جنديُّ الله مهامُّه شاملة
لؤي زيد بن علي الموشكي
في البداية يجب أن ندرك أعظم نعمة من نعم الله، الكثير قد يجهلها ولا يقدر قدر العطاء الذي وهبنا الله وهي نعمة الجهاد، والتي اسميها أنا نعمة “استثمار النفس”.
لو تأملنا قليلًا عندما يحصل أحد منا على عملٍ ما في إحدى الشركات أَو الهيئات براتب مرموق، وتعطيه الشركة بجانب راتبه فرصة لاستثمار جزء بسيط من راتبه وسيعود عليه ذلك بأرباح كبيرة، وكذلك تمنحه التأمينات الصحية والأسرية والتأمين لأسرته بعد موته، كيف سيكون شعورك؟ كيف سيكون موقفك؟
بدون أدنى شك سيكون شعوراً لا يوصف بأنك تعمل وتُمنح راتب كنت تتمناه، وفوق هذا تصبح صاحب استثمار ينتظر ربحه، وكذلك حصلت على تأمين لك ولأولادك.
سيكون موقفك هو الشكر لهذه الجهة التي تعمل فيها والذِكر الحسن المصحوب بالمدح والامتنان أينما ذهبت!
فما بالك عندما يكون صاحب العرض المغري هو الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى فتح باب استثمار النفس للناس لكي يكون لحياتهم قيمة ولعملهم أثر ونتيجة وخُصُوصاً في ظل الواقع الذي نعيشه اليوم، واقع استحكم فيه الطاغوت وقوى الاستكبار في عالمنا العربي والإسلامي.
نعود الآن إلى عنوان هذه المقالة (جُندي الله مهامه شاملة).
قد يقول أَو يطلع في ذهن أحدهم عندما يسمع هذه المقولة إن المقصود بجندي الله الذي مهامه شاملة هو الجندي العسكري!..
لا، هُنا المقصود ليس الجندي العسكري، فالجندي العسكري مهامه معلومة وهي حركة في حدود جسمه، القفز، التحَرّك البديهي (بشكل سريع معين)، سرعة تجاوز الحواجز والموانع، تسلق الجدران والجبال،… إلخ.
المقصود هُنا بجندي الله هو الذي مهمته (جهاد النفس) والذي وضحه الشهيد القائد السيد حسين الحوثي “رضوان الله عليه” فقال: [الإنسان المؤمن هو جندي من جنود الله، وميدان تدريبه، ميدان ترويضه ليكون جندياً فاعلاً في ميادين العمل لله سبحانه وتعالى هي الساحة الإيْمَانية، ساحة النفس، كلما ترسخ الإيْمَان في نفسك كلّما ارتقيت أنت في درجات كمال الإيْمَان، كلما كنت جندياً أكثر فاعلية، وأكثر تأثيراً، وأحسن وأفضل أداء].
يجب أن يستشعر كُـلّ واحد منا مسؤوليته وكذلك الربح الكبير الذي عرضه الله لمن سيعمل بهذه العمل، لمن سيكون جندياً لله.
نستطيع أن نكون جنود الله بمعنى كلمة “جندي الله” وذلك بطلب الهداية والاستقامة والتوفيق من الله والرجوع إلى الله وكسر الغرور.. ونتذكر قول الإمام زين العابدين “عليه السلام: (اللهم صَلِّ على محمد وآله وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)، فقال عنه الشهيد القائد “رضوان الله عليه”: هو (الإمام زين العابدين) على ما هو عليه من العبادة والتقوى لم يحدث في نفسه غرور، ولا إعجاب بحالته التي هو عليها، وهو من سُمّي -لما كان عليه من العبادة– (زين العابدين، وسيد الساجدين) ما زال يطلب من الله أن يبلغ بإيمانه أكمل الإيمان.
وهنا أوجه الحديث للجميع رجالاً، نساءً، كباراً، صغاراً، وأخص الشباب الجامعي سواء ممن ما زالوا طلاباً أَو صاروا خريجين.
لا نقُل:
– نحن طلاب.
– نحن خريجون وسنخدم وطننا في مجال تخصصنا.
– هنالك مجاهدون يقومون بهذا العمل وكلّ في مجاله.
صحيح فسنخدم وطننا وسنبني يمننا بمجال تخصصنا، ولكن لا ننسَ أن هذا العمل وهذه المهمة (جندي الله) من سيقومون بها على أكمل وجه هم طلاب الجامعة وخريجو الجامعة؛ لأَنَّهم سيجمعون بين العلم الإلهي والعلم البشري إذَا فهموا مدى أهميّة المسؤولية الملقاة على عاتقهم التي هي أهم من المهمة العسكرية ودونها تفشل المهمة العسكرية.
الطاغوت ممثلة بقوى الاستكبار العالمي أذرع الماسونية الصهيونية شغال ليل نهار في بث السموم في عقول إخوتنا وأخواتنا شغال في ترويض نفسياتهم شيئاً فشيئاً، لذلك وجب علينا محاربتهم بمثل طريقتهم، علينا “بجهاد الأنفس”، علينا أن نعرف كيف ندخل إلى النفوس، إلى العقول وننتزع السم ونزرع الهُدى.
علينا أن نؤمن وندرك أننا بعملنا هذا كأننا نستثمر أنفسنا مقابل كرم الله وعطائه (ركزوا على كرم وعطاء الله).
“اللهم بلغ بإيماننا أكمل الإيمان”.