العطلةُ الصيفية والاستفادةُ منها
بشرى المؤيد
ما إن يكمل الطلاب دراستهم حتى نفكر كيف نجعل أبناءنا يستثمرون أوقاتهم خير استثمار؟ كيف يستغلون أوقاتهم فيما يغذي عقولهم، ويبني أجسادهم، وتسمو أرواحهم، وَيقضون صيفهم فيما ينمي مهاراتهم، قدراتهم، أفكارهم تنمية صحيحة تفتح لهم آفاقاً جديدة يستفيدون منها؟
فالطلاب بعد دراسة وامتحانات لا بدّ لهم من إجازة يستعيدون فيها نشاطهم الحركي والذهني، ووعي بمدى أهميّة وقتهم الثمين فيما يجعلونه مثمراً ومفيداً لهم وَلخدمة وطنهم.
لقد جاءت الدورات الصيفية تحل للآباء والأُمهات المشكلات التي يواجهونها، حَيثُ يقضي أبنائهم معظم الأوقات في الشوارع من دون استغلال أوقاتهم فيما ينفعهم أَو يقضون أوقاتهم في الألعاب الإلكترونية التي تجعلهم في عزلة عن الواقع وتجعلهم أكثر توتراً، أكثر عصبية، أكثر نسياناً؛ وهذا ما يريده الأعداء من أبناء الأُمَّــة أن يكونوا جيلاً بلا فائدة، بلا مستقبل، بلا هُــوِيَّة، بلا طموح، بلا أهداف، يعيشون بلا تفكير أَو رؤية مستقبلية لأنفسهم ولبلدهم.
إن أكثر ما يشغل بال الآباء والأُمهات هو صلاح أبنائهم وصلاح أعمالهم وَالتوفيق في جعل أبنائهم يختارون لأنفسهم أصدقاء مميزين يكملون معهم مسيرة رحلتهم، بحيث تتوفر فيهم صفات الأخلاق الطيبة، والحسنة، والخوف من الله؛ فالأصدقاء الطيبون يرفعون وَالعكس الأصدقاء السيئون يجعلونهم يخسرون في دينهم وَدنياهم.
مشروع المدارس الصيفية كما قال السيد القائد -سلام الله عليه- هو مشروع تربوي تثقيفي، يبني إنساناً واعياً مستنيراً بثقافة القرآن الكريم، ويصحح المفاهيم الدينية وَالثقافية المغلوطة مما يتلقاه الطالب من غير مصادره الصحيحة؛ فالأعداء يتوجّـهون أَسَاساً إلى ضرب القرآن في نفوس الناس ويجعلونهم ينفصلون عنه بإشغال أذهان الناس بما لا يفيدهم.
تخيل عزيزي الأب وعزيزتي الأم حين تجدون ثمار الدورات الصيفية تنعكس في سلوك أبنائكم، في وعيهم، في فكرهم، في رشدهم؛ ستكون نعمة عظيمة أن ينمو جيل مؤسّس أَسَاسات قوية، يبنى عليها بناء قوياً، يستطيع خلال مراحل عمره أن يواجه بثبات وحكمة ما يمر عليه من تحديات في حياته.
جميل أن ترى ابنك أَو ابنتك وهو مكون من مكونات بناء الوطن الذي ستزدهر وتتقدم وتتطور البلاد بهم؛ فهم اللبنات السليمة التي ستجعل من بلادنا بلاداً تنافس الدول العظمى في صناعتها، زراعتها، استثماراتها، تجارتها، تعليمها، جميل أن نرى بلادنا تتطور وتتقدم إلى الأمام بمجهودنا، وعلمنا، وتعاوننا، وتكاتفنا، وصبرنا وتحملنا لمصاعب كثيرة تواجهنا، والأجمل من ذلك أن يكون واقعاً تعايشه وتشارك في بنائه وتطوره.
نسأل الله التوفيق والإخلاص في العمل، ونسأله التيسير في أمورنا وقبول أعمالنا في ميزان حسناتنا، ونسأله التوفيق في الدنيا والآخرة ورضاه عنا، نسأل الله سبحانه أن يؤلف القلوب ويجعلها تعمل في مرضاته “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْیَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”.