أمريكا فُضحت.. “الحقوق والحريات” مجرَّدُ كِــذبة
عبدالحكيم عامر
عقبَ حوالي سبعة أشهر من استمرار حرب الإبادة التي يشُنُّها الجيشُ الإسرائيلي في قطاع غزة، بدأت ثورةٌ طلابيةٌ أمريكية مؤيِّدة لفلسطين أُطلقت رصاصتها الأولى من جامعة كولومبيا في نيويورك لتشعل نيرانُها باقيَ الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة لتصلَ إلى دول أُورُوبية في مشهد لم يتعود العالم على رؤيته، في صحوة طلابية من جيل الشباب الباحث عن الحقيقة لما يجري في غزة من إبادة وتجويع، مع أن بلدانَهم هي من تدعم الكيان الإسرائيلي بلا حدود لشن هذه المجازر وهي من تدّعي أنها حامية حقوق الإنسان.
وما لم يكن متوقعاً لهم هو تعامُلُ الشرطة الأمريكية بممارسة العنف لقمع هذه الاحتجاجات التي جاءت سلمية ومن الفئة المثقفة من طلاب الجامعات بنصب الخيام وتزيينها بالعلم الفلسطيني ورفع اللافتات والهتافات، التي يطالب المتظاهرون فيها بوقف إطلاق النار في غزة وقطع الإمدَادات المالية المُستمرّة التي تدعم الجهد العسكري الصهيوني في غزةَ، بل وقطع كُـلّ علاقاتها مع الكيان الغاصب.
وتكمن أهميّةُ الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية أنه يسلِّطُ الضوء على الإبادة الجماعية في المكان الذي تنطلق منه دعاياتُ الصهيونية لتعم العالم، وكما تكمن أهميتُه في تحدث نتنياهو في خطابه عن الحراك الطلابي في أمريكا الرافض للحرب على غزة؛ فهذا يؤكّـد أن هذا الحراك بلغ مستوىً غير مسبوق وأن اللوبي الصهيوني فشل حتى الآن في التصدي لهذا الحراك وإفشاله.
قد يكون الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية بداية لصحوة قد تشمل المجتمع الأمريكي الذي يتشبع بالأفكار الصهيونية، ولولا هذه الأفكار، لما استطاع اللوبي الصهيوني أن يسيطر على القرار الأمريكي.
وَفكرةُ أن العالمَ الغربي حماة الحريات والحقوق في العالم.. أسقطتها غزة وتلك التظاهرات الجامعية في تلك البلدان، وبعد الآن من سيقنع طلابَ وطالبات أُولئك الأساتذة والأكاديميين بأن أمريكا وأوروبا حامية الحقوق والحريات في العالم، وهي لم توفرها لأُمهاتهم وآبائهم وأساتذتهم بالمظاهرة السلمية؟! بل قمعتهم بوحشية شديدة!
وقد أسقط هذا الحراك ما تبقى من شعارات الديمقراطية الأمريكية ويافطات حقوق الإنسان التي حوّلتها واشنطن إلى عصا في يدها لابتزاز الشعوب؛ إذ انتهى كُـلُّ شيء؛ مِن أجلِ “إسرائيل”.
لكنّ الفرصةَ مواتيةٌ اليومَ للوعي بأنها مُجَـرَّد شعارات زائفة وتضليلٍ صهيوني غايتُهم منه السيطرةُ على الشعوب وضمانُ أمن “إسرائيل”.