السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب خلال تدشين الدورات الصيفية: العطلة الصيفية مرحلةٌ ذهبية وآلُ سعود يحترمون الصهاينة أكثرَ من القرآن الكريم
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
يقولُ اللهُ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآنِ الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أنفسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم: الآية6]، صَدَقَ اللَّهُ العّلِيُّ العَظِيم.
الإنسانُ بفِطرتِه يُحِبُّ الخير، والسلامة، والفوز، والفلاح، لنفسه ولأسرته في المقدمة، على مستوى واقعه الاجتماعي من حوله الابتداء بأسرته، يحب الخير لنفسه ولأسرته كذلك، ويسعى عمليًّا لرعايتهم، والاهتمام بهم، وحمايتهم، وعلى المستوى الشعوري والوجداني: في حزنه، وفي راحته، على المستوى النفسي: في حالة الرضا، في حالة السرور، في حالة الفرح، ثم كذلك في بقية الأحوال النفسية والوجدانية للإنسان، يرتبط ارتباطاً وثيقاً على أَسَاس هذه الصلة الأسرية مع أسرته، فهو يحزن لأحزانهم، يتألم لآلامهم، يفرح لأفراحهم، يُسَر لسرورهم، يرتبط بهم على المستوى الوجداني ارتباطاً وثيقاً، ويسعى على المستوى العملي بكل ما يستطيع، يدافع هذا الحرص، هذه الرغبة، هذه المحبة الفطرية، الوجدانية، الإنسانية، يسعى للعناية بهم، بحسب ما يستطيع، وبحسب ما يتهيأ له في هذه الحياة، ولذلك من المعروف في واقع الناس ما يبذله الكثير ممن يرى نفسه معنياً بأسرته من جهد في هذه الحياة، من كد، من عناء، من تعب، من عمل، ومن اهتمام واسع؛ مِن أجلِ أسرته والعناية بهم.
ثم لأهميّة هذه المسألة، ولأن المجتمع البشري في واقعه، حياته مترابطة، وشؤونه مترابطة، تأتي هذه المسؤولية أَيْـضاً، هذا الاهتمام كمسؤولية إنسانية، يحسُّ بها الإنسان ابتداءً في واقع أسرته، ثم كمسؤولية اجتماعية، اجتمع فيها الدافع الفطري، الذي هو دافع محبة، وإرادَة نابعة من وجدان الإنسان، من رغبته، من اهتمامه النفسي، ثم كمسؤولية إنسانية يستشعرها ويلحظها في واقعه النفسي، ويندفع على أَسَاسها، ثم كمسؤولية اجتماعية يتعاون عليها المجتمع، ويراها ضمن اهتماماته الجامعة والمشتركة، والتي يسعى للعناية بها، ويُفيد فيها كُـلّ من يمكن أن يسهم ويُفيد فيها.
ثم عندما نأتي إلى هذه الأمور ذات الأهميّة الكبيرة، التي هي في فطرة الإنسان، وفي واقع حياته، وجزءاً من اهتماماته في الحياة ومن شؤونه المهمّة في الحياة، فلها موقعها الديني، لها أهميتها وموقعها في دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لأَنَّ الدينَ هو دين الفطرة، وأتى منسجماً مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها؛ ولهذا تُعتبَرُ أَيْـضاً مسؤوليةً دينية، فيأتي النداء في الآية المباركة للذين آمنوا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أنفسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، فيرى الإنسان نفسه هو مخاطب بهذه الآية المباركة، والله يناديه لأن يقي نفسه، وأن يسعى أَيْـضاً لوقاية أهله من النار كمسؤولية دينية.
تأتي المسؤولية الدينية أَيْـضاً ضمن نداء الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتعليماته المباركة، وهديه العظيم للإنسان، الذي يرسم للإنسان طريق الفلاح، والفوز، والسعادة، والسلامة والنجاة في الدنيا والآخرة، في حياته الأولى التي هي حياة محدودة بأجل معيَّن، وحياته الأُخرى التي هي حياةٌ أبدية؛ لأن الإسلام ودين الله الحق يربي الإنسان هذه التربية، ويعلمنا على هذا الأَسَاس: أن نتجه في اهتماماتنا، في كُـلّ شؤوننا الأَسَاسية نحو هذه الحياة، فيما يتعلق بها وفي مرحلتها، ونحو حياتنا الأُخرى، الحياه الأبدية التي نحسب حسابها، في اهتماماتنا، في آمالنا، في خوفنا، وفي رغبتنا ورجائنا، وفي غير ذلك، فتأتي هذه المسؤولية كمسؤولية أَيْـضاً دينية، من ضمن الالتزامات الإيمانية والدينية، والمسؤوليات الدينية.
ويأتي معها أَيْـضاً برنامجها العظيم في دين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبشكلٍ مميز، وبشكلٍ رائعٍ جِـدًّا، إلى درجة أن يكون أعلام ورواد هذا الجانب هم أنبياء الله ورسله “صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِم”، والهداة الصالحون من عباده؛ لأن جانباً أَسَاسياً من الاهتمام بأنفسنا، والاهتمام بأسرنا، وهو ما يقود بقية المجالات، وهو المعتمد في بقية الشؤون التي يتحَرّك فيها الإنسان في حياته، هو: جانب المعرفة، والعلم، والهداية، الإنسان أول ما يحتاجه هو هذا الجانب: معرفة، وهداية، وعلم، يتحَرّك على أَسَاسها عمليًّا في مختلف مجالات حياته الواسعة؛ ولهذا ترافقت الهداية والتعليم منذ بداية الوجود البشري، مع وجود الإنسان، خلق الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” آدم أبا البشر، وعلَّمه الأسماء كلها، وقدَّم له الهدى، وعلَّمه التشريعات الإلهية المتعلقة به في حياته، منذ المراحل الأولى وبشكلٍ تدريجي، فأن يكون الرواد والأعلام في مسألة الهداية والمعرفة والتعليم هم أنبياء الله ورسله؛ ذلك ليكونوا حلقة وصلٍ لنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مصدر الهداية، مصدر العلم والمعرفة النافعة والصحيحة والمفيدة، الذي هو العليم الحكيم، {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}[البقرة: من الآية282]؛ ولهذا ندرك أهميّة وقدسية هذه المسألة، فلها عمقها وأهميتها على المستوى الإنساني، على المستوى الاجتماعي، على المستوى الديني، ونرى صلتها بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
في هذا السياق ندرك ونعي أهميّة الدورات الصيفية؛ لأَنَّها تتجه إلى جانب التربية، والتعليم، والتثقيف، الذي له كُـلّ هذه الأهميّة، وكل هذه القدسية، ونعي كآباء مسؤوليتنا تجاه هذا الجانب فيما يتعلق بأبنائنا.
الدورات في الفترة الصيفية هي من جانب فرصة مهمَّة، لاستثمار هذه المدة الزمنية، التي هي لأشهر، لعدة أشهر متعددة، ليكون جزءاً منها بدلاً من أن يكون حالة فراغ للأبناء مع العطلة، فراغ تام، وعلى مدى أشهر طويلة، ووقت زمني طويل، لتكون فرصةً تستثمر في الاهتمام بهم، في تزكيتهم، في تعليمهم، في هدايتهم، في تربيتهم، في تنشئتهم وبنائهم، وهذه مسألة مهمَّة جِـدًّا؛ لأَنَّ فترة العطلة الصيفية هي فترة طويلة في الأَسَاس، وَإذَا كانت بكلها مُجَـرّد عطلة وفراغ، فسيكون لها سلبياتها.
في الحالة التي تبقى حالة انفلات، وفراغ، وفوضى، ليس هناك توجيه للأنشطة، لاستثمار هذه الفترة بنفسها، بشكلٍ يفيد الأبناء، ويفيد الناشئة، ويفيد الشباب، وكانت مُجَـرّد هكذا فترة فراغ بالكامل، فلها تأثيراتها السلبية؛ لأَنَّ الإنسان يتَّجه لاستثمار هذا الفراغ، وَإذَا لم يتَّجه بشكلٍ مدروس، بشكلٍ صحيح، بشكلٍ مفيد، حتى في الأنشطة الترفيهية، التي ينبغي أن تكون مدروسة، وبناءة، ومفيدة، فهو يتَّجه بشكلٍ عشوائي، بشكلٍ فوضوي، وقد تكون النتيجة الكثير من الإشكالات، الكثير من الظواهر السلبية التي تنشأ في حالة الفوضى، والفراغ، والانفلات من دون برنامج عملي مدروس، واستثمار مدروس حتى للأنشطة الترفيهية؛ لتكون -كما قلنا- مفيدة وبناءة ومفيدة، فتكون بدلاً من حالة الفراغ والفوضى والانفلات، تكون فترةً يستفاد منها، بدلاً من هدر الوقت، الذي هو من أعظم وأهم النعم، والذي يتعلق أَيْـضاً بمرحلة مهمَّة من عمر الإنسان: في مرحلة الطفولة، ومرحلة الشباب، ومرحلة المراهقة، مرحلة النشء هي مرحلة من أهم عمر الإنسان؛ ولذلك بدلاً من أن تهدر هذه المرحلة الذهبية في حياة الإنسان، وفي مرحلة بنائه تربوياً ومعرفياً، لا مثيل لها أبداً، بدلاً من أن تهدر وتضيع، تستثمر بشكلٍ صحيحٍ ومفيدٍ وبناءٍ؛ فتكون مرحلة لبناء الإنسان تعليمياً وتربوياً، ولاكتساب المهارات، وتوجّـه فيها أَيْـضاً الأنشطة الترفيهية بشكلٍ مفيد.
فالاستغلال السلبي للعطلة يتحول إلى بؤرة لنشوء ظواهر سلبية، في السلوكيات، في التصرفات، في الأخلاق، في الأعمال؛ نتيجة الفراغ، نتيجةً لقرناء السوء في بعض الحالات، نتيجةً للفوضى دون توفر برنامج مدروس ومفيد، فهذه مسألة مهمَّة في الإسلام، الإسلام يربينا على أن نعطي الوقت قيمته، وأن ندرك أَيْـضاً فرصة العمر، وأن نُقَدِّر كُـلّ مرحلة من مرحلة العمر، التي ستنقضي، ومنها هذه المرحلة التي تستحق أن نطلق عليها أنها مرحلة ذهبية، في مجال التربية، وفي مجال ترسيخ المفاهيم، وفي مجال التقويم السلوكي والأخلاقي، واكتساب الرشد والمعرفة، لها أهميّة كبيرة جِـدًّا.
الميزة فيما يتعلق بالدورات الصيفية، كبرنامج في بلدنا، تهتم به هذه الجهات، التي تتجه على أَسَاس من الإيمان، من قيم هذا الشعب، من هُــوِيَّته، من مبادئه، من قيمه، من أخلاقه، لها ميزة مهمَّة جِـدًّا؛ لأَنَّ العنوانَ التعليميَّ والتثقيفيَّ هو محلُّ اهتمام عند كُـلّ البشر، في كُـلّ الدنيا، ويدخل فيه -هو أصلاً في مقدمة كُـلّ الأشياء، كُـلّ شؤون الإنسان- يدخل فيه الهدى، والضلال؛ والحق، والباطل؛ والصلاح، والفساد؛ فتستغل العملية التعليمية التوجيهية التثقيفية في مختلف أنحاء العالم، لدى كثيرٍ من الفئات ممن هي فئات ضلال، تُستغل لإضلال الإنسان، لإفساده، للانحراف به عن نهج الله وتعاليمه، للسيطرة عليه فكرياً وثقافيًّا؛ بغية السيطرة عليه في مسيرة حياته، واستعباده في واقع حياته، لكن الميزة عندما تكون هناك جهات تتجه على أَسَاس من الانتماء الإيماني، والتوجّـه الصحيح، الذي يبني الإنسان بناءً صحيحاً، ويقدِّم له المعارف الصحيحة، وأن تكون مرتبطةً بالهُــوِيَّة الإيمانية الصحيحة الأصيلة، فتجمع بين الأصالة والنقاء المعرفي، وتقديم هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بمفاهيمه الحقيقية، التعاليم الإلهية كما هي بشكلٍ صحيح، مع التوجّـه نحو بناء حضارة إسلامية راقية، مبنية على أَسَاس من تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وهدية.
شعبنا اليوم بفضل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” له مشروع، لا يعيش حالة الفراغ في المشروع، التي حالة مؤسفة، تعاني منها أكثر شعوب أمتنا، أكثر شعوب أمتنا الإسلامية ليس لديها مشروع حضاري إسلامي، هي في حالة تعطيل لهذا الجانب، تعطيل وتجميد لهذه المسألة، شعبنا له الآن مشروع، مشروع قائم على أَسَاس من هُــوِيَّته الإيمانية، مشروع تحرّر عن التبعية لأعدائه، فيما تعاني كثير من شعوب أمتنا الإسلامية من التبعية التي تجمِّدها، تجمِّدها عن أي انطلاقة حضارية إسلامية راقية تحرّرية، تبنيها على أَسَاس مستقل ومتحرّر، فالحالة حالة مؤسفة في كثيرٍ من الشعوب.
فالميزة لهذه الدورات في بلدنا، في نطاق نشاط هذه الجهات التي لها هذا التوجّـه، لها هذه الانطلاقة، هي ميزة مهمَّة، ميزة مهمَّة، في إطار مشروع حضاري إسلامي، يعتمد على التعليمات الإلهية، على المبادئ الإلهية، ينتمي للهُــوِيَّة الإيمانية، هذه ميزة عظيمة، وميزة مهمَّة، تعطي لكل شيءٍ قيمته، وفائدته، وثمرته، وإيجابيته؛ لأَنَّ نفعه في هذه الدنيا، ويمتد إلى الآخرة، ليكون متصلاً بقوله تعالى: {قُوا أنفسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.
لو نأتي -على سبيل المثال- لنلقي نظرة وبشكلٍ موضوعيٍّ تام على واقع بعض الدول العربية، مثلاً: كما هو الحال في السعوديّة، قامت السعوديّة بتعديل مناهجها الدراسية، وجعلت الركيزة الأَسَاسية لعملية التعديل للمناهج الدراسية، وسقف هذه العملية في التعديل للمناهج الدراسية: موضوع اليهود الصهاينة وإسرائيل، ليكون هذا هو المرتكز الأَسَاس، بإزاحة كُـلّ الآيات القرآنية، يعني: بالرغم من قدسية وعظمة القرآن الكريم لدى كُـلّ مسلم، والتي يفترض أن تكون محل تعظيم، وتقديس، والتزام، واهتمام، وتحتل أولوية مطلقة لدى الإنسان في نشاطه التعليمي، إلَّا أنهم وصلوا لدرجة إزاحة الآيات القرآنية، التي تتكلم عن جرائم اليهود، أَو تفضح اليهود، أَو تكشف واقعهم للناس، وتحذِّر منهم، ومن شرهم، ومن فسادهم، لم يحترموا القرآن، احترموا اليهود الصهاينة بأكثر من احترامهم للقرآن ولكتاب الله، وبدون أي خجل يزيحون الآية القرآنية، آيةً قرآنية من المنهج الدراسي، لماذا؟؛ لأَنَّها ستغضبُ اليهود الصهاينة، وقد تكون عائقاً أمام مسألة التطبيع، الذي يتجهون له، للعلاقة والولاء مع العدوّ الإسرائيلي الصهيوني.
اتجهوا أَيْـضاً إلى أحاديث نبوية، إمَّا لإزاحتها كليًّا، أَو لبترها، هذا على مستوى الإزالة، تصوروا أن تزال آيات قرآنية من المناهج الدراسية، وتحذف من المناهج الدراسية، وتحذف أحاديث نبوية؛ لأَنَّ السقف الذي أصبح سقفاً لكل ما سواه هو الاسترضاء لإسرائيل! هذه كارثة، طامة كبرى بكل ما تعنيه الكلمة، وظلم رهيب للأجيال!
ليس هذا فحسب، بل البعض من الآيات القرآنية غيروا ما كانوا قد قدَّموه سابقًا لها من المعاني، أَو ما كان قد قُدِّم سابقًا من حديث على ضوئها؛ لِيُغير بطرح آخر، السقف فيه والمعيار له هو: ما الذي سيرضي العدوّ الإسرائيلي، وما الذي سيغير نظرة جيل بأكمله، جيل بأكمله سيتعلم تلك المناهج، سَتُقَدَّم له كثقافة، وكعلوم، وكمعارف، وكعقائد، وكأسس يعتمد عليها في رؤيته، في فكره، في ثقافته، في نظرته، في مواقفه، في انطلاقته، قدَّموا ما يدجن جيلاً بأكمله للعدو الإسرائيلي، ويحوِّل نظرته للعدو الإسرائيلي الصهيوني، لتتحول إلى نظرة أنه صديق، وأن الموقف الصحيح معه هو العلاقة، هو الشراكة، هو التعاون، هو التحالف، فهو الحليف المستقبلي، كما قال زعماؤهم عن العدوّ الإسرائيلي: أنه الحليف المستقبلي، إلى هذه الدرجة!
أي ظلم للأجيال عندما تقدَّم لها مناهج توجّـه في العملية التعليمية لتُدجَّن لمن؟ لِتُدَجَّن للعدو الإسرائيلي، الذي نرى ما يفعله في قطاع غزة، نرى كم هي عداوته للإسلام والمسلمين، كيف حقده على المسلمين، كيف حقده على العرب! اليهود الصهاينة لديهم شعار [الموت للعرب]، هذا شعار يردّدونه، يهتفون به، يكتبونه، ينطلقون على أَسَاسه.
الإمارات كذلك فعلت كما فعلت السعوديّة، أصبحت مناهجها الدراسية تتحدث بِوِد، وإعجاب بالعدوّ الصهيوني، إعجاب بالإسرائيليين، وتربي جيلها وأطفالها على أن تكون متقبِّلةً للإسرائيليين كصديق وحليف وشركاء في هذه الحياة، شركاء نشترك معهم في كُـلّ شيء، هكذا يعملون، وهكذا يفعلون.
ثم هذه الموجة متجهة إلى دول عربية أُخرى، تُغَيَّب منها قضايا مهمَّة، مفاهيم أَسَاسية، يحتاج إليها الجيل الناشئ لبنائه، لحياته، لعزته، لكرامته، لحمايته، تُشطب وتحذف بشكلٍ كبير، وتأتي المفاهيم السلبية السيئة، المدجنة للأجيال، المميعة للشباب، لتحل محلها، لتكون هي ما يقدَّم في العملية التثقيفية التعليمية، في المناهج، في المدارس، في وسائل الإعلام، في مختلف الأنشطة التي تُقدَّم، يعني: بما ينحدر بالأمة نحو الأسفل، ويزيدها خنوعاً وتدجيناً، إلى غير ذلك، يخضعها لأعدائها؛ لأنهم أعداء، الإسرائيلي في المقابل لا يغير شيئاً في مناهجه الدراسية، في سياسته التعليمية، هي كما هي، تربي أطفالهم على العداء الشديد، ينشؤون عليها، ويستمرون عليها، في كُـلّ مراحلهم التعليمية، من الطفولة إلى الكبر، إلى الشيخوخة، وليس فقط إلى مرحلة الشباب، إلى الشيخوخة، الإسرائيلي يبقى متعلماً الحقد على المسلمين، والكره للمسلمين، والنظرة السلبية للمسلمين، ويترسخ لديه العداء الشديد للمسلمين، ويستمر ذلك منذ طفولته في المدارس، في المراحل الابتدائية، إلى مرحلة الشيخوخة، حتى يهرم ويموت على الحقد والعداء الشديد للمسلمين، والسعي لمحاربتهم، والتآمر عليهم، واستخدام كُـلّ الوسائل للسيطرة عليهم، ضمن برنامج عمل، عمل عدائي، وعمل للسيطرة والاستغلال، والاستهانة، والإهانة والإذلال لهذه الأُمَّــة.
فالميزة في بلدنا لهذه الدورات الصيفية: أنها تأتي على أَسَاس الهُــوِيَّة الإيمانية لبلدنا وشعبنا، وفي إطار مشروع تحرّري بكل ما تعنيه الكلمة، يجعل شعبنا وبلدنا في طليعة هذه الأُمَّــة في توجّـهه التحرّري والاستقلالي، والخلاص من التبعية للأعداء، والتحرّر من الخضوع لهم، والارتباط بهم ثقافيًّا أَو فكرياً؛ لأَنَّ الارتباط بهم هو عملية تدجين لهم فحسب، تدجين لهم، تُدجِّن الأُمَّــة لهم.
الأَسَاس الذي تبنى عليه الدورات الصيفية في بلدنا، في نشاطها التعليمي، والتربوي، والترفيهي، هو: التربية الإيمانية، بناءً على هذه الهُــوِيَّة لشعبنا، هذه الهُــوِيَّة التي هي شرفٌ عظيم، قال عنها رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الإِيْمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، والتي هي أَسَاس للفلاح في الدنيا والآخرة، كما أعلن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” ذلك في القرآن الكريم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[المؤمنون: الآية1]، الفلاح في الدنيا وفي الآخرة، الأَسَاس هو التربية الإيمانية: في الأهداف، في المنطلقات، وفي الامتداد الحضاري لها (للأهداف وللمنطلقات) وفق هدى الله تعالى وتعليماته.
تُرسم الغاية الكبرى التي رسمها الله لعباده المؤمنين، وهي: السعي نحو مرضاة الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والفوز برضاه، هذه هو الغاية الكبرى لكل إنسان مؤمن، والتي عندما ينطلق الإنسان على أَسَاسها يسمو، تعظم أهدافه، تزكو نفسه، يصلح عمله، يتَّجه في أهدافه العملية على أَسَاس عظيم، ووفق منطلقات عظيمة ومهمَّة.
فتأتي في مقدمة الأهداف التي رسمها الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو: الحُريَّة من العبودية لغير الله تعالى؛ لأَنَّ هذا هو العنوان الأول، والهدف الأول -في نفس الوقت- للرسالة الإلهية، تحرير الإنسان من العبودية لغير الله، فلا يكون عبداً إلا لله، هذا لا يوجد إلَّا في الرسالة الإلهية، ليس هناك أي مشروع على الأرض، في أي بقعةٍ من الدنيا لتحرير الإنسان فعلاً من العبودية، إلَّا المشروع الرسالي، الذي يُعَبِّدنا لله، ويحرّرنا من العبودية لما سواه، من الذي يمتلك مشروعاً كهذا؟ هل الغرب الكافر، الذي يُقرُّ أصلاً في عقيدته، يتبنى في عقيدته العبودية لغير الله؟! هذه حالة موجودة في الغرب، أديانهم، معتقداتهم، ثقافتهم، تتبنى العبودية لغير الله، تعبيد الإنسان لغير الله، ثم يمارس ذلك، يربي على ذلك، ولديه كم في هذا الانحراف الكبير الذي انحرف فيه عن هذا المبدأ العظيم، الذي هو أقدس المبادئ، وأول عنوان للرسالة الإلهية. في مناهجنا التربوية والتثقيفية للدورات الصيفية، يأتي ترسيخ هذا المفهوم الذي يحرّر الإنسان، لا يقبل أبداً بأن يكون عبداً إلَّا لربه وخالقه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويتَّجه على أَسَاس العبادة لله، الطاعة لله، الانقياد في هذه الحياة لتعليمات الله وتوجيهاته المباركة والقيمة.
يأتي كذلك في ظل هذه الأهداف المقدسة والمباركة: القيام بالدور الحضاري وفق تعليمات الله، الإنسان في مسيرة حياته، والله استخلفه في هذه الأرض، وربطه في شؤون حياته كلها: غذائه، وكسوته، وشرابه، وطعامه، ودوائه… وكل احتياجات حياته بالعمل في هذه الأرض، بالحركة على هذه الأرض، ولكن قدَّم الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أرقى وأهدى التعليمات للإنسان، ليلتزم بها في مسيرة حياته في الحياة، وليكون له أهداف مقدسة، لا تتوجّـه هذه الأمور التي هي أمور تلقائية في الحياة لا تتوجّـه هي بحد ذاتها إلى أهداف؛ لأَنَّ الإنسان في مسيرة حياته لا تقف حدود حياته أثناء وجوده في هذه الدنيا؛ ولذلك لا تأتي مهامه الأَسَاسية أن يأكل، وأن يشرب، وأن يتناكح، وانتهى الأمر، لامتداد النسل كالحيوانات الأُخرى، لا يزال لديه مسؤوليات مقدسة، اهتمامات مقدسة، أعمال مقدسة، ذات أهميّة كبيرة في مسيرة حياته: إقامة القسط في هذه الحياة، تجسيد القيم والأخلاق في هذه الحياة، التي تُمَيِّز هذا الإنسان، وتسمو بهذا الإنسان، وتحقّق له كماله الإنساني، كماله الإنساني بتلك الأخلاق، بتلك القيم، بتلك المبادئ، بتلك التعليمات الإلهية، التي يجسِّدها ويلتزم بها في مسيرة حياته، فَتَفْرُق ما بينه وبين بقية الحيوانات، لو كانت المسألة أن يأكل فقط، وأن تكون نظرته في هذه الحياة أنه موجودٌ فيها على قاعدة: [أن يأكل ليعيش، ويعيش ليأكل]، لكان هذا هبوطاً بالقيمة الإنسانية، وهدراً للكرامة الإنسانية، ومساواةً للإنسان بأي دابة في الأرض، بأي كائن، بأي حيوان آخر.
ولذلك تعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” المرتبطة بالجانب الحضاري تعليمات عظيمة، ومسؤولية المسلمين أن يقدِّموا النموذج في أوساط المجتمع البشري، كيف يتَّجهون لبناء حضارة إسلامية، تعتمد على المبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، وتعمر الأرض، وتتجه لإقامة العادل، وتُجسِّد الأخلاق والقيم، وتضبط التصرفات والاهتمامات الإنسانية، على أَسَاس من المسؤولية الإيمانية، والأخلاقية، والقيمية، بعيدًا عمَّا نراه في حالة الغرب، كيف هي حضارتهم؟ يغلب عليها الهمجية، والإجرام، الاستباحة لكل شيء، المحاولة لشطب الأخلاق من الواقع الإنساني، يحاولون أن يشطبوا القيم والأخلاق من المجتمع البشري، وُصُـولاً إلى ما وصلوا إليه، في محاولتهم لأن تتحول مسألة الشذوذ الأخلاقي إلى مسألة مقوننة، وسلوكاً عادياً في المجتمع البشري، والبشر بكلهم يستنكرونها حتى بفطرتهم، في كُـلّ ما هو موجود لدى البشر: الفطرة، العادات والتقاليد والأخلاق، القيم، على كُـلّ المستويات، البشر ينكرون ويستنكرون ذلك المنكر الفظيع جِـدًّا، فأتى الغرب الكافر في هذه المرحلة ليحاول أن يحوِّل المسألة إلى مسألة معممة في كُـلّ المجتمعات، أصبحت داءً في أوساط مجتمعاتهم، بلاءً شنيعاً مخزياً وفاضحاً، عاراً عليهم بكل ما تعنيه الكلمة، ويحاولون أن يعمموه إلى بقية المجتمعات.
ثم أَيْـضاً يترابط مع اهتمامات الإنسان في هذه الحياة، وهو يقوم بدوره الحضاري فيها، اهتمامه أَيْـضاً وربطه بمسيرة حياته هذا بامتدادها المستقبلي، الأبدي في الآخرة، نحن كمسلمين، كُـلّ من يؤمن بالرسالة الإلهية على مرِّ التاريخ هو يؤمن بالآخرة، بحياته الآتية، بحياته الأبدية؛ ولذلك اهتماماته محسوبٌ فيها بالدرجة الأولى ذلك المستقبل الآتي: حياتي في الآخرة، أنني سأسأل، وأُحاسب، وأُجازى، وأنني قادمٌ في عالم الآخرة، والإنسان إمَّا إلى الجنة، وإمَّا إلى النار، إمَّا إلى رحمة الله ورضونه، ومستقر رحمته، ودار كرامته، ومجاورة أنبيائه وأوليائه؛ وإمَّا إلى جهنم، مع الشياطين، مع الأبالسة، مع المجرمين والعياذ بالله، الإيمان بالآخرة عندما يترسخ في واقع الإنسان هو يساعد على استقامة حياة الإنسان في هذه الدنيا، وبها تستقيم حياته المستقبلية الأبدية في الآخرة.
فلذلك عندما نأتي إلى الأهميّة الكبيرة والميزة العظيمة لهذا الجانب، في إطار هدي الله، تعليمات الله، في إطار الهُــوِيَّة الإيمانية، ونرى أَيْـضاً كيف أن رواده هم رسل الله وأنبياؤه، ونرى موقعه في الرسالة الإلهية؛ ندرك الأهميّة الكبيرة للدين والدنيا، وكلاهما مترابطان: الدين هو أصلاً لهذه الحياة، لاستقامة الإنسان في هذه الحياة، ولتستقيم بذلك حياته في الآخرة.
المشروع الإلهي هو مشروعٌ متكامل -كما شرحنا قبل قليل- يسمو بالإنسان، لا يركِّز فقط على مطالب واحتياجات في جانب من حياة الإنسان، ويهمل الجوانب الأُخرى المتعلقة بالإنسان؛ ولهذا عندما نأتي إلى مِنَّة الله ونعمته في رسالته، وهو القائل “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخرين مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4]، ما تتضمنه هذه الآيات المباركة من هدى هو شيءٌ كثيرٌ جِـدًّا وواسعٌ ومهمٌّ، ولا يتسع الوقت للحديث عنه، لكننا نقتصر على بعضٍ من ذلك في سياق موضوعنا الذي نتحدث عنه.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” امتن على العرب في المقدِّمة، وعلى البشرية جميعاً، بخاتم رسله وأنبيائه، في مرحلة مهمَّة، هي مرحلة تعتبر نهاية التاريخ، المرحلة المتأخرة، المرحلة الأخيرة، آخر الزمن كما يُعبَّر عنه، المرحلة التي ستكتمل بها حياة البشر ووجودهم على هذه الأرض واستخلافهم، ثم تنتهي حياتهم، ويأتي بعدها يوم القيامة، ويأتي عالم الآخرة، الختام للرسل والأنبياء كان برسول الله وخاتم أنبيائه محمد بن عبد الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وختام عظيم؛ لأَنَّ المرحلة الأخيرة، والحقبة الزمنية الأخيرة من حياة المجتمع البشري، ومن الوجود الإنساني على الأرض، هي ذات أهميّة كبيرة، وستكون خُلاصةً لما قبلها، خُلاصةً لما قبلها من مراحل التاريخ، منذ بداية الوجود البشري، وخلاصة مهمَّة، البشرية فيها طفرت طفرة كبيرة في إمْكَانات هذه الحياة، وسائل هذه الحياة، متطلبات هذه الحياة، وأصبح العصر في هذا الزمن -كما يقال- عصر السرعة، وزمن السرعة، كُـلّ شيء يتسارع بشكلٍ كبير، فرسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” هو سيِّد الأنبياء والمرسلين، منحه الله تعالى من الكمال العظيم لأداء مهمَّته المقدسة ما هو في مستوى هذا الدور الكبير، لآخر مرحلة مهمَّة من حياة البشر؛ ولذلك منذ وجود النبي “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ثم بعثته بالرسالة، يأتي هذا العنوان؛ لِيؤخذ بعين الاعتبار، وليلفت الله نظرنا إليه: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[القمر: الآية1]، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) يؤكّـد على اقتراب القيامة، وهذا هو من دلالات أن يكون رسول الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين؛ ولذلك هو فيما منحه الله من الكمال العظيم لأداء مهمَّته المقدسة، ثم أعطاه أَيْـضاً أعظم كتبه (القرآن الكريم)، القرآن الكريم هو أعظم كتب الله، أجمعها، أشملها، أوسعها هدىً، ومع ذلك حفظه الله من التحريف لنصه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: الآية9]؛ ليبقى نصه محفوظاً لبقية الأجيال إلى قيام الساعة، فجعله واسع الهدايا والمعارف إلى درجة مذهلة جِـدًّا تفوق كُـلّ تصور، لدرجة أن يقول عنه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}[لقمان: من الآية27]، هكذا إلى هذه الدرجة الرهيبة والمذهلة والتي تفوق كُـلّ تصور وكل تخيل.
والرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” تحَرّك بالرسالة الإلهية، بهدى الله، بتعليماته، بكتابه، بوحيه، لإنقاذ البشرية، لهداية البشرية، لتعليم البشرية، لتزكية البشرية، ويأتي العنوان لهذه المهمَّة المقدسة في قول الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}[الجمعة: من الآية2]، وبهذا تحَرّك رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” لأداء هذه المهمَّة المقدسة: لتربية، وتزكية، وتعليم، وهداية البشرية، بدءاً بهذا المجتمع العربي، الذي كان آنذاك مجتمعاً جاهلياً، العنوان لتلك المرحلة هي الجاهلية، ومجتمعاً أمياً، بدائياً، لا يمتلك ثقافةً ومعرفةً، وليس له ارتباط وصلة وثيقة بكتب الله وتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ومجتمعاً خرافياً، انتشرت فيه الخرافات، العقائد الباطلة، التصورات الجاهلية، ومجتمعاً يعاني من انعدام العدل، من انعدام كذلك القيم العظيمة والمهمَّة والأَسَاسية، التي يبنى عليها صلاح حياة المجتمع، واستقرار حياته، وسموه الإنسان، وتحقيق كماله الإنساني، كُـلّ هذا كان يفتقر إليه المجتمع.
أتى هدي الله، وفي إطار مهمَّة نفَّذها أكمل إنسان خلقه الله، في كماله الإنساني، والإيماني، والأخلاقي، والمعرفي، وهو رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وبذلك النور والهدى بالرغم مما عاناه في المجتمع العربي بدءاً من مجتمع قريش، بدءاً مما عاناه من معاناة كبيرة من تنكر، من جحود، من كفر، من معارضة، من إعاقة، من محاربة، لكن حقّق نقلةً هائلةً وكبيرةً جِـدًّا، غيَّرت ذلك المجتمع العربي آنذاك من مجتمعٍ جاهليٍّ أُمِّيٍّ بدائيٍّ مفرقٍ مشتت، لا يمتلك الثقافة والمعرفة، ليس له ارتباط وصيلة وثيقة بكتب الله وهديه، نقلته إلى واقعٍ مختلفٍ تماماً: إلى مجتمع موحد لله، مجتمع مرتبط بهدى الله وتعليماته، ومجتمع يتصدر كُـلّ الأمم على وجه الأرض، تتساقط أمامه إمبراطوريات بأكملها، يتميز بتلك التعليمات الإلهية، بتلك المبادئ الإلهية، وبقدر ما حملها وتفاعل معها يتميز بذلك على كُـلّ أمم الأرض، التي بدت أمام ذلك النور، وأمام تلك الأُمَّــة التي بدأت اتصالها وارتباطها بذلك النور، لتبدو بقية المجتمعات هي الأكثر جهلاً وهي تمتلك تلك العقائد السخيفة، الخرافية، الباطلة، ولديها تلك العلل والآفات في حياتها، وليرى الجميع أنه لا نجاة لهم -كثيرٌ من الشعوب- إلا بهذا النور، الذي تميزت به أُمَّـة ونقلها نقلةً هائلة، من الأمية والجاهلية، إلى أن تكون أُمَّـة في مصاف في الدرجة الأولى، وتتصدر بقية الأمم من حولها.
ثم انحدرت الأُمَّــة الإسلامية من بعد وفاة الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” رويداً رويداً، بقدر ما تراجعت عن ذلك النور، عن تلك التعليمات، بقدر ما تنكرت لذلك الهدى، كانت تتراجع وتنحدر رويداً رويداً، كلما عظم التراجع؛ كلما عظم الانحدار والسقوط، صولاً إلى ما وصلت إليه في عصرنا وزمننا.
لا يُصلح هذه الأُمَّــة ولا تصلح إلَّا بما صلح به أولها، الأمية التي نرى عليها في عصرنا هذا كَثيراً من نخب المجتمع، أمية أخطر من الأمية في الجاهلية الأولى، أمية خطأ كبير، وحالة مفاهيم مقلوبة بكل ما تعنيه الكلمة، تصورات خاطئة، نظرة غير حكيمة، مفاهيم غير صحيحة، الكل بحاجة إلى القرآن، بحاجة إلى هدى الله، إلى نور الله، إلى تعليماته المباركة، إلى التصحيح والتغيير لبناء نهضة صحيحة، وحضارة إسلامية تعتمد على المفاهيم القرآنية الصحيحة، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنفسهِمْ}[الرعد: من الآية11]، لذلك لا يمكن أن نقول أن علل المسلمين فيما هم عليه من شتات وفرقة وتَخَلُّف أنها تعود إلى القرآن، أَو تعود إلى الإسلام؛ بل تعود إلى جهلهم، إلى انحرافهم، إلى سوء فهمهم، إلى الدَّخَل الهائل الذي دخل في ثقافاتهم وتصوراتهم وأفكارهم؛ فغير نظرتهم إلى الدين، والحياة، والواقع، والناس، والأعداء، وكل شيء، فأوصلهم إلى ما وصلوا إليه.
تلك النقلة الهائلة التي تحقّقت برسول الله، من خلال نشاطه في إطار تلك المهمَّة المقدسة، قدَّم للأُمَّـة، قدَّم للبشرية ذلك الهدى، كان مجتمع قريش وكان العرب يلاحظون على رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بنظرتهم الجاهلية: [أين هي كنوزك؟ لماذا لا تمتلك إمْكَانات زراعية، أَو إمْكَانات مالية؟ لماذا لا تمتلك بيتاً من زخرف؟ لماذا لا تمتلك بيتاً من الذهب؟ لماذا لا تمتلك كذا وكذا؟ أين هي أرصدتك المالية؟]، لكنَّه قدَّم لهم الهدى، الذي يصلح دينهم ودنياهم، يغيّر واقعهم بكله، كانت أنظارهم أن الذي يمكن أن يتغير به واقعهم هو: لو أتى إليهم نبيٌّ يمتلك ذهباً كَثيراً، كنوزاً ماليةً كثيرة، أَو يمتلك مزارع ضخمة يطعمهم منها، ويقدِّم إليهم سلال الفواكه منها… أَو غير ذلك، نظرةً ماديةً بحتة، كانوا يجهلون أن ذلك النور والهدى الذي يقدِّمه لهم هو أغلى من كُـلّ كنوز الأرض، هو الذي تصلح به حياتهم، تسمو به نفوسهم، تزكو نفوسهم، يرتقي بهم في دنياهم وآخرتهم، وفعلاً في مرحلة وجيزة تغيرت حالتهم وحياتهم تماماً، تحولوا إلى قادة عالميين، بعد أن كان الواحد منهم يقود بعيره في الصحراء، ليس له أي أهميّة في هذا العالم، تحولوا إلى قادة عالميين، واجهوا إمبراطوريات، وواجهوا دولاً ظالمة، وكيانات مجرمة على هذه الأرض، وصنعوا تغييراً هائلاً في العالم، وتحولت حياتهم إلى قادة وأمراء كبار على مستوى النفوذ والتأثير العالمي. القرآن، الإسلام، الهدى، هو الذي حقّق تلك النقلة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}، عزة وحكمة، وسمو إنساني، وارتباط بالتعليمات الإلهية المقدسة، المباركة، وهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتحولوا إلى أُمَّـة تتعلم، تعطي قيمةً للعلم، أهميّة للعلم، بعد أن كانوا أُمَّـة أمية، ولكن بذلك العلم الذي أتاهم من الله، ذلك النور العظيم، تلك المعارف التي كان يقدِّمها لهم رسول الله بكل نقاء وصفاء، وإلَّا كان هناك عنوان التعليم وعنوان الكتاب لدى من يطلق عليهم أهل الكتاب (اليهود والنصارى)، لكن ما لديهم كان محرفاً، مشوباً بالأباطيل والضلال والخرافات، يشقي الناس، يضلهم، يفسدهم، ليس فيه هداية للمجتمع البشري، ولهذا عندما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لرسوله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ليكون تعليماً لكل إنسان، ولكل مسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإنسان مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأكرم (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: 1-5]، لتصبح صلتنا بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” صلة في هدايته، في تعليمه، فيما يقدِّمه لنا من النور، والمعارف العظيمة، والتعليمات العظيمة والراقية، التي تصلح الحياة.
لهذا تكون الثمرة في الجيل الناشئ -إن شاء الله- أن يكون جيلاً واعياً، يمتلك الوعي، عندما ينطلق على هذا الأَسَاس، وفقاً لهذه التوجّـهات، أن يكون حكيماً، راشداً، زكياً، ومؤمناً، وأن يكون حُراً عزيزاً، وأن يتَّجه عمليًّا، يكتسب المعرفة للعمل، جيل عملي، لا يتعلم علوماً هكذا مُجَـرّد مقروآت ومكتوبات ليس لها أثر في نفسه ولا في حياته، بل ضمن مشروع عملي، يكتسب المعارف للعمل، يتَّجه لبناء حضارة إسلامية بتوجّـه جهادي، جيل يريد أن تكون أمته المسلمة أُمَّـة قوية، لا تعتمد على أعدائها في قوتها وغذائها ومتطلبات حياتها الضرورية، أُمَّـة منتجة، وأمةً قوية، تكتسب كُـلّ ما تحتاج إليه من القوة المعنوية، والمادية، والوسائل، والأسباب؛ لتواجه أعداءها، لتحمي نفسها، لتنهض بمسؤولياتها المباركة والمقدسة والعظيمة، فتتحَرّك في أداء مسؤولياتها العالمية، وجيلاً محصناً، جيلاً محصناً من الحرب الناعمة، كُـلّ أولياء الشيطان من فئات الضلال -على رأسهم الصهيونية العالمية- يستهدفون الناشئة والأطفال، يستهدفون المجتمع البشري بكله (كباراً وصغاراً وأطفالاً، رجالاً ونساءً) للإفساد والتمييع والتضييع، وتدمير القيم والأخلاق، وضرب المفاهيم والأفكار والثقافات، وهذا شيء معروف، حربهم الناعمة بشكل هائل جِـدًّا.
وصل بهم الحال في المجتمعات الأُورُوبية أنهم لم يكتفوا بما هم عليه، وما هم فيه، مما قد وصلوا إليه من الضلال والفساد، والانحلال الأخلاقي، والتضييع للقيم، والضرب حتى للمفاهيم في هذه الحياة، بل يركزون في بعض الدول الأُورُوبية على أطفال المسلمين، على أطفال المسلمين، ويذهبون بعد أن يعرفوا أنه ولد مولود في أسرة مسلمة، مهاجرة هناك، تعيش هناك في تلك الدولة الأُورُوبية أَو تلك، يذهبون ليأخذوا الطفل من أحضان أمه إجبارياً رغماً عن أسرته، ليأخذوا الطفل على أبيه وأمه، ويأخذونه وهو لا يزال رضيعاً، أحياناً بعد أن يولد، بعد أن يعرفوا بولادته يأخذونه على أسرته، لماذا؟؛ لأَنَّهم لا يريدون أن يحظى بتربية أسرته المسلمة، فيتربى على القيم، على الإسلام، على الأخلاق، يريدون أن يأخذوا من تلك المرحلة، من طفولته المبكرة، وهو لا يزال رضيعاً، لا يزال في المهد، ويقومون هم بأخذه إلى أماكن خصصوها لهذا الغرض، فيقومون بحضانته لتلك المرحلة، ثم يبدؤون هم بتسميم أفكاره، بتلقينه بضلالهم، بباطلهم، بكفرهم، كذلك بتربيته على الفساد، وصل بهم الحال أنهم يربون الأطفال في المدارس على الشذوذ الجنسي والفساد الأخلاقي، هم متخلفون عن الإنسانية، عن القيم، عن الكرامة، وهذا هو أسوأ أشكال التخلف، هم أصبحوا يعيشون حياة بهيمية وأسوأ من الحيوانات، حالة رهيبة وشنيعة.
فتلك الحالة التي يركزون فيها هناك هم يركزون على مجتمعاتنا، هم يستهدفون شبابنا وناشئتنا بكل الوسائل والأساليب في حرب ناعمة، على المستوى الفكري والثقافي، والمفاهيم، والتصورات، والمعتقدات، حرب ضروس جِـدًّا، بإمْكَانات ووسائل غير مسبوقة في التاريخ البشري، أمامك في هذا العصر الإنترنت، أمامك القنوات الفضائية، وسائل متنوعة، ومعها أساليب متنوعة مدروسة، درسوا أساليب كثيرة للتأثير على الناشئة، على الشباب، على الكبار، على الصغار، كُـلّ في مستوى عمره (على الرجال، وعلى النساء)، فهم يستهدفون شباب الأُمَّــة الإسلامية وجيلها الناشئ بحربٍ غير مسبوقة، لا في إمْكَاناتها، ولا في وسائلها، ولا في أساليبها، على المستوى الثقافي والفكري، على مستوى المفاهيم، المعارف، التصورات، وعلى المستوى السلوكي والعملي والأخلاقي؛ ولذلك لا بُـدَّ أن يكون هناك سعي لتحصين الناشئة والأطفال، يشتغلون عبر أنظمة، عبر منظمات، المنظمات تلعب دوراً في ذلك.
هذه جوانب مهمَّة جِـدًّا يجب أن نأخذها بعين الاعتبار، وندرك من خلال كُـلّ ما ذكرنا قيمة وميزة، وأهميّة هذه الدورات.
فيما يتعلق ببعض التوصيات التي نوجهها إلى المعنيين بهذه الدورات:
- أولاً: إلى الجهات المعنية في الجانب الرسمي: نحن نؤكّـد عليهم أن يقدِّموا الدعم للدورات، وأن يفوا أَيْـضاً بما يقدمونه من التزامات ووعود تجاه ذلك، وأن يبادروا إلى ذلك؛ لأَنَّ هذه الدورات لا بُـدَّ لها من التمويل، لا بُـدَّ لها من الاهتمام، في المتطلبات الضرورية في الحد الأقصى والأدنى يعني، الحد الضروري، الضروري بكل ما تعنيه الكلمة.
- فيما يتعلق بالمجتمع: نحن نؤكّـد على أهميّة أن يتَّجه الآباء والأُمهات بالدفع بأبنائهم، وأن يستشعروا مسؤوليتهم تجاه ذلك، وأن يتابعوا وضعهم أثناء فترة الدراسة في الدورة نفسها.
- كذلك نؤكّـد على أهميّة التعاون بمبادرات مجتمعية بحسب القدرة، مع الدورات نفسها، المجتمع كذلك أن يسهم، أن يتعاون لدعم هذه الدورات مادياً ولإنجاحها.
- ثم نؤكّـد أَيْـضاً ألَّا يكون هناك تأثُّر بالشائعات من جانب الأعداء وأبواقهم، الأعداء هم ينزعجون من هذه الدورات انزعَـاجاً شديداً، وعادةً تبدأ وسائلهم الإعلامية بحملات منظمة، حملات إعلامية تهاجم هذه الدورات، وهذا شيء معروف بالنسبة للجهات الموالية لأمريكا وإسرائيل، ثم لديهم أبواق في المجتمع تنشط كذلك للتحذير، امتداداً لنشاطهم.
- نؤكّـد على أهميّة الحضور والتشجيع لهذه الدورات، ولمنتسبيها من الشباب والنشء، أن يحضر المجتمع في الفعاليات، في المناسبات، في الأمسيات؛ لأَنَّ في هذا تحفيز وتشجيع؛ لأَنَّ هناك عادةً في الدورات الصيفية أمسيات أسبوعية، مناسبات كذلك، فمهمٌّ حضور المجتمع للتشجيع والتحفيز والمشاركة.
- أيضاً الزيارات، الزيارات من العلماء، ومن الشخصيات والوجهات، وكل من يستطيع أن يساهم في هذا الجانب ويفيد؛ للتشجيع، والتحفيز، والنصح… وغير ذلك.
- كذلك نؤكّـد على أصحاب القدرات التثقيفية والتعليمية، والمعلمين، والعاملين في المدارس أَيْـضاً أن يساهموا في الدورات، بما وهبهم الله من قدرة تعليمية، بما يمتلكونه من علم ومعرفة، أن يتجهوا إلى هذا الجيل الذي هو جدير بالاهتمام به، هذا الجيل الناشئ هو ذخر هذا المجتمع، هو مستقبل هذا البلد، وهو جديرٌ من الجميع بالاهتمام، بالعناية بالاهتمام في تربيته وتعليمه، وتنشئته نشأةً إيمانية بالمفهوم العظيم، والهُــوِيَّة الإيمانية العظيمة.
- كذلك الذين ينطلقون: البعض ينطلق للتعليم، للمساهمة في ذلك، أن يكونوا متقنين في عملهم، يحرص على أداء مهمَّته في التعليم بشكلٍ راقٍ، يحرص على أن يقدِّم ما ينفع، على أن يبذل جهده؛ ليكون مفيداً، وجاداً، ومهتماً في مسألة التدريس، فيكون عندهم اهتمام بالتحضير، أُسلُـوبُهم في التعليم، الاهتمام، الاستمرار أَيْـضاً، البعض يساهم أسبوع، أسبوعين، ثم يذهب ولا يستمر، فيحتاج إلى مواصلة واستمرارية. كذلك التجسيد للقُدوة الحسنة في التعامل مع الطلاب، في الالتزام الديني والعملي؛ لأَنَّ لهذا أهميَّةً كبيرةً في التعليم، والتأثير العميق في النفوس، وهذا شيء مهمٌّ.
- بالنسبة للطلاب كذلك: نوصيهم باستشعارِ الفُرصة، وبأهميَّة أن يدركوا أهميّةَ الإقبال على هذه البرامج الإيمانية، نؤكّـد عليهم بالاهتمام المُستمرّ أثناء الدورات، والحرص على الاستفادة في كُـلّ الجوانب العلمية والتربوية، فهم محور عملية التعليم، بقية الأشياء هي مساعدة لهم على ذلك.
- نؤكّـد أَيْـضاً على الإخوة في المجال الإعلامي: أن يشجعوا هذه الدورات، أن يهتموا بها، التفاعل مع الدورات وإبراز أهميتها، التغطية للبرامج والفعاليات بما يناسب هذا شيءٌ مهمٌّ.
- كذلك نؤكّـد على الإخوة المعنيين بإدارة هذه الدورات، في الإدارة العامة وفروعها:
- أولاً: بالاهتمام بالتأكّـد من جهوزية المدارس لبدء الدورات، المواكبة منذ البداية؛ لأنه يحصل أحياناً مهادنة؛ فيتعطل هذا النشاط في مناطق أَو في أماكن؛ لأَنَّه لم يكن هناك اهتمام منذ البداية.
- كذلك التفقد للدورات؛ لمعرفة سير البرامج، ولتلافي الخلل والإشكالات التي تحصل، في الوقت المبكر والمناسب.
هذه جوانب مهمَّة؛ نأمل الملاحظة لها، والاهتمام بها.
نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.