أيها المسلم.. احذَرْ أن تفطرَ على دماء إخوانك في غزة
عبدالحكيم عامر
أخي المسلم.. حرّر ضميرك من التكيف والتعود النفسي على جرائم ومجازر العدوّ الصهيوني بحق أبناء فلسطين، وأطلق العنان لخيارك الإنساني، وقاطع؛ لأَنَّ عدم المقاطعة يعني بقاءك مرتهناً لوعي الخذلان والانكسار والهزيمة في الدنيا، والعذاب في الآخرة؛ لأَنَّك تباطأت عن نصرة المظلومين.
فكما أكّـد قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، على أهميّة تواصل وتكثيف جهود المقاطعة الاقتصادية لمنتجات داعمي الكيان الصهيوني يأتي انطلاقاً من إدراكه العميق وبُعد نظره السديد لمدى أهميّة هذا السلاح؛ باعتباره المَهمة الأهم في المعركة التي يخوضها الشعب اليمني؛ انطلاقاً من هُــوِيَّته الإيمَـانية ووعيه الإنساني والتزامه الأخلاقي.
وهنا يبدو أن المقاطعة الرمضانية للبضائع الإسرائيلية، أثارت حالة من الخوف والهلع داخل الكيان الإسرائيلي حتى قبل أن تبدأ، فقد أقر رئيس قسم التمور في “مجلس النبات الإسرائيلي” أمنون غرينبيرغ بأن كيانه يواجه حَـاليًّا حملة مقاطعة واسعة ضد جميع أنواع التمور “الإسرائيلية”.
وكما هو معروف أن الكيان الإسرائيلي ينتج سنوياً نصف إنتاج العالم من تمور المجدول، وفي عام 2022 صدر من التمور ما قيمته 340 مليون دولار، الغالبية العظمى منها خلال شهر رمضان المبارك، لذلك يرى مراقبون أنه في حال نجاح حملات المقاطعة سيتكبد الكيان خسائر اقتصادية كبيرة، تتخطى 100 مليون دولار.
البعض، منهم المغرض ومنهم الساذج، من العرب والمسلمين، يحاول أن يقلل من تأثير حملة مقاطعة البضائع الغربية، الداعمة للكيان الإسرائيلي، لا سِـيَّـما بعد العدوان الهمجي الذي يشنه الثنائي الأمريكي الإسرائيلي على غزة، وهو تقليل، يتناقض مع الأرقام والإحصاءات الصادرة من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، التي تؤكّـد التأثير القوي للمقاطعة على اقتصاد الكيان الإسرائيلي والشركات الغربية الداعمة له.
من أبرز الشركات التي تكبدت خسائر فادحة، قدرت بالمليارات، خلال فترة وجيزة بتأثير المقاطعة، مطاعم ماكـدونالدز، وبابا جونز وبيرغر كينغ، وشركة كارفور الفرنسية المالكة لسلسلة متاجر البقالة، ومقاهي ستاربكس، وشركات أدوية ومنظفات، وَزارا للأزياء، وَماركس آند سبنسر، وَبوما للملابس الرياضية.
فتأثير المقاطعة لا ينحصر بالجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى سمعة الشركات وعلاماتها التجارية؛ فقد كشفت دراسة أجرتها كلية كيلوج للإدارة، أن الشركات التي شهدت انخفاضاً في السمعة العامة كانت أكثر تضرراً من تلك التي شهدت انخفاضاً في مبيعاتها، وأنه كلما زاد اهتمام وسائل الإعلام بالمقاطعة ازدادت فاعليتها.
وفي الأخير، إذَا استشعر كُـلّ مواطن مسلم دوره في مَهمة المقاطعة فَــإنَّ نتائج المعركة ستتغير سريعًا؛ لأَنَّ النتائج مرتبطة بالمال، والخسائر هنا ستكون فادحة، ولن تُسعف أصحابها للانتظار؛ بل سيتخذون قراراتهم؛ ويُعيدون النظر ألف مرة في اتّجاهات دعمهم، علاوة على أنها متاحة لكل فرد في مجتمعاتنا؛ وقبل ذلك سنعرف من خلالها كم هي الأموال التي نبذلها دون أن ندري، بينما هي تسهم يوميًّا في قتل إخواننا في فلسطين المحتلّة؛ فهل ترضى بذلك؟! بالتأكيد: لا، إذن لنبادر بالمقاطعة؛ على الأقل ستقف أمام رب العالمين؛ وقد بذلت قصارى جهدك في الانتصار لمظلومية فلسطين؛ في الوقت الذي خذلها معظم العالم؛ بينما انتصر لها ضميرك كأمة عربية إسلامية استشعرت الواجب!
وللشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي، تفسير لافت للآية الكريمة {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ} حيث يقول لماذا لم يقل: يقاتلون هنا؟ نقول فعلاً: إن الآية تتحدث عن هذا الزمن؛ لأَنَّ القرآن هو للناس وللحياة كلها، الجهاد يعبر عن حالة الصراع، وسعة الصراع وميدانه أوسع من كلمة: يقاتلون، أي سيتحَرّك في كُـلّ مجال يستطيع أن يتحَرّك فيه.
فالمقاطعة هي عبارة عن جهاد في سبيل الله، وغزو العدوّ في عقر داره، ولها أثرها المهم فعلاً، بل قد يكون هذا الجهاد أشد على الأمريكيين.
فالمقاطعة الاقتصادية بالشكل الذي يوقف كُـلّ هذه القطع التي تحَرّكها أمريكا؛ لأَنَّ تكنولوجيا أمريكا التي نراها متطورة يترتب عليها التزامات مالية كبيرة، يكون أي ضعف اقتصادي يؤثر عليها.