جبهاتُ المساندة تنقضُّ على “إسرائيل”: “أم الرشراش” بلا دفاعات أمام النيران اليمنية والعراقية
بعدَ أقلَّ من أسبوعَينِ على وصول صاروخ يمني مطوَّر..
طائرةٌ مسيّرةٌ عراقية تضرب قاعدةً بحريةً صهيونية في “إيلات” والعدوّ يعترف: حدث غير عادي
المسيرة| خاص:
بعدَ أقلَّ من أسبوعَينِ على وصول صاروخ يمني مطوَّرٍ إلى أُمِّ الرشراش المحتلّة، واختراقه أنظمةَ الرصد والدفاع الصهيونية، فاجأت المقاومةُ الإسلاميةُ في العراق العدوَّ الإسرائيلي بهجومٍ مماثلٍ استُخدمت فيه طائراتٌ مسيَّرةٌ تمكّنت من اختراق الدفاعات المعادية ووصلت بشكل دقيق إلى قاعدة عسكرية بحرية في المدينة نفسها؛ الأمر الذي مثّل صدمةً جديدةً تضعُ العدوَّ أمام حقيقة التأثيرات والتطورات المتصاعدة لجبهات الإسناد الإقليمية، وتفتح أُفُقاً مرعباً لسيناريوهات هزيمة إسرائيلية مدوية.
العملية التي وثَّقتها عدسات المستوطنين من عدة زوايا، استهدفت مبنىً في قاعدة بحرية بمدينة أم الرشراش، وقد أظهرت مقاطع الفيديو بوضوح أن السفينةَ الحربية الصهيونية “ساعر-6” والتي تعتبر أغلى سفينة حربية يملكها العدوّ، كانت براداراتها ودفاعاتها المتطورة تقف على بُعد أمتار قليلة من مكان وصول الطائرة المسيَّرة العراقية؛ وهو ما يعني أن كافة الطبقات الدفاعية للعدو بدءاً من دفاعات النظام الأردني إلى دفاعات السفينة “ساعر” لم تستطع أن ترصد الطائرة المسيَّرة أَو تتصدى لها.
تطوُّرٌ مباغِتٌ نزل كالصاعقة على جيشِ العدوّ ومستوطنيه الذين لم يستفيقوا بعدُ من رعب وصول الصاروخ اليمني المطور قبل نحو عشرة أَيَّـام إلى المدينة نفسها بدون أن تتمكّنَ الدفاعات من رصده والتصدي له، وقد حاول جيشُ العدوّ تخفيفَ وطأة الحدث، من خلال محاولة التعتيم على الهدف أولاً والادِّعاء بأن ما أسماه “جسماً جوياً” وصل إلى “خليج إيلات” ليضطر بعد ذلك إلى الاعتراف بأن “الطائرة بدون طيار سقطت في قاعدة للجيش”.
لكن هذه المحاولة لم تفلح، حَيثُ ضجت وسائل الإعلام العبرية بالحديث عن ما تمثله العملية من حدث “غير عادي” ويعتبر من “الأخطر منذ بدء الحرب”؛ لأَنَّ الطائرة المسيَّرة العراقية تجاوزت مسافة طويلة وعبرت أجواء الأردن واخترقت أجواء فلسطين المحتلّة ولم تكتف بذلك، بل وصلت بشكل دقيق إلى هدف عسكري حساس؛ وهو ما يعني أن الدفاعات التي يعول عليها كيان العدوّ ومستوطنوّه بشكل رئيسي قد أصبحت بلا قيمة، خُصُوصاً وأن العملية تأتي بعد وصول الصاروخ المطور اليمني؛ وهو ما يعني أن المسألة ليست مسألة خطأ تقني عشوائي، بل إن هناك ثغرةً واضحةً وأن جبهات الإسناد في اليمن والعراق وجدتها.
هذه العملية تعيد وضع العدوّ الصهيوني ومستوطنيه معاً أمام حقيقة أن جبهات الإسناد في اليمن والعراق ليست خطراً ثانوياً، كما تحاولُ حكومةُ نتنياهو أن تتصرف أمامه؛ فإضافة إلى التداعيات الاقتصادية المباشرة والمزلزلة التي سببتها الجبهة اليمنية بما في ذلك في أم الرشراش المحتلّة التي بات مينائها مغلقاً بالكامل، يعتبر الوصول المباشر للصواريخ والطائرات اليمنية والعراقية إلى المدينة تطوراً لا يمكن تجاهله أَو حتى تأجيل التعامل معه، فتعرض المدينة لهجمات أكبر تؤدي إلى خسائر أكبر لم يعد مُجَـرّد احتمال، بل صار مسألة وقت، وإن كان العدوّ يحاول التغطية على هذه الصفعة المدوية من خلال الحديث عن “إجراء تحقيق في الحادث” فَــإنَّ المستوطنين بلا شك قد أصبحوا يعرفون جيِّدًا أن “أم الرشراش” تصبح وبسرعة مسرحَ عمليات، وقد عبرت عن ذلك بوضوح تصريحاتهم التي نقلتها وسائل إعلام عبرية عقب وصول الصاروخ اليمني المطور إلى المدينة مؤخّراً، حَيثُ عبَّروا عن شعور كبير بأن جيش الاحتلال خذلهم وأن الوضع في المدينة أصبح غير آمن على الإطلاق.
وحقيقة أن اختراق الدفاعات الصهيونية في أم الرشراش قد حدثت مرتَيْنِ (بالأصح ثلاث مرات إذَا أضفنا وصول طائرة مسيَّرة قبل فترة لم يتبنَّ أحدٌ عملية إطلاقها) تجعل تكرار الأمر شبه حتمي، وَإذَا كان الخوف قد شل بالفعل حركة الحياة قبل أن تصل الصواريخ والطائرات المتطورة؛ فَــإنَّ الوضع بعد وصولها لن يصمد حتى على وضع الركود والخوف الراهن، ولن يطول الوقت حتى يجد المستوطنون الذين فروا من الشمال ومن غلاف غزة أنفسهم أمام ضرورة الرحيل مجدّدًا، ولكن هذه المرة فَــإنَّ المطارات هي الوجهة الأقرب، فأم الرشراش كانت هي الملجأ الوحيد الذي اعتمد عليه العدوّ لاستيعاب المستوطنين.
ولا يختلف الأمر بالنسبة لجيش العدوّ وحكومته، فالمكابرة وحدَها لن تمنعَ وصولَ المزيد من الصواريخ اليمنية والطائرات العراقية المتطورة إلى المزيد من الأهداف الحسَّاسة والتسبب بأضرار كبيرة وواضحة في ظل استمرار العدوان الصهيوني على غزة، بل إن إقدام العدوّ على تصعيد جديد في رفح، قد يقابل بتصعيد آخر تصل فيه الصواريخ والطائرات إلى أبعد من أُمِّ الرشراش.
كلّ هذه الحسابات أصبحت بعد وصول الصاروخ اليمني والطائرة العراقية معطيات مهمة يجب على العدوّ الصهيوني ومستوطنيه التعامل معها بصورة جادة، وهي تعني في مجملها أن غزة ليست وحدها بالفعل، وأن المسألة أكثر من مسألة تضامن يمكن الإيعاز للأمريكيين وغيرهم التعامل معه من بعيد؛ فالجبهاتُ الإقليمية أصبحت كلها تطلق النار على “إسرائيل” بشكل مباشر وتحقّق إصابات دقيقة، وإن كان هناك تفاوُتٌ في الأمر، لكن المبدأ هو أن الحماية الأمريكية التي اعتمد عليها العدوّ الصهيوني في إبقاء الخطر اليمني والعراقي بعيدًا، قد فشلت بشكل مدوٍّ، وأصبح عليه أن يتعامل مع هذا الخطر مباشرة.