تقريــرٌ مفصّــلٌ وشامل عن جحيم عدن ما بعد الاحتلال، وما تعانيه مستشفياتها لانعدام الكهرباء، وعددٌ صــادمٌ لوفيات مرضى السكري والضغط فيها
أَهَـالي عدن يصرخون: أين الكهرباء.. أين الوقود.. يا حكومة الرياض؟!
صدى المسيرة- خاص:
تتفاقَمُ معاناةُ المواطنين في مدينة عدن من يوم إلَـى آخر، في ظلّ سيطرة قوات الاحتلال الأجنبي على مفاصلِ الدولة ووكلاء يمنيين تابعين لهم ينفذون كُلّ ما يطلبه الغزاة والمحتلون.
أزمةُ الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية تصدرت المشهد في عدن خلال الأيام الماضية، فالصيف الساخن دفع بالكثير من المواطنين للخروج في الشوارع للتعبير عن غضبهم جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، بالإضافة إلَـى بيع المشتقات النفطية في السوداء، حيث وصل سعر الدبة إلَـى 12 ألف ريال.
وأمامَ محطات الوقود تزاحمت السياراتُ في حين أغلقت محطاتٌ أخرى أبوابها معلنة عدم توفر المشتقات النفطية.
ومنذ دخول قوات الاحتلال إلَـى عدن منذ ما يقارب العام، والخدمات الأساسية للمواطنين معطلة، والانفلات الأمني وصل حدّاً لا يطيقه المواطنون، في ما الغزاة يسيطرون على المواقع الاستراتيجية وينهبون ثروات البلد أمام مرأى ومسمع العالم.
وفياتٌ وإخراجُ المرضى من المستشفيات
الصيفُ الساخن في مدينة عدن انعكس سلباً على حياة المواطنين في جميع المرافق والمنشآت، والمرضى هم الأكثر تضرراً مما يحدث.
وذكرت مصادر طبية أن 7 مواطنين من كِبار السن ومرضى الضغط والسكر في مستشفى الجمهورية بمدينة عدن توفوا؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وبحسب المصادر فإن أطباء مناوبين في مستشفى الجمهورية قاموا بإخراج المرضى من الأقسام إلَـى خارج المستشفى؛ بسبب عدم وجود مكيّفات هوائية باردة جراء انقطاع التيار الكهربائي، مؤكدة أن مركَزَ غسيل الكلى التابع للمستشفى قد توقف كلياً عن العمل ولم يعد قادراً على تقديم خدماته لمرضى الفشل الكلوي.
وأشارت المصادرُ ذاتها أن توقُّفَ مركز الغسيل الكلوي يعود إلَـى انعدام المحروقات في السوق المحلي، مما أدى إلَـى خروج أجهزة غسيل الكلى عن العمل.
ونبّهت المصادر الطبية في مستشفى الجمهورية أن استمرار هذه الحالة سيؤدي إلَـى كارثة إنسانية نتيجة وفاة عدد كبير من مرضى الفشل الكلوي، مضيفة أن توقف التيار الكهربائي أدّى إلَـى خروج المستشفى عن العمل، مما يفاقم من الكارثة الإنسانية، منها خروج أجهزة الإنعاش وتوقفها عن العمل؛ بسبب انعدام المحروقات التي من شأنها تخفيف الكثير آلام عن المرضى باستخدام المولدات الكهربائية.
وكان المركز الكلوي بمستشفى الجمهورية قد ناشد السلطات المحلية بعدن وفاعلي الخير بسرعة توفير مخصَّصات البترول والديزل للمستشفى.
ولتوضيحِ معاناة المواطنين في عدن جراء انقطاع التيار الكهرباء نوضح هنا أبرز ما ورد في مضمون رسالة الدكتور الخضر لصور مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان في عدن لهادي وحكومته في الرياض.
لقد قال مديرُ مكتب الصحة بالحرف الواحد: إن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وأزمة الديزل وانعدامه في كافة المستشفيات والمجمعات والمرافق الصحية أدت إلَـى توقف تزويد المستشفيات بمادة الأكسجين، الأمر الذي سيؤدي – لا سمح الله- إلَـى إغْلَاق المستشفيات وَإلَـى حدوث وفيات خَاصَّـة للحالات الحرجة التي هي في حاجة ماسة للأكسجين.
ويتضحُ حجم المأساة من خلال ما ورد في ختام تصريح الدكتور لصور، حيث يؤكد أن حكومة الرياض إذا لم تتدخل لإنقاذ الوضع الصحي في عدن فإننا “سندخل إلَـى مرحلة الكارثة التي سيصعب تجاوزها لاحقاً.
احتجاجاتٌ غاضبة في الشوارع
وبالتزامن مع دعوات الاستغاثة التي أطلقها المسؤولون والقطاع الصحي بمدينة عدن، فقد خرج المواطنون في مسيرات غاضبة خلال اليومين الماضيين، حيث قطعوا شارع المطار العريش عدن تنديدا بانقطاعات الكهرباء لفترة طويلة لم يعد يتحملها الأَهَـالي وقاموا بإحراق الإطارات ووضع كتل حديدية.
واستغرب الأَهَـالي من الغياب التام للسلطة المحلية التابعة لهادي عن قضية الكهرباء وانشغالها بقضايا أخری.
كما لجأ المحتجون إلَـى قطع الطريق الواصل إلَـى كلية التربية بخور مكسر بعدن وصرف الآلاف من الدارسين عن الكلية عقب بلاغ يفيد بوجود عبوة ناسفة.
وقالت عمادة الكلية لموقع “عدن الغد” بأنهم تلقوا بلاغاً يفيد بالعثور على عبوة قبل أن يخبروا الأجهزة الأمنية التي أرسلت قوة متخصصة إلَـى المكان وباشرت تفتيش المكان إلّا انه لم يعثر على أَية عبوة.
وأحرق المتظاهرون الإطارات وباصين تابعين لمؤسسة الكهرباء في منطقة الحسوة.
وقطع الطريق من قبل المواطنين احتجاجاً على الانقطاع المتواصل للكهرباء، كما رددوا هتافات: يسقط (عيدروس حول عدن للفانوس).
وقال الناشط الإعلامي نشوان العثماني لموقع “هنا عدن” تعليقاً على الاحتجاجات والغضب في الشارع العدني بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتواصل: إذا لم تنجحوا في حل مشكلة الكهرباء، فماذا ننتظر منكم؟.. الناس تموت في عدن يا حكومة الرياض.. اخجلوا قليلًا وعودوا.. قليلًا فقط..
ويتساءل الكثيرون: أين تكمن المشكلة؟ ولماذا الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في مدينة عدن، رغم وجود جحافل كبيرة من قوات الغزو بالمدينة.
ويجيب على هذا التساؤل مصدر في مؤسسة الكهربائي، صرح لموقع “هنا عدن” الإخباري، حيث قال: “مشكلة الكهرباء في عدن اليوم رغم الظروف الصعبة ليست مشكلة مولدات ولا قطع غيار ولا غيره إنما مشكلة قيادة وإدارة بالدرجة الأولى.. تصوروا أن الطاقة الموجودة اليوم في عدن تستطيع توليد ما لا يقل عن 280 ميجا وهذه ستضيئ عدن بشكل معقول جداً.
1) محطة شهناز 40ميجا
2) محطة حجيف المعلا 20 ميجا
3) محطه الملعب 55 ميجا
4) محطة المنصورة 80 ميجا
5) محطة بدر خور مكسر 20 ميجا
6) كهرو حرارية 80 ميجا
المجموع: أكثر من 280 ميجا، وهذه تعطيك تشغيلاً أقل شيء 8 ساعات متواصلة وبرمجة 2 ساعة.
وفي ما يتعلق بقضية يقول المصدر: هذه تحتاج فقط تنسيق بين الجهات ذات العلاقة وتحل المشكلة بأقل الأضرار، وطبعاً كما نرى (الإمكانات موجودة في عدن ومش محتاجين حاجة من برع فقط يعطوا ثقة وطمأنينة للطاقم ويتركوهم يشتغلوا ويؤجلوا القنفزة رحمة بالناس).
وضع كارثي
والأسوأ في كُلّ ما يحدث في عدن أن المسؤولين لا يبعثون برسائل طمأنة للمواطنين، بل على العكس من ذلك فإنهم يحذرون من تفاقم الأوضاع ومن حدوث كارثة بعدن بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.
ويقول المهندس أمجد محمد حمودي المعيّن من قبل هادي: “الوضع الذي استلمته في كهرباء عدن كارثي بكل المقاييس، وَحال الكهرباء اليوم خروج ما يقارب 75 ميجا من الشبكة؛ وذلك لتوقف إمداد الوقود لمحطات التوليد العاملة بوقود الديزل وستتوقف بقية المحطات خلال أقل الساعات وستكون كارثة على عدن في هذا الحر الشديد”.
ويزيد قائلاً: “لقد تخلت المصافي وشركة النفط عن مسئوليتها في توفير الديزل والمازوت للكهرباء”.
وبراءةً للذمة بعث الرجل برسالة إلَـى هادي في الرياض وإلى الحكومة هناك، متحدثاً عن الوضع الكارثي الذي وصلت إليه عدن جراء انقطاع التيار الكهربائي.
والرسالة يخاطب فيها المدير الجديد هادي والتي نشرتها صحيفة “عدن الغد” جاء فيها: “لقد صدر قرار بتعييني مديراً عاماً للمؤسسة العامة للكهرباء وقد ذهبت إلَـى المحافظة لدور الاستلام والتسليم بيني وبين سلفي ولم أجد المحافظ ولا الأخ الوكيل الأستاذ عدنان الكاف وقد قيل لي إنهم في الإمَارَات.
ويواصل متحدثاً عن الوضع الكارثي بالمحافظة: “وقد تخلت المصافي وشركة النفط عن مسئوليتها في توفير الديزل والمازوت للكهرباء حسب الرسالة المرفقة”.
ويضيف قائلاً: اليوم حدثت أعمال شغب عارم من جراء الانطفاء الكلي للكهرباء بعدن في ظل حرارة وصلت إلَـى 40 درجة في الظهر وأيضاً نقص في التوليد بنسبه 60 في المئة وعدم توفر أَي قطع غيار وزيوت ومحولات وشبكات وغيرها من المتطلبات”.
ومن خلال الرسالة يتضح جلياً، حجم المشكلة في عدن والعجز الكبير لدى المسؤولين بالمدينة في إنقاذ المواطنين من حر الصيف الملتهب، كما يلاحظ أيضاً تغاضي حكومة الرياض وهادي وعدم اتخاذ أية اجراءات لإنقاذ المواطنين.
وشاعت في عدن قضايا فساد واختلاس الأموال السعودية للمسؤولين في عدن بدلاً عن القيام باتخاذ خطوات سريعة وعاجلة لإنقاذ المواطنين في عدن.
وتساءلت وسائل إعلامية موالية للعدوان عن الدعم المقدم لكهرباء والبالغ 441 مليون ريال سعودي أين ذهب؟ ومن الذي استلمه؟
اعتداءاتٌ متواصلةٌ على أساتذة الجامعة
وإلى جانب معاناة انعدام المشتقات النفطية والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في عدن، تستمر الاعتداءات على هيئة التدريس بجامعة عدن.
وأدان طلابُ وطالباتُ كلية الحقوق، الاعتداء الذي تعرض له مبنى كليتهم وعميدها؛ نتيجة إقدام مجموعة مسلحة بإغْلَاق أبواب الكلية بالقوة وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء.
وبحسب البيان فإن المسلحين تمادوا بالاعتداء السافر على سيارة عميد الكلية الدكتور محمد صالح محسن بأعقاب البنادق، ما أدى إلَـى تهشيم نوافذها.
وجاء في بيان الإدانة: “ونحن إذ ندين وبأشد العبارات هذه الممارسات الهمجية الجبانة الدخيلة على مجتمعنا لا سيما بالعاصمة عدن، نؤكد أن الكليات ومباني العلم لها حُرمتها ولا يحق لكائن مَن كان أن يعتديَ أو يتعدّى عليها أو على كوادرها وطلابها، وما حصل اليوم هو بلطجة وأعمال فوضوية نرفضها رفضاً قاطعاً؛ كونها تستهدف العلم والبناء والحضارة، ونعلن تضامننا الكامل والمطلق مع عميد الكلية بالفوضى.
ووجّهوا مناشدة عاجلة إلَـى قيادة عدن ممثلة بمحافظها اللواء عيدروس الزبيدي (المعيّن من قبل هادي) ومدير أمنها اللواء شلال علي شايع بسرعة القبض على الجناة لينالوا جزاء ما اقترفوه، وكذا توفير الحماية اللازمة لكليتنا وبقية كليات جامعة عدن.