جبهاتُ الإسناد المقاومة للصهاينة والأمريكان.. نجاحاتُها العسكرية وتعزيزها للشروط التفاوضية
عبدالجبار الغراب
وقائع حالية كان لثباتها تاريخ طويل وممتد لملامح من النضال التأريخي والصمود الأُسطوري، ونتائج محقّقة لمعطيات كثيرة، كان لمقومات وجودها أَسَاساتها العظيمة وبنائها المشهود لجملة طويلة من التضحيات البطولية والجهادية، وإضافاتها الكثيرة التي كان لها الصدارة في البروز والاعتلاء لمحور دول المقاومة الإسلامية، ومرتكزاتها الثابتة الإيمانية ومبادئها وقيمها الإنسانية الدينية المستمدة من روح الدين الإسلامي الحنيف، ونضالها الأَسَاسيّ المتصاعد في مواجهة قوى الشر والاستكبار العالمي وسياساتهم العدائية تجاه دول وشعوب المنطقة وهدفهم الوحيد التسلط والغطرسة والهيمنة ومنعهم لكل ما يحقّق لهذه الشعوب آمالهم وأحلامها في مواكبة مختلف التطورات والتقدم لتحقيق الازدهار والعيش بأمان وحرية واستقلال واستقرار كامل وتام لكل سكان وشعوب المنطقة.
سبعة شهور عاشها صامداً الشعب الفلسطيني المظلوم وفي قطاع غزة بالتحديد، متصديين وبكل حزم وإصرار منقطع النظير، وبشجاعة المجاهدين الأبطال وببسالة المقاومين الأحرار صامدين، مواجهين لآلة الإجرام الإسرائيلية الأمريكية المتواصلة بعدوانهم الوحشي وبارتكابهم للإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، والتي بلغت بها الكارثة المأساوية فظاعتها اللاإنسانية التي ليس لها مثيلاً في تاريخ البشرية، والذين ما زالوا في استمرارهم الجبان يرتكبون كُـلّ أشكال وأنواع الجرائم آخذين من مجلس العار والارتهان للغرب والأمريكان مفاهيمهم الاستكبارية للتربع على القرار لإفشال كُـلّ المساعي الرامية لإيقاف الحرب الإسرائيلية، ولارتكاب المزيد من القتل والدمار وتصفية كُـلّ ما يتصل بالإنسان من إمْكَانية للحياة وقابلة للعيش حال انتهاء العدوان.
فجبهات الإسناد المقاومة للأمريكان والصهاينة تحَرّكت ومن يومها الثاني لمعركة طوفان الأقصى فكان للمقاومة اللبنانية حضورها ودخولها المباشر وإسنادها الفعلي للشعب الفلسطيني عسكريًّا، شاغلة بذلك كيان الاحتلال ووحداته العسكرية والتي هرعت من الجنوب بأكثر من ثلثها إلى الشمال لصد هجمات حزب الله اللبناني، لتلحق بهم الخسائر الكبيرة في مواقع العدوّ العسكرية وأجهزته التجسُّسية والاستخباراتية، واضعه كُـلّ المستوطنات الإسرائيلية وبأعدادهم التي تفوق المِئة ألف مستوطن في عداد النازحين، فارضةً بذلك قواعدَ اشتباك جديدة يصعب على الكيان اختراقها، ومن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان لخروجها من صبرها الاستراتيجي وشنها لعملية عسكرية تاريخية على كيان العدوّ الإسرائيلي أبعادها العظيمة في تحديدها لقواعد اشتباك وضعت الكيان تحت نطاق الاستهداف الإيراني، وبذلك العدد الكبير من الطائرات والصواريخ والتي وصلت لأهدافها في الأراضي المحتلّة، ومن العراق ومقاومتهم الجهادية الذين أسندوا الفلسطينيين بهجماتهم المتعددة بالصواريخ والمسيّرات لأكثر من مدينة في الأراضي المحتلّة.
وعسكريًّا كما هو حال اليمن وشعبها العزيز وإسنادهم القوي للفلسطينيين بالأفعال، ضاربين أروع المواقف الإنسانية، فارضين معادلات قوية على الكيان الصهيوني بمنع سفنه من العبور والمرور، وكل سفينة لها علاقة مع الكيان من البحرين الأحمر والعربي، وُصُـولاً إلى المحيط الهندي حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة، تاركين بذلك تأثيراتها الكبرى اقتصاديًّا على الكيان الإسرائيلي، ليعلن الأمريكان مساندتهم لكيان الاحتلال بشنهم مع البريطانيين حربًا على اليمن لعلهم بذلك يردعون أو يوقفون عمليات الجيش اليمني المساند لفلسطين، لكن كان لليمنيين تغييرهم لموازين القوى العالمية وفرضهم للعديد من المعادلات العسكرية، متفوقين فيها على الأمريكان والإنجليز بحرياً باستهداف سفنهم التجارية والعسكرية والبوارج والمدمّـرات الأمريكية، ليأخذ الثبات اليمني والقوة والبأس والشدة في علوها وفخرها في استمرار عملياتها المساندة، فالمفاجآت العسكرية تصاعدت والصناعات الصاروخية ظهرت وبانت وكشفت عن مداها في السرعة والوصول إلى أبعد أبعد ما يتصوره العدوّ بالصواريخ البالستية وبالطائرات المسيّرة بأشكالها المتنوعة طالت الأراضي المحتلّة، ليسارع الأمريكان باعترافاتهم بخطورة وصعوبة المواجهة العسكرية مع القوات المسلحة اليمنية، وأنهم لم يواجهوا أي حرب في البحار كالدائرة حَـاليًّا في البحر الأحمر منذ الحرب العالمية الثانية، ليقعوا في فخ تورطهم غير المحسوب حسابه لمساندتهم للصهاينة، ليظهروا مهزومين، هاربين، مغادرين غير قادرين على صد هجمات القوات اليمنية.
لتحقّق جبهات الإسناد نجاحاتها العسكرية في كشفها لضعف إمْكَانيات الأعداء وإفشالها لمخطّطاتهم التوسعية في فرض السيطرة التامة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب لصالح الصهاينة، لتعزز بذلك للمقاومة الفلسطينية نقاطها القوية لفرض الشروط لصالح المفاوضات القائمة بين الفصائل الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، فارضة على الأمريكان اعترافاتهم بضرورة إنهاء الحرب الإسرائيلية، والتي كان لوزيرة الاستخبارات المركزية الأمريكية ذكرها العلني أنه بوقف الحرب في قطاع غزة سيقف معها كل تصعيدات جبهات الإسناد في اليمن ولبنان والعراق.