محافظ عدن طارق سلّام في حوار خاص لصحيفة “المسيرة”: موازين القوى تغيَّرت واليمن أصبح الأقوى في المنطقة ويُعمَلُ له ألفُ حساب
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي:
قال محافظُ عدن طارق مصطفى سلام: “إن الاحتلال الإماراتي السعوديّ بات يدرك اليوم حجم المستنقع الذي ورط نفسه فيه، وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة”.
وَأَضَـافَ في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن “الأصوات المناهضة للأطماع السعوديّة الإماراتية في المحافظات اليمنية المحتلّة ارتفعت بشكل ملحوظ، وأن اليمن اليوم ليس كما ظن المحتلّون ورسموا أحلامهم على حسابه، فقد تغيرت الموازين والقوى”.
إلى نص الحوار:
– بداية.. كيف تقرؤون حالة الفشل التي تعيشها المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.
لا شكَّ أن حالةَ الفوضى والضياع التي تشهدُها مناطقُ سيطرة الاحتلالِ السعوديّ الإماراتي تأتي في إطارِ مسلسلِ التدمير والعبث الذي يمارسُه المحتلُّ وأدواتُه كإحدى وسائل الإذلال والتركيع التي تهدفُ من خلاله تلك القوى الطامعةُ للاستحواذِ على مقدرات الوطن وثرواته وتمكينِ مرتزِقتها من السيطرة الكاملة على مقومات البلد في الوقت الذي يعيشُ فيه المواطن أوضاعاً معيشية صعبةً يفتقرُ لأبسط مقومات الحياة وأبسط المتطلبات المعيشية الأَسَاسية كالغذاء والدواء والمياه والكهرباء وغيرها من أَسَاسيات العيش الذي باتت اليوم صعبة المنال في ظل سيطرة مليشيات التحالف وأدواته، ناهيك عن تدهور الأوضاع الأمنية وغياب الاستقرار وتفشِّي القتل والاختطافات خارج القانون وكأنك تعيش في غابة وليس في أرضك ووطنك.
– هناك تحَرّكات مشبوهة في هذه المحافظات كوجود عناصر للموساد في المخاء وقواعد عسكرية في سقطرى وردم في سواحل المكلا؛ بهَدفِ استقبال سفن عسكرية حربية أمريكية.. ما تعليقكم على ذلك؟
بالتأكيد هناك تحَرُّكٌ غربيٌّ كثيفٌ وغيرُ مسبوق يهدفُ إلى محاولة إحداث حالة من التوسع والسيطرة على أبرز الأراضي اليمنية ذات المقومات العالية؛ بما من شأنه أن يكون ورقة ضغط وصَدٍّ لتحَرّكات صنعاء المدافعة عن القضية الفلسطينية وعملياتها البطولية الشجاعة ضد الكيان الصهيوني ومموليه؛ وهو ما دفع بتلك القوى الغربية وقوى الشر والاستكبار العالمي إلى توسيع نفوذها في تلك المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا التحالف، وهذا إن دلَّ على شيء فَــإنَّما يدُلُّ على حالة الفشل والعجز التي وصلت إليها أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا في التصدي لعمليات القوات المسلحة اليمنية وسعيها لاستخدام وسائل أُخرى قد ترى أنها قد تفيدها بعضَ الشيء ولكنها في الحقيقة لن تزيدَها سوى خسارة وضعف، وبالتأكيد فَــإنَّها ستكون أَيْـضاً محط اهتمام ومتابعة من قبل القوات المسلحة اليمنية وأسلحتها الاستراتيجية الضاربة التي لن تتهاون في التصدي لأية قوة أَو تحَرّك مشبوه من قبل القوات الخارجية الطامعة في اليمن والمهدِّدة لأمنه واستقراره.
– وماذا بشأن توسعة مطار الريان والإنشاءات الجديدة في مرافقه.. ما الغرض منها برأيكم؟
الإمارات مؤخّراً سعت إلى استحداث سجون سرية في مطار الريان وإغراقه بمئات الضحايا الجدد؛ لأجل الهدف الذي كرست كُـلّ طاقتها؛ مِن أجلِ تحقيقه، وهو بسط نفوذها على أكبر قدر ممكن من الأراضي الجنوبية في ظل الصراع المحتدم بينها وبين حليفتها السعوديّة واختلاف المصالح التي أَدَّت مؤخّراً بينهما لانفجار الأوضاع وطفوها على السطح؛ وهو ما ينذر بواقع جديد ومغاير سيدفع بكل الطرف إلى محاولة التخلص من الآخر ونفوذه، ومن أجل ذلك تم استحداث سجون جديدة في مطار الريان وغيره؛ مِن أجلِ تكميم الأفواه المناهضة لسياسة الإمارات وانتهاك الحقوق ومصادرة الحريات؛ بما يضمن بقاء سيطرتها الاحتلالية على الأراضي اليمنية، ومن هنا نحذر من خطورة هذه المخطّطات الإجرامية التي تنتهجها الإمارات والسعوديّة في الأراضي اليمنية الجنوبية المحتلّة، وندعو كُـلّ القوى والنخب والمكونات الجنوبية إلى الاصطفاف لصد هذه الأخطار التي تحدق بالوطن والمواطن.
– يمضي الاحتلال الإماراتي بمساره العدائي لليمن مع انكشاف الصهاينة العرب على الملأ.. ما تأثير ذلك على مستوى وعي الشارع الجنوبي والمناطق اليمنية المحتلّة؟
هذا هو ديدن المتصهينين والمطبِّعين، يكيدون للأُمَّـة بنفس الكيد والحقد الذي يكيده اليهود والنصارى، وما نشاهده اليوم من طرق وَأساليب شيطانية تعادي الإسلام والمسلمين وتبرّر للصهاينة المجرمين يؤكّـد بما لا يدع مجالاً للشك أن السرطان الصهيوني استشرى في جسد الأُمَّــة؛ وكانت الإمارات هي الراعية الأول لهذا المشروع الصهيوني الاستيطاني الخبيث المستشري في جسد الأُمَّــة والذي توسعت بؤرته لتصل إلى بعض مناطق سيطرة المحتلّ في عدن وغيرها من قبل أبواق مستأجَرة رخيصة، ومع ذلك فنحن نطمئن الجميع بأن الشعب اليمني في الشمال والجنوب يعي حقيقة هذا المشروع الإجرامي ويدرك مخاطره، ونشاهد جميع تلك المظاهرات التي تخرج بين الفينة والأُخرى في المناطق الجنوبية المحتلّة وتقف إلى جانب إخواننا المقاومين في غزة ومحور المقاومة وتؤيد عملياتها البطولية ضد الكيان الصهيوني وبرغم المضايقات التي حدثت مؤخّراً على بعض أئمة وخطباء المساجد وتم اختطاف البعض منهم، بالإضافة إلى أن بعض الناشطين الذي وقفوا ولو بالكلمة مع مظلومية الشعب الفلسطيني تم اختطافهم، وبرغم كُـلِّ هذه الحملة الشعواء إلا أنها لم ولن تؤثر على الموقف اليمني المناهِضِ لسياسة الإجرام الصهيونية ووحشيته بحق أبناء غزة.
– هل تغيرت قناعات الشارع هناك بحقيقة المشاريع الاحتلالية التي سوَّقت لها السعوديّة والإمارات؟
نعم، هناك تغيير كبير في قناعة ووعي الشارع الجنوبي، ولا سيما مع ازدواجية المعايير التي تمارسها السياسة الأمريكية بحق أبناء غزة لصالح العدوان الصهيوني؛ وهو ما عزز ثقة أبناء المحافظات المحتلّة بخطورة هذا الواقع المفروض عليهم مع تغير الموازين وانكشاف الهيلمانة الأمريكية الصهيونية وكشف حقيقتها الإجرامية؛ ما دفع بغالبية القوى والشخصيات الثقافية والسياسية إلى المطالبة بمغادرة قوات الاحتلال الإماراتية الأمريكية السعوديّة واتضاح الصورة أمامهم بحقيقة المخطّط الذي يراد لليمن وحجم المصالح التي تسعى تلك القوى الطامعة لتحقيقها على حساب اليمن واليمنيين تحت شعارات تشطيرية عدائية.
– ما الذي تلمسه من تغير في قناعات الشارع ووجاهاته وقياداته ومشايخه… إلخ؟
زادت مؤخّراً وبشكل كبير الأصوات المناهضة للاحتلال السعوديّ الإماراتي ولا سيما تلك الأصوات التي كانت من أكثر الداعمين لها في البداية، وقد تعرَّض للتخوين والتهديد بعض الناشطين الذين ناهضوا اليوم سياسة الاحتلال السعوديّ الإماراتي، حيثُ إن السعوديّة قامت بطرد الناشطين الجنوبيين من أراضيها، وكل ذلك يأتي في إطار حرب المصالح واهتزاز الثقة بين طرفَي الاحتلال في المحافظات الجنوبية المحتلّة، والذي لامس تأثيراته الأدوات على الأرض؛ وكان ذلك بسَببِ تغير الوعي الجنوبي بصراع المصالح بين قُطْبَي الاحتلال، ولا شك أن ذلك التغيُّرَ في القناعات سيتنامى ويتعاظم مع الوقت، وسيشمل كافة القوى من مختلف المكونات والمليشيات.
– بالعودة للتوسع الإماراتي في بناء سجون جديدة في حضرموت.. ما معنى هذا في ظل سمعة سجون الإمارات المنتشرة في المحافظات اليمنية المحتلّة من قبل.. هل تحضِّر لمرحلة جديدة؟!.. ألم تقتنع أن أموراً كثيرة قد تغيرت وأنها لن تكون في صالحها؟
غاية الإمارات ما زالت حاضرة، نفس الهدف لم يختلف وإن تغيرت الأماكن والظروف.. المحتلّ طالما هو مُستمرّ بأحلام السيطرة وفي نهجه الأرعن فلن يرضى بصوت يناهض سياسته، ولا سيما مع وجود مخاطرَ تحدق به من كُـلّ النواحي واختلاف الموازين حتى باتت الأخطار تلاحقه؛ فالسجون سيئة الصيت والسمعة سوف تكتظ بمئات وعشرات المدنيين والعسكريين الذي يناهضون هذا المحتلّ، وبما أنَّ الإمارات ما زالت تسعى لبناء سجون جديدة فهي في الحقيقة تتجهَّزُ لمرحلة جديدة تظنُّ أنها ذاتُ مخاطر، وقد تجد أصواتاً مناهضةً لها، وسنترك الأمر للأيام حتى تكشف لنا هذه الحقائق والأهداف الإماراتية الطامعة.
– مع الفشل الاقتصادي الذي تعانيه المحافظات المحتلّة.. أليس من السخرية حديث المرتزِقة عن نقل البنوك اليمنية كما تم نقل البنك المركزي إلى عدن من قبلُ، والذي يعبر عن حالة الفشل الكبير في إدارة دفة الاقتصاد هناك؟
الحرب الاقتصادية التي تشنها دول العدوان الأمريكي البريطاني السعوديّ الإماراتي على بلادنا تأتي بعد فشل ذريع وهزيمة نكراء تلقتها تلك القوى المتآمرة على بلادنا بعد عدوانها الفاشل منذ تسعة أعوام.
ولا شك أن ما تقوم به حكومة الارتزاق من محاولات ومساعٍ لنقل البنوك إلى عدن يأتي في إطار الحرب الاقتصادية التجويعية التي تشنها دول العدوان منذ اليوم الأول لعدوانها على اليمن، حَيثُ بدأت بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتسبب ذلك القرار بانهيار الوضع الاقتصادي وَمفاقمة الأوضاع الإنسانية غير المسبوقة، حيثُ إن هذه المحاولات تحلم بضرب الجبهة الاقتصادية الداخلية وإيجاد ثغرة لتمرير مخطّطاتها الاستعمارية التركيعية؛ في رَدٍّ منها على موقف صنعاء المقاوم للطغيان الأمريكي الإسرائيلي على إخواننا في غزة ومحاولةٍ لتثبيط العزيمة اليمنية عن مواصلة التصدي لهذا العدوّ على كُـلّ المستويات.
– كيف نفهم هذه الدعوات من المرتزِقة للبنوك؟
لا شك أنه -وبعد فشل العدوان في الحرب العسكرية ومساعيه الرامية إلى إيجاد أي نصر يُذكَرُ أَو ردع لقوة صنعاء وعملياتها البطولية في البحار- دفع بكل إمْكَانياته ومقوماته المهولة إلى تبني سياسة الحصار والتجويع؛ في محاولة منه لتركيع الشعب اليمني وإيجاد حالة من الفوضى والبلبلة لإحراز أي تقدم في إطار المفاوضات الجارية، إلا أن كُـلّ تلك المساعي باءت بالفشل واستطاع الشعب اليمني -بفضل الله وبحكمة القيادة الثورية والسياسية- ردع تلك المؤامرات بكل الوسائل والإمْكَانيات المتاحة، وها نحن بفضل تلك الإرادَة نجني ثمار ذلك الصمود ونرى كيف تمكّنت الإدارة الحكيمة لهذه الأزمة من الصمود ومجابهة التحديات وكيف أن الوضع الاقتصادي أفضل بكثير في المحافظات الحرة مقارنة بالوضع الاقتصادي المنهار والمتردي في المحافظات المحتلّة.
– أمام الأحداث المتسارعة.. كيف تنظرون إلى المشاريع الاستعمارية وما مستقبلها في ظل تأكيدات القيادة الثورية المتواصلة بعدم القبول بها؟
فيما يتعلق بمشاريع المحتلّ وأطماعه فهي بالحقيقة باتت حبراً على ورق؛ وقد بات المحتلّ اليوم يدرك حجم المستنقع الذي وقع فيه في اليمن حَيثُ الخسارة فادحة، وهو الآن حائر ما بين الخروج المخزي الذي يتحتم عليه الفرار منه، أَو انتظار المستقبل المهين الذي لا مفر منه، وفي كلتا الحالتين هو يلفظ أنفاسه، ويعد أيامه، ويعيش آخر أحلامه التي وُئِدَت في اليمن وستتلاشى إلى ما لا نهاية.
– ما الذي يصلكم من الناس في المناطق والمحافظات اليمنية المحتلّة من شخصيات ووجاهات وقيادات من رؤى وأفكار وقناعات قد تعجِّلُ بطرد المحتلّ؟
الذي يصلنا معاناةٌ وأوجاعٌ ومآسٌ لا حصر لها، وَأَيْـضاً مطالبات بإنقاذ حال الناس الذي وصل إلى الجحيم؛ فلا خدمات متوفرة ولا أمن ولا حياة ولا غذاء، فالمحتلّ دمّـر واستباح وانتهك كُـلّ ما من شأنه أن يعود بالنفع على الوطن والمواطن، والناس باتت عاجزة وحائرة كيف يمكنها التغلب على هذه المأساة، ولكننا واثقون من أن المحتلّ بات يلفظ أنفاسه الأخيرة ومصيره إلى الزوال، وكلما كان الإجرام أكثر كانت النهاية أقوى وأكبرَ وَقْعًا وأشد إيلامًا له.
– ختامًا.. ما مستقبل تحالف العدوان في المحافظات المحتلّة في ضوء متغيرات الساحة المحلية والإقليمية والدولية؟
النهاية المُهينة والبشعة هي مصيرُهُ المحتوم، وَلا مفرَّ منها؛ فالدماءُ التي سُفِكَت والأرواحُ التي أزهقت والحُرُماتُ التي استُبيحت وانتُهكت والمآسي التي تفاقمت لن تمُرَّ دون حساب وعقاب، واليمن اليوم ليس كما ظنوا ورسموا أحلامَهم على حسابه، لقد تغيَّرت الموازينُ والقوى وتجزَّأت التحالفات، وأصبحت اليمن هي الحلقة الأقوى والأصعب في تلك المعادلة، وباتت القوى العظمى تضرِبُ لليمن ألفَ حساب وتفِرُّ من بحارها وسواحلها بفرقاطاتها وبوارجها وسفنها، ولا شيء يمكنُه أن يوقفَ هذه القوةَ أَو يصُــدَّها بإذن الله.