاه العدائي الداخلي، وإثارة الفتن في داخل الأُمَّــة، وإثارة المشاكل والصراعات في داخل الأُمَّــة، وبأموالهم، بأموال العرب، بثرواتهم، ولا يزال يعد للمؤامرات التي يحرِّك فيها التكفيريين، الذين افتضحوا أمام العدوان الإسرائيلي على غزة، فلم يكن لهم أي موقف جاد أبداً، بل ولا حتى الفتاوى، ولا حتى على مستوى إصدار الفتاوى لدعم الشعب الفلسطيني، مع أنَّ المسألة لا تحتاج إلى فتاوى، ولا تفتقر إلى فتاوى، مسألة واضحة جِـدًّا، لكن ليس هناك من جانبهم أي تحَرّك على الإطلاق، وكانت فضيحةً كافيةً لهم أمام شعوبنا.
ولذلك نحن نؤكّـد أنَّ العدوان على بلدنا هو عدوانٌ بإشرافٍ أمريكي، وتخطيطٍ أمريكيٍ وبريطانيٍ وإسرائيليٍ، وأتى في سياق مخطّط لاستهداف المنطقة بشكلٍ عام، وتغيير الوضع فيها، والهدف الرئيسي من وراء ذلك هو: تصفية القضية الفلسطينية، وأن يكون الإسرائيلي هو من يقود المنطقة، تطبِّع معه بقية الأنظمة، بقية الدول، ويقود هو المنطقة، ثم يجعل من ذلك وسيلةً لتعزيز سيطرته الواسعة في العالم العربي بشكلٍ عام. بالنسبة للعدو الإسرائيلي التطبيع وسيلة لترسيخ وتعزيز سيطرته ونفوذه؛ لتمتد إلى كُـلّ الوطن العربي، والعالم العربي بشكلٍ كامل، ليس للاتّجاه للسلام مع الدول العربية، بقدر ما هو لتعزيز السيطرة والهيمنة والنفوذ عليها.
فنحن بعد كُـلّ هذه المرحلة: تسع سنوات قد مضت من العدوان على بلدنا، وتجلَّت حقائق كثيرة خلال هذه السنوات، نوضِّح للجميع أننا حريصون جِـدًّا على التفاهم والسَّلام مع كُـلّ الدول العربية والإسلامية، وعلى الأخوَّة، وعلى العلاقات الإيجابية، وليس لدينا توجّـه عدائي تجاه أي بلدٍ عربي، ولا أية دولةٍ عربيةٍ ولا إسلامية، وموقفنا فيما نحن عليه في هذه المرحلة: نحن الآن في مواجهة واضحة ومباشرة بيننا وبين ثلاثي الشر: (أمريكا، و”إسرائيل”، وبريطانيا).
في ظل المرحلة الراهنة، والعدوان الإسرائيلي على غزة، وقف بلدنا -بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وبتوفيقه- الموقف المشرِّف، الموقف المفترض من كُـلّ أبناء الأُمَّــة، إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومناصرته بشكلٍ كامل، على المستوى العسكري: عملياتنا العسكرية مُستمرّة، وكذلك على مختلف المستويات، التحَرّك الشعبي الواسع، والأنشطة الواسعة في كُـلّ المجالات، إعلامنا موجَّه بكل طاقته، بكل إمْكَاناته، لمناصرة الشعب الفلسطيني… وهكذا على كُـلّ المستويات، هذا هو توجّـهنا، هذا هو توجّـهنا، وهذه قضيتنا، ونحن منذ البداية كنا نحمل هذا التوجّـه: الاهتمام بقضايا أمتنا الكبرى، وفي مقدِّمتها: القضية الفلسطينية، التي يتخاذل الكثير من العرب عنها.
فشعبنا العزيز في إطار الوضع الراهن الذي هو فيه، موقفه واضح، توجّـهاته واضحة، ليس هناك أي مبرّر لا للسعوديّ ولا للإماراتي أن يستمروا في ما هم عليه، في ظل المرحلة الراهنة من مماطلة واضحة من استحقاقات السلام، ينبغي إذَا كانوا يريدون فعلاً السلام، وهو المصلحة الفعلية والحقيقية للجميع، أن ينتقلوا من مرحلة خفض التصعيد، إلى استحقاقات السَّلام، والخطوات الجادة وفق اتّفاق، اتّفاق واضح، اتّفاق يتضمن ما كنا نؤكّـد عليه، وما جرت المباحثات والمفاوضات بشأنه على مدى كُـلّ هذه المراحل الماضية، اتّفاق يفضي إلى إنهاء تام للحصار والعدوان والاحتلال، وإلى تبادل الأسرى، وإلى إنهاء للمشكلة، هذا هو الخير للجميع، وهو المصلحة الحقيقية للكل.
نحن في كُـلّ المراحل الماضية كنا نؤكّـد بوضوح أنَّ استحقاقات السلام واضحة، وهي هذه:
- الإنهاء للحصار.
- الإنهاء للعدوان.
- الإنهاء للاحتلال.
- تبادل الأسرى.
- وتعويض الأضرار.
هي استحقاقات واضحة، واستحقاقات بيِّنة، ومطالب مشروعة لشعبنا العزيز، ومطالب منصفة؛ وبالتالي نحن ننصح تحالف العدوان بالانتقال من مرحلة خفض التصعيد، إلى اتّفاق واضحٍ، وكانت قد جرت -كما قلنا- مباحثات كثيرة، ومفاوضات مباشرة؛ مِن أجل ذلك، والخروج من هذه الحالة.
أمَّا استمرار أي بلد عربي في خدمة السياسات الأمريكية، التي هي عدائية ضد أمتنا بكلها، واستغلالية، إذَا استغلت البعض؛ هي تستغلهم فقط من دون أي احترام، من دون أي نظرٍ حقيقيٍ لمصالحهم الحقيقية، ليس هناك أي بلدٍ عربيٍ له مصلحة فعلية وحقيقية من خدمة السياسات الأمريكية؛ إنما عاقبةُ ذلك الخسران والوبال والله المستعان.
ولذلك نحن ننصح الكل بالتحرّر من التبعية العمياء لأمريكا، وموقفنا في هذه المرحلة موقفٌ واضح، نحن نأمل أن نصل إلى حَـلّ منصف وعادل، يفضي -كما قلنا- إلى تنفيذ هذه الاستحقاقات الواضحة للسلام؛ أمَّا الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني فموقفنا واضحٌ تجاههم.
في ختام الكلمة نقول: نحن قادمون في العام العاشر، بالقدرات العسكرية المتطوِّرة لحماية شعبنا، ومساندة الشعب الفلسطيني المظلوم، والتصدي لمؤامرات الأعداء، قادمون بجيشٍ منظَّمٍ، مؤمن، مجاهد، جمع بين التجربة الفعلية والبناء، قادمون بالتعبئة العامة، قادمون بوعيٍ شعبيٍّ غير مسبوق، قادمون بتماسكٍ تام لجبهتنا الداخلية.
في ختام الكلمة أَيْـضاً نتوجّـه بالشكر والتقدير لكل الذين وقفوا مع بلدنا خلال كُـلّ هذه السنوات، وفي المقدِّمة: الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تضامنت مع بلدنا بشكلٍ واضحٍ وصريح، والإخوة في حزب الله في لبنان، الذين كان لهم موقفٌ مساندٌ ومتضامنٌ ومتعاونٌ، وواجهوا المشاكل الكثيرة نتيجةً لذلك، ولإخوتنا في العراق… ولكل الأحرار في كُـلّ العالم من أبناء أمتنا، وفي كُـلّ العالم، الذين وقفوا مع شعبنا في مظلوميته ومحنته بكل أشكال التضامن.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.