جرائم السنوات التسع في ذاكرة الشعب، والصمود سيدُ الموقف
الاعتزاز خـالـد الحاشدي
تسع سنوات من العدوان والظلم، يتبعه الحصار الجائر والغم، تسع سنوات من القصف واستباحة الدم، تسع سنوات من التدمير والقتل والجرم.
تسع سنوات من الصمود والثبات والعزم، تسع سنوات من الإرادَة والشموخ الأشم، تسع سنوات من الجهاد والصبر والعلم، تسع سنوات وفي كُـلّ عام يكون الصمود أعظم.
منذ بدأ تحالف العدوان بشن غاراته الهمجية على وطننا الحبيب، وشعبنا الحر الأبي المغوار، لم يتوان يمن الإيمان ويطأطئ رأسه ويستسلم لقوة التحالف الذي ضم أكثر من 17 دولة، تكالبت عليه قوات العالم وضربته بشتى أنواع الأسلحة ومنها المحرمة دوليًّا، التي لا يجوز ضرب الشعوب بها أياً كانت الحرب، ولكنهم خرجوا عن إطار القانون وفعلوا ما أرادوا بشعب اليمن.
ومن أول يوم لإعلان قوات التحالف عدوانها على شعب الحكمة والإيمان شنت غاراتها على الأبرياء والمساكين، بدأت باستهداف المدنيين قبل استهدافها للجبهات القتالية، حلقت طائرات العدوان ولم تدع بيتاً، ولا مدرسة، ولا مؤسّسة، ولا سوقاً، إلا وضربته وارتكبت أفظع الجرائم بحقنا، فكم من أطفال تيتموا، وكم من أُمهات فقدن أبنائهن وأزواجهن، وكم تمزقت أجساد وبعثرت في الهواء وكم سنتذكر من مآس وأحزان لحقت بشعبنا العظيم؛ بسَببِ هذا العدوان الغاشم.
ولنسترجع بعض من جرائم العدوان المروعة التي ارتكبها خلال تسع سنوات بحق شعب اليمن، التي أدمت قلوبنا وأدمعت منها أعيننا من هول تلك المناظر التي كنا نراها، كجريمة استهداف الصالة الكبرى التي كانت تحوي جميع مسؤولي الدولة الذين حضروا ليؤدوا واجب العزاء لآل الرويشان، ولم يعلموا أن غراباً في الجو ينتظرهم ليحول العزاء إلى عزاءَين.
وجريمة استهداف عرس آل السنباني، أناس أبرياء مبتهجون فرحون بعرسهم الذي أقاموه وتزويج شبانهم، أية فرحة هذه، فرحة لا توصف، حتى كادت أن تتم مراسم العرس بدخول العرائس، لتحول طائرات العدوان الخبيث تلك الفرحة البيضاء إلى عزاءٍ أسود.
أيضاً لنتذكر أطفال ضحيان وأصواتهم وضحكاتهم المتعالية الممزوجة بالفرح بعد إنهائهم دارسة المراكز الصيفية ورحلتهم إلى روضة الشهداء لزيارة رجال الله الصادقين، الذين أوفوا بعدهم أمام الله وجاهدوا واستشهدوا بكل عز وشموخ وإباء، ولم يعلموا أن ما هي إلا دقائق ويكونون شهداء معهم.
وكم من الجرائم البشعة التي لا يجوز للمسلم العربي أن يرتكبها بحق أخيه المسلم، بأي حق شنوا عدوانهم علينا، بأي حق يستهدفون الأبرياء في بيوتهم؟! حتى الحروب لها أخلاق؛ قوانين الحرب وأخلاقها تنص على عدم المساس بالأبرياء أَو استهدافهم بأي شكل من الأشكال، أما هؤلاء لا يملكون ضمائرَ بل أحجار صماء!
ولكنهم لم يفلحوا بعدوانهم، وهم يعلمون أن عدوانهم وحدنا، وأننا لم نزدد إلا قوة وثباتاً، وزاد دافع انتقامنا منهم، ولم نكن كأي شعب من شعوب العالم، فخلال فترة العدوان لم نكن في موقف الدفاع فقط بل كنا ندافع ونهاجم ونبني ونصنع ونؤسس، وهذه المعجزة في صمود اليمن.
وها نحن الآن في مواجهة عدوان أكبر نواجه الشيطان بنفسه، ورؤوس الشر الكبرى أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”، وصلنا لهذه المرحلة؛ لأَنَّ عملاءهم ومن أوكلوهم لقتالنا هُزموا أمام صمودنا الأُسطوري، وها هم رؤوس الشر يغرقون في البحر الأحمر ونحاصرهم إقليمياً من خلال عدم المرور من بحارنا، وكيف بشعب ينهزم وهو متوكل على الله واثق به.