شيءٌ عن السياسة الأَمريكية
حميد رزق
قال مسؤولٌ في الخارجية الأَمريكية إن أَنْصَـار الله ليسوا حركة “إرْهَـابية” وفي مؤتمر صحفي أكد منسق مكافحة الإرْهَـاب في وزارة الخارجية الأَمريكية جاستين سايبيريل أن “الولايات المتحدة لا تعتبر الحوثيين منظمة إرْهَـابية”.. وللتعليق على هذه التصريحات هناك العديدُ من النقاط الإيضاحية:
أولاً: أَنْصَـار الله لا ينتظرون شهادةً من أحد لا سيما الولايات المتحدة الأَمريكية.
ثانياً: المسألة لا تتعلق بنوايا أَمريكا الحسنة تجاه حقوق الشعوب العربية والمسلمة وقواها الحية بما في ذلك أَنْصَـار الله.
ثالثاً: المسألة تتعلق بهُوية وفكر وسلوك أَنْصَـار الله الذي يجعل من الصعوبة على الأَمريكان أَوْ غيرِهم العثورَ على ثغرات حقيقية تُستغَلُّ لإدانتهم بعيداً عن الكيد والكذب والتضخيم الذي تمارسه بعضُ القوى المحلية والإقْليْمية من خصوم أَنْصَـار الله ويعرفه الأَمريكان تماماً.
رابعاً: ذهاب أَمريكا لتصنيف أَنْصَـار الله في قوائمها المزعومة “للإرْهَـاب” سيجعل من أَية خطوة في هذه المرحلة سبباً لكشف الأجندة الأَمريكية بشكل مبكر.
خامساً: أَمريكا وفي ضوء نتائج العدوان على اليمن التي فشلت في تحجيم أَنْصَـار الله وبالعكس حوّلتهم إلى قوة شعبية شديدة التماسُك مقابل بقية القوى الكرتونية لا سيما المدعومة من العدوان، بحيث لم يمكنهم الوقوف على أقدامهم برغم العدوان العالمي الذي ساندهم على مدى عام ونيّف.. نتائج العدوان السابقة جعلت الأَمريكان يتريّثون في قراءة المشهد اليمني ويتعاملون معه بحذر شديد، وهذا من الدهاء الأَمريكي المعروف، وعليه لا زال الأَمريكي يتأمل ويحلل مجريات الصمود اليماني ويستخلص العبر، وفي أوقات لاحقة قد يذهب إلى تصنيف أَنْصَـار الله في قوائمه في الوقت الذي يراه مناسباً وبعد أن تفشل خطوات أخرى كالاحتواء وغيرها.
سادساً: لم يوفر الأَمريكيون كُلَّ الوسائل لمحاربة أَنْصَـار الله والقضاء عليهم بدءاً من ضغوطهم على النظام السابق لشن الحروب الست وصولاً إلى الدفع بآل سعود وبقية الأعراب لشن العدوان العالمي الذي كان هدفه الأساسُ القضاءَ على أَنْصَـار الله. أَي أن الأَمريكي عندما أعلن عدم قناعته بان أَنْصَـار الله حركة ضمن الجماعات الموصومة بالإرْهَـاب لا يعني أنه أعطاهم جميلةً أَوْ قدّم لهم مكرمة فهو في الحقيقة لم يوفر جهداً لتحقيق أهدافه السابقة.
سابعاً: يدرك الأَمريكان أن خطوة مثل تلك لن تضيف له شيئاً في حربه على الشعب اليمني وفي طليعته أَنْصَـار الله وإنما ستكون أَي خطوة في هذا الاتجاه سبباً في مزيد من الالتفاف حولهم وبالمقابل تعرية أدوات العدوان وما يسمى بشرعية المنفى وأحزاب الفنادق بتركيا ودول الخليج.
ثامناً: في هذه المرحلة يحرص الأَمريكي بشكل غير مباشر على تضليل مجتمعات عربية ذات لون مذهبي مغاير عبرَ وسائل إعْـلَام وأبواق معروفة تعملُ بشكل مدروس على الحديث عما يعتبرونه التقاء في أجندة محاربة التكفيريين بين أَمريكا وأَنْصَـار الله، والأمر فيه مغالَطةٌ وتضليل، فأَمريكا وإن كان تحرُّكَها دائماً تحت شعار محاربة الإرْهَـاب إلّا أنها الراعية الحقيقية لجماعات داعش والقاعدة بشكل مباشر كما جرى في أفغانستان سابقاً وفي اليمن تدعم أَمريكا تلك الجماعات بمسمى مقاومة أَوْ بشكل غير مباشر؛ كون أَمريكا تشكل المظلة الراعية للنظام السعودي وسلوكه في نشر التكفير والتطرف في العالم.
والبقية تتبع إن شاء الله.