فلسطين.. قسيمُ الإيمَـان والنفاق
الشيخ موسى المعافى*
تحت وطأة الإذلال والاحتلال..
تشقى أمتنا في فلسطين منذ ما يزيد على سبعين عاماً..
تخيَّلوا!!
كم من أرواح أزهقوها..
كم من دماء سفكوها..
كم من أسر شردوها..
وكم من أطفال يتموها..
وسكينة نحروها..
ومنازل على رؤوس الساكنين فيها هدموها..
ومزارع مخضرة جرفوها..
وآمال تحت تراب القهر والاستبداد وبكل وحشية وأدوها..
سبعون عاماً وأهلنا في فلسطين للدمع دماً يذرفون..
ولأحبابهم وفي كُـلّ يوم يفقدون.
ولأبشع المجازر الوحشية يتعرضون..
سبعون عاماً وأحفاد القردة والخنازير للمقدسات الإسلامية يدنسون..
وَللنسل والأرض يحرقون..
ولحرائرنا يا -مسلمون- يغتصبون..
ذلك وما هو أبشع من ذلك أجرمه اليهود الغاصبون بحق شعبنا الفلسطيني المؤمن، المجاهد، الصابر، الصامد، على مرأى ومسمع من ما يقارب ملياري مسلم للأسف الشديد..!!
اثنتان وعشرون دولة عربية إسلامية هم منطقتنا.
ناهيك عن أُمَّـة الإسلام في كُـلّ بقاع هذا العالم..!!
زعامات وحكومات وجيوش وعتاد وأسلحة وذخائر وموازنات..
دبابات ومجنزرات وصواريخ وطائرات..
وسفن وبوارج حربية وأموال لا يحصي عددها إلا رب الأرض والسماوات..
ولا تحَرّك هذه الأُمَّــة ساكناً..
وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد.
ويصعد بنو صهيون عبثهم وبغيهم وطغيانهم منذ السابع من أُكتوبر فيحصدون أرواح الأبرياء بغزة العزة حصداً..
وَلا يدخرون لإبادة شعبها جهداً..
ولكأنهم يوقنون أن لا حياة في أُمَّـة المليارَي مسلم فلا يخافون منهم رداً..
فيا أُمَّـة الإسلام والمسلمين ماذا أصابكم..!؟
في قعر أي مستنقع سقطتم..؟
وبحضن أي باطل ارتميتم..!؟
ولمن يا هؤلاء غير ربكم استجبتم!؟
ماذا أصابكم..!!؟
من خانكم؟
من خدعكم!؟
من بشرعنة جرائم اليهود بحق أمتكم أقنعكم!؟
كيف لكل هذه المآسي والنكبات والكوارث تشاهدون..!!
ولا تغضبون!؟
وَلنجدة إخوانكم في القدس الشريف وغزة وسائر الأراضي المحتلّة لا تهبون..!؟
وَعلى أنظمة الخزي والعار والهوان لا تثورون..!؟
إن الشاة لا بدّ أن تسقى قبل ذبحها فليس من الرحمة والمرؤة أن تذبح وهي عطشانة..!!
ويغضبنا جميعاً أن يقسو أحدهم فيقدم على ذبح حيوان حال جوعه أَو عطشه..!؟
فكيف لا نغضب لأمة تباد وتحرق وتذبح بأطفالها ونسائها وشيوخها ومعوقيها ومرضاها وجرحاها وهم جوعى وعطشى..
والأدهى والأمر من ذلك أن نرى دولاً عربية إسلامية بعلمائها وقياداتها يثرثرون بلا حياء من العظيم سبحانه، وَلا من رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا من جماهير المسلمين الأحرار وغيرهم من أحرار هذا العالم..
فيدينون مقاومة رجال الله الأبطال..
ويحملون حماس مسؤولية ما يتعرض له أبناء غزة من وبال..
وَيحرمون كُـلّ مظاهر النصرة على شعوب دولهم للمظلومين في فلسطين ويمارسون على أمتهم الإضلال..
والطامة الكبرى في عصرنا هذا حقاً أن تنبريَ دول الطوق -عربًا ومسلمين- حول الأراضي المحتلّة للتصدي لهجمات دول محور المقاومة لمنعها من إصابة أهدافها بالكيان الغاصب الإسرائيلي..
والمصيبة حقاً أن تبذل المساعدات الإنسانية من دولنا العربية والإسلامية -للأسف الشديد- لمستوطنات اليهود..
بينما تحتجز ما يزيد على عشرين ألف قاطرة تحمل الغذاء والدواء ومستلزمات الحياة من المساعدات الإنسانية القادمة من شتى الدول لإغاثة المنكوبين المظلومين البائسين في غزة العزة..
تحتجز في صحراء سيناء -معبر رفح- مصر العربية الإسلامية للأسف الشديد..
وَتحتجز أمانة علماء الأزهر الشريف وشعب مصر وشرفاء مصر خلف معبر ضعف الإيمان والخوف من جبروت السلطان..
ونسيان أن لا خوف إلَّا من الملك الديان.
إنها المعابر وما أكثرها يا -سادتي القراء-.
فمعابر احتجزوا خلفها مرؤة الشعوب العربية والإسلامية..
وأُخرى احتجزوا خلفها كرامة الأُمَّــة وحريتها ونجدتها ونخوتها وثقافة قرآنها ومبادئ دينها وإسلامها… وهلم جراً.
كُـلّ شيء جميل في (خير أُمَّـة) وضعوه خلف معبر قبيح تم أنشأوه على حين غرة من أبناء الإسلام فأتقنوا إنشاءه وسِرًّا..
وحين أيقنوا أنهم قد بلغوا الغايات من تلك المعابر القذرة خرجوا يسومون أمتنا سوء العذاب وجهراً..
فبيض الله وجه كُـلّ مسلم حر شريف أعمل قول ربه (فقاتلوا) ولم يهملها..
وغضب لله ولحرم الله حين سمع قول ربه (إلا تنفروا..) نفر في سبيله بائعاً له ومنه سبحانه ماله ونفسه وزهد في مواطن راحته فلم ينزلها..
واستخدم كُـلّ ممكناته وَبذل مستطاعاتِه حين سمع قول ربه (قاتلوهم….) وَعجل بالنصرة لإخوانه المستضعفين ولم يؤجلها.
* عضو رابطة علماء اليمن